يعد فوز روبرت فيكو، رئيس وزراء سلوفاكيا السابق، الذي تبنى موقفًا داعمًا لروسيا في حملته الانتخابية بالانتخابات البرلمانية في سلوفاكيا، إشارة أخرى على تآكل الدعم الغربي لأوكرانيا، مع استمرار الحرب وجمود الوضع إلى حد كبير على الجبهة الأمامية، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وحصل حزب "سمير-أس دي" الشعبوي بقيادة فيكو، على 23.3%، مُتغلبًا على حزب سلوفاكيا التقدمية الوسطي، الذي حصل على 17%.
وتعهد فيكو -59 عامًا- ألا ترسل سلوفاكيا "قطعة ذخيرة واحدة" إلى أوكرانيا، ودعا إلى تحسين العلاقات مع روسيا.
وصرّح للصحفيين، أمس الأحد، بأن لسلوفاكيا وشعبها مشكلات أكبر من العلاقات مع أوكرانيا.
وأضاف أن أوكرانيا كانت "مأساة كبيرة للجميع"، ودعا إلى محادثات سلام لأن "أعمال القتل الجديدة لن تفيد أحدًا".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن سلوفاكيا دولة صغيرة لديها تاريخ من التعاطف مع روسيا، وطبيعة الحكومة الائتلافية التي سيسعى فيكو لتأسيسها غير واضحة.
فربما يميل فيكو أكثر صوب البراجماتية، مثلما فعلت جورجيا ميلوني، رئيس وزراء إيطاليا، المنتمية إلى اليمين المتطرف، عندما تولت مهام منصبها العام الماضي.
ورغم ذلك، فإن التحول في سلوفاكيا كبير، فقد كانت أول دولة تُقدم طائرات مقاتلة لأوكرانيا.
قلق في الغرب من المساعدات لأوكرانيا
جاءت نتائج الانتخابات في الوقت الذي يزداد فيه القلق بشأن ملايين من المساعدات العسكرية التي قدمها الغرب لأوكرانيا على مدار الأشهر الـ19 الماضية، مع تزايد المطالبات بتوجيه هذه الأموال إلى الأولويات المحلية بدلًا من كييف.
وفي الولايات المتحدة، كان الجمهوريون بمجلس النواب الأمريكي رفضوا لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في واشنطن، الشهر الماضي، كما ظهرت على السطح التوترات بين كييف والبيت الأبيض حول الاستراتيجية العسكرية لأوكرانيا.
وفي وسط أوروبا، التي كانت من قبل قلب مشاعر العداء لروسيا بين الدول الواقعة على الخطوط الأمامية، التي ظلت لعقود تحت الحكم الشيوعي كأعضاء في الاتحاد السوفيتي، فإن الحرب ينظر إليها الآن بفارق أكبر.
ويعد انتصار فيكو مُعبرًا عن ذلك، فقد حصل على 23% من الأصوات بناء على برنامج شمل وقف كل شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، وإلقاء مسؤولية الحرب بالتساوي بين الغرب وكييف.
وتبنى فيكو نهجًا مُحافظًا اجتماعيًا وقومية وعداءً للمثليين ووعود بمنح رعاية اجتماعية سخية، التي تبين أنها أجندة معادية لليبرالية، لا سيما في المدن الصغيرة والمناطق القروية.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن جاك روبينيك، أستاذ العلوم السياسية في باريس، إن الضرر الناتج عن الحرب أكثر وضوحًا في أوروبا الوسطى من أوروبا الغربية الآن، مشيرًا إلى أن ما حدث في سلوفاكيا يظهر أن التهديدات على بابك، لا تعني بالضرورة أنك تدعم أوكرانيا بشكل كامل.
وترى الصحيفة الأمريكية أن تصويت دولة على الحدود الأوكرانية الآن لصالح رجل قال، إنه "لن يرسل خرطوشة واحدة" من الذخيرة عبر تلك الحدود، لن يؤدي إلا إلى زيادة الضغوط على القيادة الأوكرانية.
أوروبا الشرقية
لفتت الصحيفة إلى أنه مع إبداء سلوفاكيا والمجر وصربيا تعاطفًا كبيرًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد تغيرت الأمور في هذا الجزء من أوروبا.
حتى بولندا، وهي من أشد المؤيدين لأوكرانيا، التي استقبلت أكثر من 1.5 مليون لاجئ من هناك خلال الحرب، قررت أخيرًا إغلاق حدودها أمام واردات الحبوب الأوكرانية المنخفضة السعر.
ويخوض حزب "القانون والعدالة القومي" اليميني الحاكم في بولندا، مواجهة انتخابية متوترة، سبتمبر الجاري، ضد المعارضة الليبرالية.
وعلى الرغم من أن الزعيم الفعلي للبلاد ياروسلاف كاتشينسكي يظل مُناهضًا بشدة لروسيا، فإن قوميته وقيمه المحافظة تتناغم مع قيم فيكو.
وبالتالي، فإن انتصار حزب القانون والعدالة من شأنه أن يقوض الوحدة الأوروبية بشكل أكبر، إذ لا تظهر الحرب أي علامة على حل محتمل.
ويعارض كاتشينسكي ذلك النوع من التكامل السياسي والعسكري والاقتصادي الأوروبي، الذي يعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أشد المدافعين عنه.
وهناك أحاديث تدور حول احتمال خروج بولندا من الاتحاد الأوروبي -وهي فكرة مستبعدة-، لكنها تشير إلى التوترات الأوروبية التي بدأت الحرب تغذيها.
أوروبا الغربية
وحتى في أوروبا الغربية، توصلت دراسة أجراها صندوق مارشال الألماني، إلى أن نسبة التأييد لعضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي بلغت 52% فقط في فرنسا، و49% بألمانيا، إذ فضل 45% فقط من المشاركين عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي.
ومع ذلك وبشكل عام، وجد الاستطلاع أن نحو 69% من الناس على جانبي المحيط الأطلسي يفضلون الدعم المالي لإعادة إعمار أوكرانيا، في حين أظهرت دول بما في ذلك بريطانيا وإسبانيا والبرتغال والسويد وليتوانيا دعمًا قويًا للقضية الأوكرانية في جميع المجالات.
ومع ذلك، يبدو تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا، بمثابة رسالة واضحة إلى زيلينسكي، بضرورة إبرامع صفقة مع بوتين، كما قال روبينيك، أستاذ العلوم السياسية في باريس.