في إطار جهود تعزيز العلاقات الثنائية بين بلاده وفرنسا، أقدم الملك تشارلز على زيارة فرنسا بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "البريكست"، وإعادة إحياء روح الوفاق الودي أو الـ"انتون كورديال"، وهي سلسلة من الاتفاقيات الموقعة في 8 أبريل 1904 بين المملكة المتحدة والجمهورية الفرنسية، التي شهدت تحسنًا كبيرًا في العلاقات الأنجلو-فرنسية. ويمكن القول إن هذه الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس، بعد ما استخدم تشارلز الثالث قوته الناعمة كملك للتأثير بشكل كبير في هذه الزيارة.
يتمتع الملك تشارلز الثالث بعلاقة قوية ومقربة مع الرئيس إيمانويل ماكرون، بحسب تقرير لصحيفة "التليجراف" البريطانية، ما ساعد في نجاح الزيارة، ومشددة على الاحترام المتبادل والتقدير الحار الذي يتبادله الملك والرئيس.
وأشارت المجلة إلى أن العلاقة بين الملكة كاميلا وسيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون مماثلة لما هو عليه بين الملك والرئيس الفرنسي. وعندما جلست كاميلا للمشاركة في نقاش مع ضحايا العنف المنزلي في بلدية سانت دوني، بالقرب من باريس، بحثت عن صديقتها بريجيت ماكرون.
وبالفعل، كانت بريجيت تقوم بترتيب المعطف الخاص بالملكة الذي ترتديه قبل أن يتم التقاط الصور على السجادة الحمراء في قصر فرساي، وكانت تمتد يدها لمساعدتها في النزول من الدرج في الإليزيه.
وأشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إلى أن توقيت هذه الزيارة لفرنسا تم اختباره بعناية بعد أشهر من التحضير، إذ كان من المخطط في الأصل أن تجرى في شهر مارس الماضي، لكن تم تأجيلها في اللحظة الأخيرة بسبب الاضطرابات المدنية التي شهدتها فرنسا بسبب إصلاحات نظام التقاعد.
وبالتالي، كانت ألمانيا هي المحطة التالية لاستقبال الملك في أول زيارة خارجية رسمية له، ما جعل فرنسا تأتي في المركز الثاني بعد ألمانيا، حسب تعليق أحد المساعدين الملكيين.
ووفقًا لما أشارت إليه "التليجراف"، فإنه بحسب مصدر ملكي، فقد كانت "ألمانيا نموذجًا صعبًا للمتابعة" وأضاف قائلاً "من الواضح أن الجولة الأولى ستكون مصدر فضول كبير. ولكن فرنسا فاجأت الجميع، ليس فقط بالحجم والروعة، وإنما أيضًا بالاستقبال الإيجابي للغاية، سواء في الحفلات الرسمية أو بين الشعب الفرنسي الذي حضر اللقاء".
وأوضحت الصحيفة أن مساعدي القصر صمموا بالتعاون مع فريق كبير من السفارة البريطانية، برنامجًا يعكس مشاهد شاملة من الحياة الفرنسية والبريطانية. فمن الأضواء المتلألئة للمشاهير على السجادة الحمراء إلى نجوم كرة القدم وباعة المتاجر، قام الملك والملكة بمصافحة الجميع.
قد يكون تشارلز على وشك الوصول إلى سن الـ75، لكن الروح العملية المستمرة انعكست على جدول أعماله الذي كان دائمًا مزدحمًا، مع الكثير من الفعاليات من الفجر حتى الليل.
كما حظي الخطابان اللذان ألقاهما الملك، أحدهما في قصر فرساي خلال العشاء الرسمي والآخر في مجلس الشيوخ الفرنسي، بترحيب حار، وتضمنت تعابير محبة تجاه والدته المتوفاة وتفانيه الشخصي لأمة قال إنها "جزء أساسي من نسيج حياتي الخاصة".
وفي مجلس الشيوخ، ظل يسعى تشارلز بشغف لدعوة البلدين إلى الوقوف كتكتل واحد لمضاعفة جهودهما لإنقاذ الكوكب ومنع "التدمير المأساوي للطبيعة".
وأشارت "الجارديان" إلى أنه من اللافت عدم اقتصار الزيارة على اللقاءات الرسمية فحسب، بل شملت أيضًا لقاءات غير رسمية تعكس الروح الودية والتواصل القوي بين الملك تشارلز والرئيس ماكرون، فقد تجاوب الملك بحماسة مع عروض الفنون الشعبية الفرنسية وقدم مجموعة من الهدايا التذكارية للرئيس ماكرون وعائلته.
وعلى صعيد آخر، شهدت الشوارع تجاوبًا كبيرًا من قِبل الجماهير الفرنسية، وتوافدت الحشود للترحيب بالملك تشارلز والملكة كاميلا. كما تعالت هتافات "فيف لوا روا- يحيا الملك" في كل ركن من أركان البلاد التي وجد فيها تشالز الثالث وزوجته كاميلا، وتم استقبالهما بتصفيق حار. وكانت اللحظات الأكثر تأثيرًا عندما توقف الملك تشارلز لإلتقاط صور تذكارية مع الجمهور ومصافحة الأطفال الصغار الذين كانوا يحملون الأعلام البريطانية والفرنسية.