يعاني قطاع غزة أوضاعًا إنسانية صعبة تحت القصف المتواصل من قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ عملية "طوفان الأقصى"، قبل يومين، المباغتة التي نفذتها حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، في المستوطنات الإسرائيلية حول القطاع.
وأعلنت وزراة الصحة في قطاع غزة، إجمالي إحصائية مُحدثة لضحايا العدوان الإسرائيلي لليوم الثالث على القطاع، بلغت 493 شهيدًا منهم 91 طفلًا و61 سيدة وإصابة 2751 مواطنًا آخر بجراح مختلفة، منهم 244 طفلًا و151 سيدة.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة، أن أكثر من 123 ألف شخص نزحوا في قطاع غزة، وفق ما ذكرت قناة "القاهرة الإخبارية".
غارات عنيفة
وكان محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني، قال إن الغارات الإسرائيلية دمّرت عشرات المنازل، فجر اليوم الإثنين، مؤكدًا أن جيش الاحتلال ينفذ غارات عنيفة تستهدف جميع مناطق قطاع غزة.
وأوضح "بصل"، خلال مداخلة على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن قطاع غزة بأسره مُعرّض للاستهداف من قبل غارات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن هناك صعوبات واضحة في الوصول إلى الأماكن المستهدفة بالغارات.
ونوه بأن أعداد قوافل الدفاع المدني غير كافية لانتشال الشهداء، الذين سقطوا جرّاء الغارات الإسرائيلية المستمرة، منذ السبت الماضي.
ويتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الثالث تواليًا، موقعًا مزيدًا من الشهداء والجرحى في صفوف الفلسطينيين، ودمارًا في منازلهم وممتلكاتهم، وبالمؤسسات العامة والخاصة.
شح في الأدوية والمستلزمات الطبية
وذكرت صحيفة" الجارديان" البريطانية، أن العديد من سكان قطاع غزة تركوا منازلهم، هربًا من القصف الإسرائيلي، بالإضافة إلى وجود شح كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لمعالجة المصابين وإجراء تدخلات جراحية.
وأطلقت مستشفيات غزة -التي تكافح في أفضل الأوقات لتوفير الرعاية الصحية لأكثر من مليوني شخص- نداءات للتبرع بالدم.
ونقلت الصحيفة عن محمود شلبي، من المنظمة البريطانية "العون الطبي للفلسطينيين"، الذي يشرف على دعم المستشفيات في جميع أنحاء قطاع غزة: "عندما بدأنا بالسؤال عن الوضع داخل المستشفيات التي نعمل معها، وصفها أحد الأشخاص بأنها تشبه المجازر".
وأضاف: "كانت هناك جثث مُلقاة على الأرض، ولم تكن هناك مساحة كافية في أقسام الطوارئ، في وقت كانت تعاني فيه الطواقم الطبية لتقديم يد العون للجرحى والمصابين".
وأوضح "الوضع رهيب حقًا في الوقت الحالي، فنحن نواجه أحد أصعب عمليات التصعيد كفلسطينيين في غزة".
وقال "شلبي": إن "جماعات الإغاثة العاملة داخل غزة، تُقدر أن ما لا يقل عن 20 ألف شخص نزحوا في الليلة الأولى للغارات الجوية الإسرائيلية".
ولفت إلى أن الآلاف فروا من المناطق الحدودية إلى مدينة غزة، وهي المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في القطاع، التي شهدت غارات جوية أدت إلى تدمير عدد من الأبراج والأبنية.
حالة حرب
وبدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي شن غارات جوية وعمليات قصف بواسطة طائرات مُسيّرة، بالإضافة إلى إطلاق قذائف من مدفعيات بعض السفن الحربية المتواجدة في البحر المتوسط، بعد إعلان بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن بلاده "في حالة حرب".
وقال حقوقيون إن الحصار المفروض على القطاع "يمنع الفلسطينيين من المغادرة إلا في ظروف استثنائية، ويحد من تدفق البضائع إلى المنطقة، خاصة مواد البناء والإمدادات الطبية، ويصل الأمر إلى حظر مواد غذائية"، وفق "الجارديان".
وبعد اجتماع مع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت"، أعلن مكتب نتنياهو أنه تم "قطع إمدادات الغاز والكهرباء عن غزة، وإيقاف مرور البضائع عبر معبر حدودي شمالي القطاع".
وعلى نفس المنوال، أمر يسرائيل كاتس، وزير الطاقة الإسرائيلي، بوقف إمدادات الكهرباء، ما أدى إلى خفض إمدادات الطاقة في القطاع بنسبة 80%.
وقال "شلبي" إن حالة الطوارئ غير المسبوقة للعاملين الطبيين في جميع أنحاء القطاع، التي تفاقمت بسبب نقص الكهرباء، بالإضافة إلى العدوان الإسرائيلي المتكرر ترك البنية التحتية الطبية بغزة في وضع متهالك.
وأضاف: "لقد تحدثت هذا الصباح مع طبيب جراحة عامة، يعمل في مركز صحي بمنطقة وسط غزة، وأخبرني أنهم يفتقرون إلى الإمدادات الطبية والأدوية، وكل ما هو مطلوب في حالات الطوارئ".
وشدد على أن "أسوأ ما في الأمر هو عدم وجود عدد كافٍ من الأطباء للتعامل مع الحالات الحرجة والأعداد الكبيرة من الجرحى"، لافتًا إلى أن منظمته "أفرجت على الفور عن كامل مخزونها من الموارد الطبية، بما في ذلك إمدادات الدم، في خطوة لم تحدث سابقًا خلال المعارك التي شهدها القطاع".
واختتم: "نحن نقدم كل شيء لدينا في الوقت الحالي، لأن الوضع سيصبح قاتمًا للغاية، وفظيعًا حقًا".