يسعى الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، إلى التوافق بشأن مرشح جديد لرئاسة مجلس النواب الأمريكي، بعد الإطاحة الدراماتيكية بكيفين مكارثي، قبل أيام قليلة.
وترى صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن التصويت التاريخي على عزل مكارثي من رئاسة مجلس النواب الأمريكي، كشف عن توترات داخل الحزب الجمهوري، كما أثار تساؤلات حول من يقود الحزب للمضي قدمًا، في وقت يشهد انقسامًا عميقًا حول قضايا مثل كيفية تمويل الحكومة الفيدرالية، وما إذا كان سيتم اعتماد المزيد من المساعدات الأمريكية لأوكرانيا مع استمرار حربها ضد روسيا.
وللمرة الأولى في تاريخه الممتد منذ 234 سنة، صوّت مجلس النواب بأغلبية 216 صوتًا مقابل 210 لصالح مذكرة طرحها الجناح المتشدّد في الحزب الجمهوري تنص على اعتبار "منصب رئيس مجلس النواب شاغرًا"، في خطوة تفتح الباب أمام منافسة غير مسبوقة لخلافة مكارثي قبل عام من الانتخابات الرئاسية.
وسيحتاج الرئيس الجديد إلى 218 صوتًا على الأقل ليتم انتخابه، بالنظر لسيطرة الجمهوريين على مجلس النواب بهامش ضئيل، بيد أن البديل سيكون مطالبًا بكسب ثقة وأصوات الجمهوريين الثمانية الذين أطاحوا بمكارثي، إذ سيرفض الديمقراطيون بالتأكيد دعم المرشح الجمهوري، كما جرت العادة على مدار العقود الماضية.
وهناك أزمة راهنة؛ لأنه بعد هذا التصويت على عزل مكارثي، تم تطبيق الفقرة 12 من البند الأول من قانون مجلس النواب، وهي إعلان المجلس أنه في حالة عدم انعقاد حتى يتم انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، وبالتأكيد هناك الكثير من القضايا لا بد أن تعرض على المجلس ويتم تمرير الكثير من القوانين، وبالتالي سيكون هناك تصويت لانتخاب رئيس جديد بأسرع وقت ممكن.
لكن الجدول الزمني لانتخابات رئيس مجلس النواب الجديد لم يتضح إلى الآن، حيث دخل المجلس في عطلة بعد عزل مكارثي، كما تم إبلاغ الأعضاء بأنه من غير المتوقع إجراء أي تصويت حتى الأسبوع المقبل على الأقل.
المرشحون لرئاسة النواب الأمريكي
ومؤتمر الحزب الجمهوري انعقد فور جلسة التصويت على عزل مكارثي، ولا يزال مستمرًا في الانعقاد حتى الآن؛ لاختيار مرشح جديد، وهناك تفكير بين خيارين، الأول هو ستيف سكاليس من لويزيانا، وهو زعيم الأغلبية الجمهورية، وكان يحتل الرتبة الثانية في قيادة الكتلة الجمهورية بالمجلس خلف مكارثي.
لكن سكاليس يعاني من مشكلة صحية، وقد يرشح نفسه، ويعد ومن الصقور الجمهوريين وأحد داعمي الرئيس ترامب.
الاختيار الثاني يتجه نحو رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي، جيم جوردان، لكن هناك سجال بينه وبين مدعي عام مانهاتن، وهناك دعوى مرفوعة ضده من المدعي العام أنه شوه سمعته، حيث استدعاه للمثول أمام اللجنة القانونية لمجلس النواب، وبالتالي يُنظر إليه على أنه "مقاتل"، ويمكن أن يكون أقوى من مكارثي.
وقد أكد جوردان، الجمهوري عن ولاية أوهايو، ترشحه لمنصب رئيس مجلس النواب، حسبما أكد لموقع "بريتبارت نيوز".
وقد أبدى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تأييده لجوردان، لرئاسة النواب الأمريكي، خلفا لمكارثي. وكتب ترامب على موقع التواصل الخاص به "تروث" عن جوردان: "سيكون رئيسًا عظيمًا لمجلس النواب، وسيحظى بتأييد كامل".
ويعد جوردان أحد أكثر الشخصيات إثارة للاستقطاب في واشنطن، وأكثر ولاءً لترامب، ويلعب دورًا رئيسيًا في التحقيق الذي يجريه الجمهوريون في مجلس النواب لعزل الرئيس جو بايدن.
كما أن المحافظ المعروف هو عضو مؤسس في تجمع الحرية بمجلس النواب، ويستمر في السيطرة على الكثير من الكتلة المحافظة للجمهوريين.
مخاوف من جوردان
وترى شبكة "سي. إن. إن" أن جوردان، الذي ينافس ستيف سكاليز على رئاسة مجلس النواب، ينذر بفترة جديدة من القتال الشرس مع البيت الأبيض، إذا فاز بمنصب الرئاسة، مشيرة إلى أنه عارض تزويد الولايات المتحدة بالأسلحة والذخيرة لأوكرانيا.
كما رجحت الشبكة أن تزيد أغلبية الجمهوريين في مجلس النواب بقيادة جوردان من فرص إغلاق الحكومة الشهر المقبل في مواجهة حول الإنفاق مع الديمقراطيين.
لكن من المرجح أن يثير ترشيح جوردان لرئاسة النواب الأمريكي، وتأييد ترامب له، قلق الجمهوريين الأكثر اعتدالا، الذين تأسست على مقاعدهم أغلبية ضئيلة من الحزب الجمهوري والذين يخشون خسارة الناخبين في مقاطعاتهم، في حال فوز ترامب بترشيح الحزب لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية العام المقبل 2014.
سكاليز يحظى بدعم المعتدلين
وقد يكون دعم هؤلاء وغيرهم من الجمهوريين المعتدلين حاسمًا في السباق بين جوردان وسكاليز، الذي قد يتمتع بجاذبية أكبر، خاصة مع المانحين الرئيسيين، خارج اليمين المتشدد في الحزب مقارنة بجوردان.
ويحظى سكاليز، الذي تلقى العلاج مؤخرًا من سرطان الدم، بشعبية واسعة في المؤتمر الجمهوري. وقد صوت أيضًا لصالح تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا ــ وهو عامل مهم بالنسبة لبعض الجمهوريين المعتدلين.
وترى "سي. إن. إن"، أنه في حال اختار الجمهوريون جوردان في سباق رئيس مجلس النواب، فمن المرجح أن يتحالفوا مرة أخرى مع رئيس سابق سعى إلى الإطاحة بالديمقراطية بعد مزاعمه الكاذبة عن تزوير الانتخابات، والذي يعد بالفوز بولاية ثانية يكرسها لـ "القصاص" من أعدائه.