مع مرور تسعة أيام من التصعيد الإسرائيلي في غزة، على ما يبدو، فإن الحرب آخذة في الاحتدام، وسط وتيرة مُتصاعدة من الضربات الصاروخية بين جيش الاحتلال من جهة والمقاومة الفلسطينية في القطاع من جهة أخرى، وبينما ضربت إسرائيل أكثر من مائتي هدف في أنحاء القطاع، حيث تزيل التهديدات أمام توغل بري وشيك، قصفت المقاومة وسط كيان الاحتلال وتسببت في قطع جلسة للكنيست.
وبدأ التصعيد في غزة، مع هجوم مباغت شنته المقاومة الفلسطينية أطلقت عليه عملية "طوفان الأقصى"، شملت هجمات متزامنة عبر البر والبحر والجو، استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية في القدس وتل أبيب وأشدود، قابلها جيش الاحتلال بتصعيد غير مسبوق تجاه سكان قطاع غزة، تواصلت خلاله أعمال القصف واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، والدفع بالفلسطينيين من شمال القطاع إلى الجنوب في محاولات وصفها مراقبون بالتهجير القسري.
إخلاء الكنيست
بينما حذر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مستهل جلسة الكنيست، من "اختبار إسرائيل" متوعدًا المقاومة بدفع ثمن أقسى من أي وقت مضى، إلا أن رشقة صاروخية ضخمة أطلقتها المقاومة الفلسطينية من القطاع، صوب مدينتي القدس وتل أبيب، أجبرته وأعضاء الكنيست على قطع الجلسة والهروب إلى الملاجئ، وسط دوي صافرات الإنذار.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها حسابات المقاومة الفلسطينية، لحظة سقوط أحد الصواريخ في مدينة القدس المحتلة، وأخرى ترصد ازدحام ملجأ الكنيست، وسط حالة من الترقب بين أعضائه.
الحرب ستستغرق وقتًا
وافتتح نتنياهو خطابه في الجلسة الافتتاحية للدورة الشتوية للكنيست، الاثنين، بقوله إن "حرب الاستقلال، (في إشارة إلى نكبة الشعب الفلسطيني) لم تنتهِ بعد"، مؤكدًا أن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة المحاصر "ستستغرق وقتًا".
وأشار نتنياهو إلى جهود تعمل عليها حكومته لأجل إزالة التهديد الذي يواجه إسرائيل إلى الأبد، موضحًا "نستعد لحرب في الجبهة الجنوبية، لكننا مستعدون لمواجهة أية تطورات في الشمال".
ضرب 250 هدفًا في غزة
وقال الجيش الإسرائيلي، إنه ضرب أكثر من 250 هدفًا في أنحاء القطاع خلال، اليوم الاثنين، معظمها في شمال القطاع. وشملت الأهداف المقرات العسكرية لحركات المقاومة الفلسطينية، ونقاط مراقبة والعديد من مواقع إطلاق الصواريخ، بحسب إفادة مقتضبة.
طلعات جوية إسرائيلية لدراسة القطاع
يأتي ذلك بينما، يجرى كبار قادة القوات البرية طلعات جوية فوق قطاع غزة، لتزويدهم برؤية شاملة للمنطقة التي من المتوقع أن يدخلها الجيش كجزء من عملية توغل بري، حسبما أفادت صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وذكرت صحيفة التايمز الإسرائيلية أن "سلاح الجو الإسرائيلي، أخذ القادة، الذين لم يسبق للعديد منهم التواجد داخل القطاع الذي غادرته إسرائيل في عام 2005، في طائرات هليكوبتر قتالية لرؤية المواقع التي من المتوقع أن تدخلها القوات البرية خلال الهجوم البري الوشيك".
إزالة التهديدات
وعلى مدار الأيام الماضية، بذل جيش الاحتلال المساعي من أجل إزالة التهديدات قبل أن تبدأ قواته البرية في التوغل داخل غزة، والحصول على نتائج فعالة، بعد أن أعلن، في وقت سابق السبت، إنهاء استعداداته لهجوم منسق من الجو والبحر والبر على القطاع.
وقال قائد سلاح الجو الإسرائيلي، تومر بار، في وقت سابق، الأحد، إن الطائرات المقاتلة والطائرات المسيّرة تقصف قطاع غزة "بقوة" لإزالة أكبر عدد ممكن من التهديدات قبل أن تبدأ القوات البرية هجومها المتوقع، مما يمنحها حرية عمل عملياتية.
وأوضح "بار" أن القصف المُكثف من شأنه "تجهيز الساحة لعملية فعّالة قدر الإمكان. وإزالة أكبر عدد ممكن من التهديدات من الأرض والجو، بأفضل دخول بري يمنح القوات حرية عمل عملياتية إذا تقرر ذلك".
التوغل البري.. سبب تخوف إسرائيل
ورغم إعلان إسرائيل استعدادها الكامل لهجوم من الجو والبر والبحر على القطاع، إلا أن التأخير، حتى اليوم، يرجح مخاوف تخشاها إسرائيل نفسها من التوغل البري في القطاع، حيث من المستحيل عليها بلوغ أهدافها بالسيطرة الكاملة على القطاع دون خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.
وفي تقدير مراقبين، لكي تسيطر إسرائيل على كامل القطاع -وهي غير ملمة بما طرأ عليه من تغيرات منذ خروجها في 2005- يجب أن تدخل كل منزل وكل شارع مدعومة بأعداد ضخمة من الجنود والعتاد، وسط توقعات بخوض مواجهات شرسة، قد تتخلف عنها خسائر كارثية.
ومنذ الجمعة الماضي، أجبر جيش الاحتلال سكان غزة، تحت وطأة قصف كثيف، إلى إخلاء الجزء الشمالي من القطاع والتوجه صوب الجنوب، مخلفًا موجة نزوح ضخمة وصل قوامها إلى أكثر من مليون شخص في غزة، منذ بدء المواجهات في السابع من أكتوبر.