رفضت بولندا تصريحات المستشار الألماني، أولاف شولتس، حول تسهيلها إصدار تأشيرات مقابل المال، وبينما أعربت عن استيائها مما وصف بأنه "تمرير للمهاجرين" إلى ألمانيا، عدت الأمر تدخلًا في شؤونها الداخلية ومحاولة للتأثير على أصوات الناخبين الذين بدأت الأزمة تتصدر اهتماماتهم، بينما الانتخابات البرلمانية مقررة قريبًا في البلاد.
توتر بين برلين ووارسو
اتهم وزير الخارجية البولندي، زبيجنيو راو، المستشار الألماني، أولاف شولتس، بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده، ومحاولة التأثير على الحملة الانتخابية الحالية ملمحًا إلى عواقب من شأنها إضرار محتمل بالعلاقات بين البلدين.
وكتب الوزير على موقع "إكس" (تويتر سابقًا) أن أحدث تصريحات المستشار الألماني أولاف ينتهك مبادئ المساواة في السيادة بين الدول، وأنها تشير إلى "محاولة التدخل في الشؤون الداخلية للدولة البولندية والحملة الانتخابات الجارية".
وقضية التأشيرات بدأت في تصدر اهتمام الناخبين في بولندا في وقت تشهد فيه البلاد حاليًا حملة انتخابية ساخنة، تمهيدًا للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 15 أكتوبر المقبل.
وشدد الوزير "راو" على "أن اختصاص المستشار الألماني لا يتعلق بالإجراءات الجارية في بولندا"، وناشده باحترام سيادة البلد الجار والامتناع عن التصريحات التي تضر بالعلاقات المتبادلة.
والسبت الماضي، دعا شولتس في تجمع حاشد للحزب الاشتراكي الديمقراطي في مدينة نورنبرج الألمانية إلى كشف ملابسات مخالفات محتملة في إصدار التأشيرات في بولندا البلد الجار، في ظل وضع محتقن على الحدود.
قال شولتس: "لا أريد أن يتم من بولندا تمرير المهاجرين ببساطة إلينا، ثم نخوض هنا نقاشًا حول سياستنا الخاصة باللجوء.. يتعين تسجيل كل من يصل إلى بولندا وإخضاعه لإجراءات اللجوء هناك"، وفق ما نقلت "رويترز".
وفي تقدير المستشار الألماني فإن "التأشيرات التي يتم توزيعها بطريقة أو بأخرى مقابل المال لن تؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة" على حد قوله، مُشددًا على ضرورة مناقشة الأمر مع الحكومة البولندية.
فضيحة التأشيرات
ومنذ أيام، تعيش بولندا، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، على وقع فضيحة "منح تأشيرات لمهاجرين من آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط على أسس كاذبة"، بحسب نص الاتهام.
وتُشير تقارير إلى تورط القنصليات البولندية بتسهيل منح أكثر 250 ألف تأشيرة عمل "كاذبة" للوصول إلى بولندا، منذ عام 2021، مقابل آلاف الدولارات، لمواطنين من دول بينها (إيران- باكستان- سوريا- الهند).
ووجه مكتب المدعى العام البولندي، اتهامات لسبعة أشخاص متورطين في تسهيل إصدار التأشيرات، وبعضهم قيد الاعتقال الآن.
بولندا بلد عبور
ويمكن لمن منحتهم بولندا تأشيرة العمل، أن يتحركوا بحرية كاملة إلى دول الاتحاد الأوروبي، دون قيود. وينظر إلى بولندا على أنها دولة عبور إلى أوروبا.
وعلى مدار سنوات كبحت بولندا ولوج المهاجرين إلى أراضيها عبر حدودها المشتركة مع بيلاروسيا، وبنت سياجًا حدوديًا، ودفعت بالآلاف من الجنود لتعزيز حدودها.
ألمانيا الجارة.. أول المتضررين
وفي أعقاب كشف النقاب عن أزمة فساد التأشيرات في بولندا، تحركت الجارة الألمانية، التي تشارك الحدود الشرقية مع وارسو، وطلبت وزير الداخلية الألمانية نانسي فيزر، من نظيرها البولندي استيضاح وتقديم المعلومات عن تاريخ وعدد التأشيرات التي تم إصدارها وجنسيات من استلموا هذه التأشيرات.
وطلب شولتس، السبت الماضي، من الحكومة البولندية توضيحًا بخصوص الاتهامات الموجهة إليها بخصوص فضيحة تأشيرات دخول أراضيها.
ويتزامن الأمر مع احتدام الجدل حول الهجرة في ألمانيا، حيث يدفع قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي ينتمي إليه شولتس بضرورة تسريع الإجراءات المتعلقة بحسم مصير اللاجئين، وما إذا كان بإمكانهم البقاء والعمل في ألمانيا أم إن عليهم الرحيل مرة أخرى، كما طالبوا بالتفاوض على إبرام المزيد من اتفاقيات الهجرة مع الدول التي ينحدر منها المهاجرون.