الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كيف تناولت قمة مجموعة الـ"77 والصين" قضايا الجنوب العالمي؟

  • مشاركة :
post-title
قمة مجموعة 77 في كوبا

القاهرة الإخبارية - د. مبارك أحمد

اختتمت مجموعة الـ77 التي تأسست عام 1946 وتوسعت عضويتها حاليًا لتضم ما يقرب من 134 دولة، أعمالها بالعاصمة الكوبية هافانا، بمشاركة الصين كطرف خارجي "مجموعة الـ77 والصين"، 16 سبتمبر 2023، التي كان موضوعها الرئيسي دور العلم والتكنولوجيا والابتكار في التنمية، وركزت المناقشات على الدعوة لتغيير قواعد اللعبة الاقتصادية القائمة، التي عكست الأزمات الدولية ضعف قدرتها على تحقيق العدالة الاقتصادية بين دول الشمال المتقدم والجنوب النامي، منها أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وغيرها من الصراعات الممتدة التي عمقت من تداعيات الأزمة الاقتصادية على النظام الاقتصادي العالمي ككل.

أهداف مشتركة:

عكست كلمات ممثلي الدول المشاركة في القمة، وكذلك بيانها الختامي تنوع مطالب دول الجنوب، لتحقيق تنمية عادلة تعيد للنظام الاقتصادي الدولي كفاءته في مواجهة التحديات الاقتصادية المعقدة، لذلك يمكن الإشارة إلى أبرز مطالب دول الجنوب العالمي في التالي:

(*) تغيير قواعد اللعبة الاقتصادية الدولية: طالب المشاركون في القمة بضرورة تغيير قواعد اللعبة الاقتصادية الدولية، باعتبارها معادية لتقدم دول الجنوب، واعتبر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أن منظومة الحوكمة العالمية مثل الأمم المتحدة، ونظام "بريتون وودز"، ومنظمة التجارة العالمية كيانات تفقد مصداقيتها، كما اشتمل البيان الختامي للقمة على المطالبة بزيادة تمثيل الدول النامية في هيئات صنع القرار العالمي.

(*) إرساء ركائز وحدة دول الجنوب: طالبت القمة بضرورة تحقيق الوحدة بين دول الجنوب وعدم الانقسام، لا سيما وأن اقتصادات دول الجنوب تعاني تحديات مُعقدة ترتبط في إحدى صورها بتركز التقدم ومنتجاته في دول الشمال، وسعيها لنزح ثروات الجنوب الذي يحتاج إلى توطين التكنولوجيا والصناعات المتقدمة حتى يتمكن من الاستفادة من موارده الطبيعية، لذلك تبنى البيان الختامي للقمة الالتزام بتعزيز وحدة وتضامن المجموعة من أجل تحقيق أهدافها وتعزيز دورها في السياق الدولي الحالي، من خلال المطالبة بإصلاح البناء المالي الدولي بصورة كاملة حتى يكون أكثر شمولًا وتنسيقًا، لا سيما وأن المشكلات المعقدة التي يتسبب بها النظام الاقتصادي الدولي أدت لافتقار البلدان النامية.

كما طالبت الدول المشاركة في القمة برفض القوانين واللوائح ذات التأثير، الذي يتجاوز نطاق الحدود الوطنية وجميع الأشكال الأخرى للتدابير الاقتصادية القسرية، بما فيها العقوبات الأحادية الجانب ضد الدول النامية، والحاجة الملحة لإلغائها.

(*) تحقيق المساواة على الصعيد العالمي: تناول العديد من المشاركين في القمة قضية انعدام المساواة على الصعيد الدولي، وهو الأمر الذي كشفته جائحة كورونا، كما طالبوا بضرورة خفض ديون الدول الأكثر فقرًا لتمويل التحول المناخي، الذي أضحى يعصف بالمجتمعات الضعيفة وغير القادرة على مواجهة تبعاته، لا سيما وأن الدول الصناعية الكبرى هي الأكثر تأثيرًا على تلك التغيرات في ظل انبعاث الكمية الأكبر من غازات الاحتباس الحراري الضارة من مصانعها الضخمة، وهو ما يفرض عليها ضرورة مساندة الدول الأقل نموًا، لمواجهة آثار تلك التغيرات من خلال مساعدتها سواء من ناحية التمويل أو من ناحية دعم التكيف مع تلك التغيرات المناخية القاسية.

