في وقت مناسب لإرسال إشارة ردع قوية، يعتزم الرئيس الأمريكي جو بايدن، زيارة إسرائيل والأردن، مع دخول التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة مرحلته الثانية، وبعد مرور 10 أيام من التصعيد فوق رؤوس المدنيين في القطاع، وسط غياب آفاق للتهدئة أو مفاوضات بناءة بشأن مسألتي إيصال المساعدات والرهائن.
يأتي ذلك في أعقاب انتهاء جولة خارجية مكوكية، بدأت الجمعة الماضية في المنطقة، قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، شملت توقفًا في إسرائيل والسعودية والإمارات والأردن ومصر والبحرين، وانتهت بعودته، أمس الاثنين، إلى إسرائيل مرة أخرى، لإجراء مشاورات.
وبدأ التصعيد في غزة، مع هجوم مباغت شنته المقاومة الفلسطينية أطلقت عليه عملية "طوفان الأقصى"، شمل هجمات متزامنة عبر البر والبحر والجو، استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية في القدس وتل أبيب وأشدود، قابلها جيش الاحتلال بتصعيد غير مسبوق تجاه سكان قطاع غزة، تواصلت خلاله أعمال القصف واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، والدفع بالفلسطينيين من شمال القطاع إلى الجنوب في محاولات وصفها مراقبون بالتهجير القسري.
الوقت المناسب
وفي تقدير الرئيس الأمريكي جو بايدن فإن "الآن" هو الوقت المناسب تمامًا للذهاب إلى إسرائيل والأردن، حسبما صرّح منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية جون كيربي، اليوم الثلاثاء، خلال استعراضه برنامج زيارة الرئيس إلى المنطقة المقررة غدًا الأربعاء.
وأشارت تقارير أمريكية، في وقت سابق من أمس الاثنين، إلى تخوفات من قيام الرئيس بايدن بزيارة منطقة حرب "ووضع هيبته الشخصية على المحك" -بحد وصفها- لا سيما في مرحلة تشهد فيها واشنطن اضطرابات في الداخل، ووصفت الزيارة بأنها ستكون "محفوفة بالتعقيدات".
ويعتزم الرئيس الأمريكي مناقشة المساعدات الإنسانية إلى غزة والتأكد من وصولها، مع القادة الآخرين في المنطقة، بالإضافة إلى مناقشة الخطط والنوايا الإسرائيلية للمضي قدمًا. بحسب كيربي.
قال كيربي سيتحدث بايدن "مع القادة الآخرين في المنطقة حول المساعدة الإنسانية التي نريد التأكد من وصولها إلى غزة، وحول الخطط والنوايا الإسرائيلية للمضي قدمًا، وكيف يتكشف ذلك على الأرض، وبالتأكيد مواصلة التحدث مع الشركاء الإقليميين". بحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وكانت هناك مؤشرات على نجاح متواضع للمناشدات الأمريكية بشأن السماح بممر آمن لمرور المساعدات وعبور الأجانب العالقين في القطاع، ورغم وعود قطعها بلينكن، الأحد الماضي، بفتح معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، إلا أنه لا يزال مغلقًا بسبب عدم وجود ضوابط للهجرة على جانب غزة، بينما تدفع إسرائيل بأكثر من مليون فلسطيني قرب القطاع في محاولات وصفها مراقبون بـ"التهجير القسري" لأهل القطاع، إضافة إلى الخوف على سلامة قوافل المساعدات التي تدخل القطاع الذي يتعرض للقصف.
ويأتي ذلك في وقت تتراكم فيه الإمدادات الإنسانية عند نقاط التفتيش على الجانب المصري من الحدود، وسط حاجة ماسة إليها داخل القطاع.
قضية الرهائن
وتبقى قضية الرهائن، لا سيما الأمريكيين، على رأس جدول أعمال زيارة بايدن للمنطقة، في كل محادثة سيجريها تقريبًا مع المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء، وكذلك الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي)، والرئيس الفلسطيني (محمود عباس)، إلى جانب ملك الأردن (الملك عبد الله)، بحسب كيربي.
وأضاف كيربي: "سنتحدث عن هؤلاء الرهائن ونرى ما إذا كان بإمكاننا إعادتهم إلى عائلاتهم حيث ينتمون".
ولا تزال تتعامل الولايات المتحدة مع فرضية أن من بين الرهائن الواقعين في قبضة المقاومة الفلسطينية منذ هجوم طوفان الأقصى المباغت، قبل عشرة أيام، حفنة من الأمريكيين ممن لا يزالوا في عداد المفقودين من بين رعاياها في إسرائيل، وسط غياب أي معلومات عن ظروف الأسرى.
إشارة ردع قوية
وأعربت الولايات المتحدة مرارًا عن مخاوفها من أن يتصاعد هذا الصراع ويتسع نطاقه، وحذرت أطرافه من ذلك، إلا أن زيارة بايدن وسط انتشار قوات ومعدات عسكرية أمريكية في المنطقة تنطوي على ما يبدو حول "إرسال إشارة ردع قوية".
قال كيربي: "لا نريد أن نرى هذا الصراع يتصاعد ويتسع نطاقه؛ لا توجد خطط أو نوايا لنشر قوات أمريكية على الأرض في القتال في إسرائيل - كل ما نفعله الآن يدور حول إرسال إشارة ردع قوية".
وحذر الرئيس الأمريكي، في وقت سابق من الأمس الاثنين، إسرائيل من ارتكابها "خطأ كبير" في حال قررت احتلال غزة، ودعا إلى العودة إلى المفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية.
وتمثلت الاستراتيجية الأمريكية للتدخل في هذا الصراع الدائر في حماية ظهر إسرائيل، وفق ما أكده بلينكن في القاهرة قائلًا: "عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل، فإننا نحمي ظهر إسرائيل".
ومن اللحظة الأولى لهجوم المقاومة الفلسطينية المباغت على إسرائيل، أعلنت الولايات المتحدة دعمها المطلق لإسرائيل، وعززت من قدراتها القتالية في إطار الدفاع عن نفسها، بالأسلحة والطائرات والسفن وحاملتي طائرات، بالإضافة إلى قوات خاصة على أراضيها تعمل جنبًا إلى جنب مع جنود إسرائيل وتساعدهم بالعمليات الاستخباراتية والتخطيط العسكري.