بينما لايزال حجم الكارثة في ليبيا يتكشف، إثر إعصار دانيال، الذي عصف بها قبل نحو أسبوعين، تسارع حكومتا الشرق والغرب في البلاد، كل في طريقه، لبلوغ مرحلة إعادة إعمار المناطق المنكوبة والإشراف عليها، مُستعينة بيد المجتمع الدولي، ففي الوقت الذي لجأت حكومة الوحدة الوطنية بشكل رسمي إلى البنك الدولي، سارعت حكومة الاستقرار بالإعلان عن مؤتمر دولي في أكتوبر المقبل.
مساعدة البنك الدولي
وطلبت حكومة الوحدة الوطنية، المنتهية ولايتها، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، في طرابلس، من البنك الدولي المساعدة في ثلاثة مجالات لإعمار المناطق المنكوبة جراء الفيضانات التي اجتاحت شرق ليبيا.
وتقدم وزير المالية خالد المبروك، بطلب إلى الممثلة المقيمة لمجموعة البنك الدولي في ليبيا، هنرييت فون كالتنبورن- ستاتشاو، وحث المؤسسة الدولية على "تقديم الدعم الفوري للشعب الليبي وخاصة أولئك الذين يعيشون في الجزء الشرقي من البلاد الذين تضرروا بشدة من الكارثة الأخيرة التي سببتها العاصفة دانيال".
وطلبت، رسميا، مساعدة البنك الدولي في ثلاثة مجالات للإعمار هي "تقييم سريع للأضرار الناجمة عن الفيضانات، وإنشاء برامج للتحويلات النقدية السريعة والطارئة للمتضررين بالمناطق المنكوبة، وإدارة أموال إعادة الإعمار المرتقبة"، وفق ما أوردت صحيفة الوسط الليبية.
وبشأن إدارة أموال إعادة الإعمار، أشار طلب الحكومة إلى أنها بصدد إنشاء "صندوق دولي لتجميع الموارد اللازمة لجهود إعادة الإعمار المقبلة"، وأنها تأمل مساعدة البنك الدولي في "إنشاء هذا المورد الحيوي وإدارته بشكل فعال في ضوء خبرته في إدارة هذه الأموال".
أما المساعدات الإنسانية العاجلة المقدمة للفئات الأكثر ضعفًا وتأثرًا بالإعصار، فيمكن أن "يجرى صرفها من قبل الأمم المتحدة وشركائها العاملين على الأرض"، وفق طلب الحكومة المنتهية ولايتها.
وقبل خمسة أيام، بحث الدبيبة مع وفد أمريكي ضم المبعوث الخاص لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، وقائد القيادة العسكرية في إفريقيا الجنرال مايكل لانجلي، تنظيم آلية الدعم الأمريكي للمناطق المنكوبة شرق البلاد، عبر حكومة الوحدة الوطنية وأجهزتها التنفيذية وفرقها الميدانية في المنطقة الشرقية.
وأكد الدبيبة، خلال الاجتماع على أهمية التنسيق والتعاون مع الحكومة الأمريكية ومنظماتها الموجودة في ليبيا؛ لرفع الضرر الذي لحق بالأهالي في المناطق المتضررة والمساهمة في عودة التنمية والاستقرار للمنطقة.
مؤتمر دولي لإعمار شرق ليبيا
من جهتها، سارعت الحكومة المكلفة من البرلمان في بنغازي برئاسة أسامة حماد، بالإعلان عن عزمها تنظيم "مؤتمر دولي" لإعادة إعمار مناطق الشرق المتضرر في 10 أكتوبر المقبل في مدينة درنة الأكثر تأثرًا بالإعصار، وأشارت إلى أن ذلك "نزولًا على رغبة السكان في المناطق المتضررة".
وجاء في نص البيان "تدعو الحكومة الليبية المجتمع الدولي إلى المشاركة في أعمال المؤتمر الدولي الذي تسعى لتنظيمه يوم الثلاثاء الموافق 10 أكتوبر في مدينة درنة وذلك لتقديم الرؤى الحديثة والسريعة لإعادة إعمار المدينة". بما في ذلك بناء الطرق والسدود التي تحمي المدن من أي كوارث طبيعية.
أكبر من قدرات ليبيا
وقدّر رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، محمد تكالة، كارثة الفيضانات في شرق ليبيا بأنها "أكبر من قدرات البلاد وتحتاج إلى دعم دولي لإعادة الإعمار"، وذلك خلال لقائه أمس الأحد، القائم بأعمال السفارة المجرية لدى البلاد، حيث بيّن له حجم الكارثة والخسائر البشرية والمادية التي حلّت بالمناطق المنكوبة.
وتعاني المناطق الواقعة في منطقة الجبل الأخضر من العواقب الأكثر تدميرًا، جراء إعصار دانيال، إذ بات نحو ثلث مدينة درنة، التي يزيد عدد سكانها على 90 ألف نسمة، من الماضي بعد أن جرفته مياه الفيضانات إلى البحر بسكانه، ويعاني الباقي من أضرار جسيمة جراءه.
والكارثة إلى جانب ذلك، خلفت قرابة 4 آلاف قتيلًا، فيما لايزال آلاف آخرون في عداد المفقودين، فضلًا عن نزوح مئات العائلات بعد أن دمرت الفيضانات منازلهم.
مؤسسة ليبية موحدة
وأمام عزم حكومتي طرابلس وبنغازي على مساعدة الشرق المنكوب، تكررت دعوات الوحدة لمؤسسة ليبية موحدة تحظى بثقة المتضررين.
وألمح رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، إلى أن الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة.
وكتب في منشور له عبر حسابه على "إكس" الأحد، إن "الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة تحظى بثقة المتضررين."
وعلى الجانب الآخر، دعا الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا، عبد الله باتيلي، السبت الماضي، السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى التنسيق فيما بينهم، والعمل على تقييم مشترك لحاجيات الاستجابة العاجلة وإعادة البناء في البلاد.
وخلال اجتماعه مع أعضاء من لجنة الشؤون السياسية في المجلس الأعلى للدولة، حول تقييم جميع أبعاد الكارثة، لاسيما في درنة، حث باتيلي على ضرورة أن "يرتقي القادة السياسيون إلى مستوى اللحظة وأن يعملوا يدًا في يد من أجل تجاوز آثار المأساة" التي ألمت بالبلاد، وفق منشور له عبر حسابه على منصة "إكس" تويتر سابقًا، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الليبية (وال).