قدّرت الأمم المتحدة أزمة النزوح الجارية إثر القتال الدائر في السودان، بأنها الأسرع نموًا في العالم، بما يهدد بتجاوز أقصى الجهود التي تبذلها المنظمة ودول الجوار لمساعدة المحتاجين للدعم في البلد الذي لا يزال تحت وطأة معارك مستمرة منذ نحو ستة أشهر.
واندلعت الاشتباكات في السودان في 15 أبريل الماضي بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، وتركز القتال في البداية في العاصمة الخرطوم وما حولها، لكنه امتد إلى دارفور ومناطق أخرى كانت آمنة، لجأ إليها السودانيين للاحتماء، ما اضطرهم مرة أخرى للنزوح.
30 ألف شخص يفرون يوميًا
وقالت كلیمنتین نكویتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، ونائب الممثل الخاص للأمين العام به، إن الأشهر الستة الماضية تسببت في معاناة أجبرت أكثر من 5.4 مليون شخص على مغادرة ديارهم، مشيرة إلى أن ما يقرب من 30 ألف شخص يفرون يوميًا بسبب القتال، بحسب ما أورده الموقع الرسمي للأمم المتحدة، الخميس.
وأفاد المنتدى التشاوري للاجئين أن ما يقدر بنحو 188,000 لاجئ فرَّوا من المناطق الساخنة في السودان إلى مواقع أخرى، وذلك حتى 24 سبتمبر الماضي.
وبحسب بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، لجأ النازحون إلى 4,080 موقعًا في 167 محلية من أصل 189 محلية في السودان. وتفيد المنظمة أن النازحين الجدد، ومعظمهم في الأصل من ولاية الخرطوم، يقيمون في المجتمعات المضيفة (67%) أو في أماكن مستأجرة للسكن (9.5%) في المناطق الحضرية. ولجأت الغالبية منهم (55%) إلى شمال السودان وشرقه ووسطه، في حين لجأت البقية (45%) إلى منطقتي دارفور وكردفان. بحسب الموقع الرسمي للمنظمة الدولية للهجرة.
وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين عبر نحو 1.1 مليون شخص إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجمهورية جنوب السودان المجاورة.
نصف السكان في حاجة لمساعدة
وقالت المسؤولة الأممية إن نصف سكان السودان -البالغ عددهم 24.7 مليون شخص- يحتاجون الآن إلى المساعدة الإنسانية والحماية.
وأشارت "سلامي" إلى وجود أماكن إيواء مؤقتة تكافح العائلات السودانية المحتمية بها، من أجل الحصول على الطعام والماء، كما أنها غير قادرة على الوصول إلى الرعاية الصحية. أضافت أنها التقت أمهات في السودان أخبرنها أنهن "لا يعرفن كيف سيجدن الوجبة التالية لأطفالهن".
3000 طن مساعدات وصلت 6 ولايات
وعلى مدار الشهر الماضي، قدمت الأمم المتحدة وشركاؤها 3000 طن من إمدادات المساعدات المنقذة للحياة على متن 66 شاحنة، وصلت إلى ست ولايات في السودان.
رغم ذلك شددت مسؤولة الشؤون الإنسانية في السودان، على الحاجة إلى تقديم مزيد من الدعم بشكل آمن ومتكرر وسريع، وأشارت إلى ضرورة الوصول إلى 18 مليون شخص، وأكدت أن الأمم المتحدة لن تتخلى عن هذا الهدف.
عواقب وخيمة
ومع احتمال امتداد القتال إلى ولاية الجزيرة، والتي تعد سلة غذاء السودان، حذرت المسؤولة الأممية من أن "هذا الأمر ستكون له عواقب وخيمة على الأمن الغذائي".
وبالإضافة إلى الخسارة في الأرواح والدمار بسبب الحرب، أشارت المسؤولة الأممية إلى ما تكبده أكثر من 70 ألف سوداني في 7 ولايات من خسائر وأضرار في الأسابيع الأخيرة بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات، وسط مخاوف من ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة عبر المياه، إذ تم الإعلان عن تفشي الكوليرا في ولاية القضارف بشرق البلاد، فيما لا يزال يجري التحقق من انتشار المرض في الخرطوم وجنوب كردفان.
ويأتي ذلك بينما يعاني القطاع الصحي في السودان من الشلل، بعد أن أصبحت 70% من جميع المستشفيات في عموم البلاد عاطلة عن العمل، بحسب ما أعلن المدير الإقليمي لمنطقة شرق المتوسط الدكتور أحمد المنظري. وأشار المسؤول الأممي إلى أن المرافق الصحية في المناطق الأخرى تعاني ضغطًا كبيرًا بسبب نزوح السكان.