الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"معركة الذرة".. كوريا الشمالية تدفع ثمن سياستها المتشددة من أرواح شبابها

  • مشاركة :
post-title
الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون خلال تفقده لمحاصيل الذرة

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

تواجه كوريا الشمالية أزمات عديدة في الآونة الأخيرة، ليس فقط على الصعيد الدولي، بل على الصعيد الداخلي أيضًا، حيث تشهد البلاد أزمة غذاء طاحنة بسبب السياسات المتشددة الجديدة وسوء التوزيع، ولمواجهة تلك الأزمة، يتم تعيين الطلاب الكوريين الشماليين للعمل في المزارع عدة مرات طوال العام. وتستخدم الحكومة مصطلحات عسكرية لوصف هذه السياسة، فبدلاً من إجبارهم على توفير عمالة مجانية لمحصول الذرة، يتم "تعبئتهم لخوض معركة الذرة في الخريف". وعلى مدار العام، فإن الأشخاص الذين يتم إجبارهم على العمل في المزارع سوف "يخوضون معارك" الزراعة والتسميد وإزالة الأعشاب الضارة والحصاد. حسبما ذكر "راديو آسيا الحرة".

ما هي معركة الذرة؟

يستخدم مصطلح معركة الذرة من قبل الإعلام الكوري الشمالي؛ لوصف حملة التعبئة الزراعية التي يشارك فيها آلاف الطلاب والعمال كل عام لزراعة وحصاد محصول الذرة. ويعتبر الذرة ثاني أهم محصول غذائي في كوريا الشمالية بعد الأرز، حيث يستخدم لإطعام الجيش والسكان. وتواجه كوريا الشمالية نقصًا حادًا في الغذاء بسبب العقوبات الدولية والجفاف وسوء الإدارة، لذلك تحاول زيادة إنتاجها من الذرة بمساعدة المتطوعين. حسبما ذكرت شبكة "بي بي سي".

كيف تجري معركة الذرة؟

تبدأ معركة الذرة عادة في شهر يونيو من كل عام، وتستمر حتى شهر سبتمبر، حيث يتم نقل المتطوعين إلى المناطق الريفية حيث توجد حقول الذرة، ويتم تقسيمهم إلى فرق وفصائل للقيام بأعمال مختلفة مثل حراثة التربة وزراعة البذور وسقي المحاصيل وإزالة الأعشاب وجمع المحصول. ويتم تحفيز المتطوعين بالخطابات والشعارات والأغاني التي تمجد زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون وتؤكد على أهمية المساهمة في التنمية الاقتصادية والدفاع عن الوطن. كما يتم أيضًا تقديم بعض المكافآت المادية أو المعنوية للفرق أو الأفراد الأكثر إنتاجًا.

ما هي التحديات والآثار التي تواجه معركة الذرة؟

تواجه معركة الذرة عدة تحديات وآثار سلبية على المشاركين والبلاد من بينها، نقص الموارد والتجهيزات، حيث يعاني المتطوعون من نقص في الماء والأسمدة والآلات والأدوات، ما يجبرهم على استخدام طرق بدائية لزراعة وحصاد الذرة. كما يعانون من نقص في المأوى والغذاء والصحة، ما يزيد من خطر التعرض للأمراض أو الإصابات.

بالإضافة إلى انخفاض جودة التعليم، حيث يتأثر أداء الطلاب دراسيًا بسبب انقطاعهم عن المدارس والجامعات لمدة ثلاثة أشهر، وعدم توفر المواد التعليمية أو الأنشطة الثقافية أو الرياضية في المناطق الريفية. كما يتأثر تحصيلهم المعرفي والمهني بسبب التركيز على العمل اليدوي بدلاً من التفكير الإبداعي أو النقدي.

ونتيجة لتلك الأزمات الطاحنة التي تشهدها البلاد، تزايد الاستياء والهروب، حيث يشعر بعض المتطوعين بالاستياء والضغط والخوف من المشاركة في معركة الذرة، خاصة إذا كانوا ينتمون إلى طبقات اجتماعية أو سياسية محرومة أو مضطهدة. بعضهم يحاول الهروب من الخدمة الزراعية بطرق مختلفة مثل دفع الرشاوى أو التظاهر بالمرض أو الانضمام إلى جماعات معارضة أو الهجرة إلى الخارج.

