الدعم العسكري القوي الذي توليه الولايات المتحدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، دفع المسؤول البارز بوزارة الخارجية الأمريكية جوش بول لاستقالته من منصبه.
وقال بول الذي أمضى أكثر من 11 عامًا في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، عبر منشور على حسابه الرسمي بموقع "لينكد إن": "لقد اكتفيت من المناقشات والجهود المبذولة لتغيير السياسة بشأن مبيعات الأسلحة المثيرة للجدل للدول التي تنتهك حقوق الإنسان"، في إشارة منه إلى إسرائيل.
وأوضح بول في تصريحات لموقع "هاف بوست" الأمريكي: "كان من الواضح أنه لا يوجد جدال مع هذا، وبما أنني لم أتمكن من تغيير أي شيء، فقد قدمت استقالتي"، مشيرًا إلى أنه "مضطر إلى تقديم الاستقالة"، لأنه كان غير قادر على الضغط من أجل "سياسة أكثر إنسانية داخل الحكومة الأمريكية".
وأعلن بول أنه لا يستطيع دعم المزيد من المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل ووصف رد إدارة الرئيس جو بايدن بأنه "رد فعل متهور" قائم على "الإفلاس الفكري".
كما أضاف بول أن الرد "الإسرائيلي ودعم الولايات المتحدة للاحتلال لن يؤدي إلى شيء إلا المزيد من المعاناة والتصاعد". مشيرًا إلى أن هذا ليس في مصلحة الولايات المتحدة على المدى البعيد.
وفيما يخص العقاب الجماعي لقطاع غزة، أشار بول إلى أنه يتعارض مع فكرة السلام، سواء من خلال هدم منازل أو التطهير العرقي أو الاحتلال والفصل العنصري. مؤكدًا أنه "لا يستطيع العمل داخل الحكومة الأمريكية لدعم قرارات يعتبرها قصيرة النظر ومدمرة وغير عادلة. تتعارض مع القيم التي يؤمن بها".
وكان بول، مديرًا للشئون العامة والكونجرس في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية، الذي يتعامل مع عمليات نقل الأسلحة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
ويمثل رحيل بول مؤشرًا نادرًا على الانزعاج الداخلي إزاء دعم الإدارة القوي لإسرائيل، أقرب حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفقًا للصحيفة، واصفة هذا التطور بأنه استعراض علني غير عادي للمعارضة داخل جهاز السياسة الخارجية للرئيس بايدن، الذي عمل على منع مثل هذه التعبيرات عن الإحباط من الانتشار.
وأمضى بول أكثر من 11 عامًا في وظيفته، التي ينسق من خلالها العلاقات مع الكونجرس والرسائل العامة لمكتب رئيسي يتعامل مع المساعدات العسكرية. وقال إنه لا يستطيع قبول الاستمرار في وظيفة قال إنها تسهم في مقتل مدنيين فلسطينيين.
وفى أعقاب عملية" طوفان الأقصى" التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة، في السابع من شهر أكتوبر الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، التزامه الراسخ بدعم إسرائيل، التي زارها أمس، وسبقه إليها وزيرا الخارجية والدفاع، لتأكيد التضامن مع دولة الاحتلال، في القصف المتواصل على قطاع غزة المحاصر، والذي دخل يومه الثالث عشر، وأودى بحياة 3478 مدنيًا، وإصابة 12065 بجراح مختلفة، حتى الآن.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، خلال الأيام الماضية، إرسال أسلحة وذخائر، و3 حاملات طائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، ومقاتلات، بالإضافة إلى قوات خاصة.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن بلاده ستزود إسرائيل بخلية من قوات العمليات الخاصة التي بدأت بالفعل بمساعدة إسرائيل على عمليات الاستخبارات والتخطيط العسكري. ومن الممكن أن تشارك تلك القوات الأمريكية في عمليات تحرير الرهائن الإسرائيلية إذا طُلب منها ذلك.
وأكد أوستن أن الولايات المتحدة لم تضع شروطًا لاستخدام مساعداتها العسكرية لإسرائيل. كما تعمل الولايات المتحدة على إقناع شركات الدفاع الأمريكية بتسريع طلبات الأسلحة التي تقدمت بها إسرائيل بالفعل قبل عملية "طوفان الأقصى" وأهمها الحصول على ذخائر لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي "القبة الحديدية" بشكل سريع.
وقد لفتت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى أن الدعم الأعمى الذي توليه الولايات المتحدة، لدولة الاحتلال الإسرائيلي، أجج مشاعر السخط العربي إزاء السياسات الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن الكثيرين من الناس في جميع أنحاء المنطقة العربية، يرون أن جرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة المحاصر، وأكثرها وحشية مذبحة المستشفى المعمدانى، جاءت بدعم وضوء أخضر من الولايات المتحدة.
وقالت إن العديد من العرب يرون أن الحكومة الأمريكية، ليست فقط غير مبالية بمعاناة الفلسطينيين، الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي، بل إنها متواطئة أيضًا.
وخلصت الصحيفة إلى أن التعهدات الأمريكية بتقديم الدعم "الصارم" لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والمساعدة الأمنية غير المقترنة بأي قيود، أدت إلى تأجيج هذه المشاعر بينما تستعد إسرائيل لغزو بري لغزة.