على مدى عقود كانت الولايات المتحدة مُنتقدة صريحة لدول تحت دعوى تصديرها للأيديولوجيات المتطرفة والعنف، ومع ذلك فهي تواجه الآن اتهامات بفعل الشيء نفسه.
واستعرض تحليل بمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، كيف أصبحت نظريات المؤامرة الأمريكية المحلية ومعتقدات التفوق العنصري والتطرف المناهض، وغيرها من أشكال الكراهية قضية عالمية، حتى إن الحلفاء المقربين، مثل أستراليا وكندا والمملكة المتحدة، صنفوا مجموعات ومواطنين أمريكيين على أنهم إرهابيون أجانب، علاوة على أن تصدير الإيديولوجيات المتطرفة يشكل تحديات خطيرة للأمن الدولي.
التأثير العالمي للتطرف الأمريكي
أحد الأمثلة الصارخة على هذا التطرف "صنع في أمريكا"، حدث أكتوبر 2022 عندما قتل رجل يتبنى آراء عنصرية ومعادية شخصين في حانة في براتيسلافا، بسلوفاكيا، وردد بيانه المكتوب باللغة الإنجليزية، الأيديولوجيات العنصرية والمعادية للسامية والمعادية لبعض الفئات، التي أصبحت شائعة بشكل مثير للقلق في مثل هذه الهجمات.
وعلاوة على ذلك، أعرب عن تضامنه مع أيديولوجية تفوق العرق الأبيض المتمركزة في الولايات المتحدة، التي اكتسبت زخمًا في كل من الولايات المتحدة والعالم، ويسلط هذا الحادث الضوء على النطاق الدولي للأفكار الأمريكية المتطرفة.
نظرية "الاستبدال العظيم"
يتغذى العنف اليميني المتطرف في الولايات المتحدة بشكل متزايد على فكرتين رئيسيتين تم تصديرهما إلى العالم، الأولى نظرية "الاستبدال العظيم" ونظرية التسارع، إذ تفترض نظرية "الاستبدال الكبير" أنه يتم جلب الأفراد غير البيض عمدًا إلى الدول الغربية لتقليل القوة السياسية للناخبين البيض، وبينما نشأت هذه النظرية في فرنسا، إلا أن لها جذورًا أمريكية عميقة.
ومن جهة أخرى؛ فإن التسارع استراتيجية مأخوذة من "الماركسية"، إذ تهدف إلى تسريع انهيار المجتمع من خلال الفوضى والعنف، وظهرت لأول مرة في الأدبيات المتعصبة للبيض في الثمانينيات، وتبناها المتطرفون في العصر الحديث.
تأثير التطرف الأمريكي
لقد أدى تصدير الولايات المتحدة لهذه الإيديولوجيات المتطرفة إلى دفع الأفراد إلى التطرف في جميع أنحاء العالم، يتم تسهيل هذا التصدير من خلال التكنولوجيا، إذ تجد هذه الأفكار جمهورًا عالميًا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وسلط إطلاق النار على مسجد "كرايستشيرش" في نيوزيلندا، مارس 2019، الذي ارتكبه برينتون تارانت، الضوء على التأثير العالمي للأيديولوجيات المتطرفة الأمريكية، وأشار بيان تارانت إلى "14 كلمة"، وهي عقيدة أمريكية الأصل تؤكد حماية العرق الأبيض.
التقليد والإلهام العالميين
ألهم الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي، 6 يناير 2021، محاولات مماثلة في بلدان أخرى، مثل البرازيل، وهزت هذه الأحداث تصور الولايات المتحدة باعتبارها أحد أعمدة الديمقراطية وأسهمت في تعزيز صورتها كدولة ضعيفة ومنقسمة، واستغل خصوم الولايات المتحدة هذه الثغرة الأمنية من أجل نفوذهم وعملياتهم المعلوماتية، بحسب المجلة الأمريكية.
الردود على التطرف اليميني
واتخذت العديد من الدول خطوات لمواجهة التطرف اليميني، بما في ذلك كندا، التي صنفت مجموعات مثل "براود بويز" على أنها كيانات إرهابية، ويتم النظر إلى تلك الجماعات والأفراد الأمريكيين على أنهم تهديدات مماثلة بنفس الطريقة، التي استهدفت بها الولايات المتحدة كيانات لها علاقات بتنظيمي "القاعدة" و"داعش".
الحاجة إلى القيادة الأمريكية
بحسب "فورين أفيرز"، يمثل التطرف اليميني مشكلة أمريكية في الأساس، فإن حلها يتطلب قيادة أمريكية، ولمعالجة هذه المشكلة بشكل فعّال ينبغي النظر في الخطوات التالية:
1- تصنيف الجماعات المتطرفة الأجنبية:
يجب على الخارجية الأمريكية تصنيف الجماعات الأجنبية النازية الجديدة والعنصرية البيضاء كمنظمات إرهابية أجنبية، وفي الوقت الحالي لم يتم إدراج مثل هذه المجموعات في قائمة وزارة الخارجية.
2- قانون الإرهاب الداخلي:
ينبغي للكونجرس أن ينظر في إصدار قانون للإرهاب الداخلي لتجريم العنف على أساس مختلف الفئات المحمية، وسد الفجوة في التدابير القانونية لمحاكمة المتطرفين المحليين.
3- وزارة العدل الأمريكية:
منح وزارة العدل الأمريكية القدرة على تصنيف الجماعات المتطرفة العنيفة والأفراد كإرهابيين محليين، وهو أمر مثير للجدل، لكنه ضروري لإرسال رسالة مفادها أنه لا مكان للعنف السياسي في دولة ديمقراطية.