غضب شعبي

قال أحد سكان جنوب بيونغان، إن معركة الذرة الحالية بدأت في بداية الأسبوع الماضي، حيث تم تعبئة جميع طلاب المدارس المتوسطة والثانوية للعمل من الساعة 1 إلى 7 مساءً، بعد الانتهاء من الفصول الصباحية. وقالت أخري، "يحمل الأولاد بشكل رئيسي سنابل الذرة التي يتم حصادها من الحقل على ظهورهم...تقوم الفتيات بتقشير القشرة الخارجية للذرة التي يحملها الأولاد ويخزنونها في المستودع."

وتشكل عمليات التفتيش اليومية إهانة للطلاب، لكن الحكومة تعتبرها ضرورة لمنع السرقة. حيث تعاني البلاد من نقص مزمن في الغذاء منذ عقود. وقال أحد سكان مقاطعة جنوب بيونغان، شمال العاصمة بيونج يانج، لإذاعة آسيا الحرة الكورية، شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "يتضمن البحث تفتيش الطلاب لمعرفة ما إذا كان لديهم حبات ذرة في جيوبهم أو مخبأة في أحزمتهم". وأضاف آخر "يغضب بعض الطلاب ويصفعون أيدي رجال الدورية وهم يرفعون ملابسهم، قائلين أشياء مثل: لماذا تعاملونني وكأنني لص؟".

أسباب أزمة الغذاء

وترجع أزمة الغذاء الكبيرة التي تشهدها بيونج يانج لعدة أسباب على الصعيد العالمي، العقوبات الدولية المفروضة عليها من الأمم المتحدة وأمريكا بسبب برامجها النووية والصاروخية، التي تحد من قدرتها على تصدير واستيراد السلع والخدمات. بالإضافة إلى، إغلاق الحدود مع الصين وروسيا وغيرها من الدول بسبب جائحة "كوفيد-19"، التي تقلل من التجارة والتعاون والمساعدات الإنسانية.

وعلى الصعيد الداخلي، تشهد كوريا الشمالية تقلبات مناخية كبيرة منها، الطقس السيئ والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير، التي تدمر المحاصيل والبنية التحتية وتزيد من خطر انتشار الأمراض. ومن ناحية أخرى سوء الإدارة والفساد والتخطيط في قطاع الزراعة، التي تؤدي إلى انخفاض في الإنتاجية والجودة والتوزيع، كما أن نظام التملك والتوزيع المركزي للغذاء، الذي يفضل بعض الفئات على أخرى بناء على الموقف السياسي والاجتماعي، تسبب في موجة غضب كبيرة ضد "كيم".

تداعيات صحية خطيرة

وفقًا لتقرير دولي نشر في وقت سابق من هذا العام، فإن 4 من كل 10 أشخاص في كوريا الشمالية يعانون من سوء التغذية، وقد تسببت تلك الأزمة في تفشي العديد من الآثار السلبية على صحة ورفاهية وأمن شعب كوريا الشمالية، حيث يعاني كثير منهم من سوء التغذية والجوع والفقر. ويعاني الشعب أيضا من ضعف المناعة وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية والمزمنة، مثل السل والإيدز والسرطان.

وفيما يتعلق بالأطفال، فإن نقص الغذاء يؤثر على نمو الأطفال ويقلل من قدراتهم العقلية والجسدية والتعليمية، ما يزيد من معدلات الوفاة والإعاقة والهجرة. أما تأثير تلك الأزمة على النساء فقد ارتفع كثيرًا، وخاصة النساء الحوامل والمرضعات حيث يؤثر على صحة أجنتهن وأطفالهن، ما يقلل من فرص نجاتهم ويزيد من خطر حدوث تشوهات خلقية أو إجهاض أو ولادة مبكرة.