(*) توطين التكنولوجيا الرقمية: دعا الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى تصعيد مطالب دول الجنوب على صعيدي التكنولوجيا الرقمية والتحول في مجال الطاقة، مُطالبًا بتعزيز المطالب في ظل الثورة الصناعية الرابعة، مُعتبرًا أن الثورة الرقمية والتحول في مجال الطاقة تغيران رئيسيان جاريان وأنه لا يمكن أن يشكلهما عدد قليل من الاقتصادات الثرية، مكررةً علاقة التبعية بين الوسط والأطراف، لذلك اتفق المشاركون في القمة على إعلان يوم 16 سبتمبر يومًا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في الجنوب العالمي.

تعاون جنوب-جنوب:

وفقًا لكلمة لي شي، الممثل الخاص للرئيس الصيني شي جين بينج، أمام القمة، فإن مساهمة الأسواق الناشئة والدول النامية بلغت في نمو الاقتصاد العالمي 80% في السنوات الـ20 الماضية، وارتفعت حصتها من إجمالي الناتج المحلي العالمي من 24% إلى أكثر من 40% في السنوات الـ40 الماضية، مُعتبرًا أن تعاون الجنوب- الجنوب يلعب دورًا متزايد الأهمية في الحفاظ على زخم الصعود الجماعي للدول النامية والدفع بالنمو المستقر للاقتصاد العالمي. لذلك وضعت الصين العديد من الركائز المقترحة لتطوير التعاون بين مجموعة الـ"77 والصين" لعل أهمها:

(&) التمسك بمبادئ المجموعة في الاستقلال والتضامن: تعتبر الصين أن المجموعة نشأت قبل 60 عامًا في إطار النضال من أجل تحقيق الاستقلال ومقاومة الاستغلال والاضطهاد. والتزمت الدول النامية بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي وروح "باندونج"، وحققت الاستقلال الوطني، وحافظت على السلام في العالم، ودفعت التنمية فيه. وتدعو الصين لرفض المجابهة بين المعسكرات و"عقلية الحرب الباردة"، والالتزام بتسوية الخلافات والصراعات، والالتزام بتسوية الخلافات والصراعات بين الدول بالطرق السلمية.

(&) تكريس روح الإنصاف والعدالة والمساواة والتسامح: تدعو الصين إلى ضرورة دفع المجتمع الدولي لوضع التنمية في صميم جداول الأعمال الدولية، وحث الدول المتقدمة على الوفاء بتعهداتها بشأن المساعدات الإنمائية، والتمسك بمفهوم الحوكمة العالمية المتمثل في التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، وصوت وتمثيل الدول النامية في كل المؤسسات الدولية.

(&) النهوض بالشراكة الإنمائية العالمية: ترى الصين أن مجموعة الـ"77 والصين" باعتبارهما ركيزة لتعاون "جنوب-جنوب" تعمل على تضافر الجهود لإعادة النهوض بالشراكة الإنمائية العالمية وتعزيز التنسيق بشأن السياسات الكلية، والعمل على إيجاد قوة دافعة جديدة للتنمية المحلية، وإجراء التعاون في مجالات الأمن الغذائي والحد من الفقر والتصنيع والتنمية الخضراء والتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي.

مجمل القول: إن انعقاد قمة مجموعة الـ"77 والصين" بشكل دوري يعكس ثقل المجموعة على المستوى الدولي، إذ يمثلون معًا نحو 80% من سكان العالم، وأكثر من ثلثي أعضاء الأمم المتحدة، وهو ما يتطلب مواجهة التحديات والأزمات الدولية، ولا سيما تلك المتعلقة بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك أهمية حث الدول المتقدمة على تعزيز دعمها ومساندتها لدول الجنوب، بما في ذلك نقل التكنولوجيا، وسد الفجوة الرقمية، وزيادة الاستثمارات في هذه المجالات، من أجل تلبية طموحات دول الجنوب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.