وصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى بكين صباح اليوم الثلاثاء، للقاء نظيره الصيني، شي جين بينج، على هامش قمة "منتدى الحزام والطريق"، في رحلة تحظى باهتمام واسع؛ تهدف إلى إظهار الثقة المُتبادلة والشراكة "بلا حدود" بين البلدين، مع استمرار الحرب في أوكرانيا، حسبما ذكرت وكالة "رويترز".
وتعتبر هذه الزيارة الرسمية الأولى لبوتين خارج الاتحاد السوفيتي السابق هذا العام، والثانية فقط منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية المقررة في لاهاي مذكرة اعتقال بحقه في مارس، مُتهمة إياه بترحيل أطفال من أوكرانيا بشكل غير قانوني.
وذكرت وسائل إعلام روسية، أن بوتين سيحضر حفل الاستقبال الافتتاحي الرسمي لمنتدى "الحزام والطريق"، وسيتحدث مع زعماء فيتنام وتايلاند ومنغوليا ولاوس في وقت لاحق اليوم، كما سيلقي كلمة في حفل الافتتاح، بعد كلمة الرئيس الصيني.
صديق قديم
وكانت آخر زيارة أجراها "بوتين" للصين في عام 2022، أثناء حضوره دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، وأعلنت روسيا والصين آنذاك عن شراكة "بلا حدود"، وستكون هذه هي المشاركة الثالثة لبوتين في "منتدى الحزام والطريق" منذ أن طرحها "شي" في عام 2013، الذي من المُقرر أن يبدأ اليوم ويستمر حتى غدٍ الأربعاء.
وكان "شي" رأى "صديقه العزيز" آخر مرة في موسكو بعد أيام قليلة من إصدار مذكرة الاعتقال. وفي ذلك الوقت، دعا الرئيس الصيني نظيره الروسي لحضور منتدى الحزام والطريق الثالث في بكين، وهو منتدى للتعاون الدولي يدعمه الزعيم الصيني، بحسب وكالة "شينخوا" للأنباء.
والتقى الزعيمان، اللذان يشيران في كثير من الأحيان إلى صداقتهما الوثيقة، 40 مرة في العقد الماضي، بما في ذلك مرتين منذ بداية الحرب في أوكرانيا. حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
مجال الطاقة
ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، أصبحت الصين "شريان حياة" لروسيا، إذ عززت موسكو وبكين علاقاتهما في مجال الطاقة، حيث تصدر روسيا نحو مليوني برميل من النفط يوميًا إلى الصين، أي أكثر من ثلث إجمالي صادراتها من النفط الخام. ويرافق "بوتين" خلال الزيارة رؤساء عمالقة الطاقة الروسية "جازبروم وروسنفت، ألكسي ميلر وإيجور ستشن"، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن".
وتريد روسيا تأمين صفقة لبيع المزيد من الغاز الطبيعي إلى الصين وتخطط لبناء خط أنابيب قوة سيبيريا -2، الذي سيمر عبر منغوليا وتبلغ طاقته السنوية 50 مليار متر مكعب، ويقارن ذلك مع 38 مليار متر مكعب من الطاقة التشغيلية الحالية لسيبيريا التي من المتوقع أن تصل إليها بحلول عام 2025. وسينقل خط الأنابيب المقترح، الغاز من حقول شبه جزيرة يامال في غرب سيبيريا إلى الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم.
مخاوف الغرب
وأثار التقارب بين موسكو وبكين مخاوف الغرب، الذين يرون أن هذه الشراكة الاستراتيجية موجهة ضدهم، ولكن من جهتها رفضت الصين انتقادات الغرب لشراكتها مع روسيا حتى مع استمرار الحرب في أوكرانيا، مُؤكدة أن علاقاتها لا تنتهك المعايير الدولية وليست موجهة ضد أي أطراف ثالثة، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الصينية.
ويقول خبراء، إن البلدين قاما بتوسيع التعاون الأمني من خلال المزيد من التدريبات العسكرية المشتركة والحوار الرسمي القوي، واستمرا في تعميق العلاقات الدبلوماسية، بما في ذلك علاقات "بوتين وشي"، الذي اختار في وقت سابق من هذا العام، زيارة إلى موسكو باعتبارها أول رحلة خارجية ذات أهمية رمزية خلال فترة ولايته الثالثة كرئيس للصين.
وخلال اجتماعهما السابق في بكين، أصدر "شي وبوتين" بيانًا مشتركًا من خمسة آلاف كلمة أعلنا فيه عن شراكة "بلا حدود"، وأكدا على اصطفافهما العميق ضد الغرب.