مثلت قمة أهداف التنمية المستدامة، التي عقدت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فرصة لقادة الغرب للدفاع عن سجلهم في تحقيق أهداف المنظمة الأممية، وإصرارهم على أن الحرب في أوكرانيا لن تحل دون تحقيق هذا الالتزام في إنهاء التفاوت العالمي. وفي إطار قمة خاصة في نيويورك تعد امتحانًا على التقدم نحو تحقيق الأهداف المحددة في عام 2030، اعترفت كل الأطراف بأن هناك فرصة ضئيلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2023 التي تم تحديدها في عام 2015، بما في ذلك إنهاء الفقر المدقع وحماية البيئة.
وتعتبر القمة، المنعقدة على مدار يومي 18 و19 سبتمبر الجاري، محور الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وتهدف إلى إطلاق بداية حقبة جديدة من التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية الذي أصيب بالتباطؤ، ومن المنتظر أن يتم اعتماد إعلان سياسي تطلعي من أجل تلك الغاية.
تجنب اللوم واستغلال الفرصة
وفي هذا السياق، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، جميع الأطراف بتجنب اللوم المتبادل حول سبب الفشل، وبدلًا من ذلك، دعاهم لاستغلال فرصة القمة التي تستمر من 18 – 19 سبتمبر الجاري، لوضع خطة عالمية للإنقاذ. ولكن لم يتم تحقيق هذا الهدف بالكامل خلال اليوم الافتتاحي. ويتضمن قائمة الأهداف المستدامة 17 هدفًا، تشمل 169 هدفًا محددًا، وتم اعتمادها لأول مرة في قمة التنمية المستدامة في سبتمبر 2015، وتشير معظم التقييمات إلى أن فقط 15% من الأهداف تسير على المسار الصحيح.
أهداف التنمية المستدامة
وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، بادر القادة الغربيون بالدفاع عن سجلهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للمنظمة الأممية، موضحة إصرارهم على أن الحرب في أوكرانيا لم تحل دون تحقيق هذا الالتزام في إنهاء التفاوت العالمي.
في قمة خاصة في نيويورك تمثّلت في مراجعة منتصف الطريق للتقدم نحو تحقيق الأهداف بحلول عام 2030، أقر جميع الأطراف بأن هناك فرصة ضئيلة جدًا لتحقيق المجموعة الطموحة من الالتزامات التي تم تحديدها في عام 2015، والتي تشمل إنهاء الفقر المدقع وحفظ البيئة. وعلى الرغم من ذلك، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، على ضرورة وجود "خطة عالمية للإنقاذ" من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أوضحت الصحيفة البريطانية أنه تم اعتماد إعلان سياسي يتكون من 43 فقرة، تم التوسط فيه بواسطة عدة دول، وأشار إلى أن التقدم المحرز في التنمية المستدامة قد تم عكسه. وجاء في الإعلان: "ملايين الأشخاص قد سقطوا في حالة فقر، والجوع وسوء التغذية أصبحت أكثر انتشارًا، وزادت الاحتياجات الإنسانية، وتزايدت آثار تغير المناخ. وقد أدى ذلك إلى زيادة التفاوت الاجتماعي الذي تسبب فيه تضعيف التضامن الدولي ونقص الثقة في التغلب معًا على هذه الأزمات".
قال جوتيريش في القمة: "بدلًا من عدم ترك أحد وراءنا، نحن نخاطر بترك أهداف التنمية المستدامة وراءنا.. إن أهداف التنمية المستدامة بحاجة إلى خطة عالمية للإنقاذ".
أرقام مرعبة
ونقلت "الجارديان" عن تقرير صادر عن الأمم المتحدة، أن هناك 745 مليون شخص إضافي يعانون من الجوع بشكل معتدل أو شديد في العالم اليوم مقارنة بعام 2015، وأن العالم بعيد جدًا عن تحقيق هدفه الطموح في إنهاء الجوع بحلول عام 2030. وعاد العالم إلى مستويات الجوع التي لم يشهدها منذ عام 2005، وبقيت أسعار الغذاء مرتفعة في المزيد من البلدان مقارنة بالفترة بين عامي 2015 و2019. ووفقًا لوتيرة التقدم الحالي، سيستغرق أيضًا 286 عامًا لسد الفجوات الإنسانية المقترحة في الحماية القانونية وإزالة القوانين التمييزية.
دعم مالي ضخم
تتضمن الحلول المبينة في الإعلان السياسي نطاقًا واسعًا، بما في ذلك تمويل البلدان النامية بما في ذلك دعمًا واضحًا لمقترح جوتيريش بتخصيص تحفيز لأهداف التنمية المستدامة بقيمة 1.2 تريليون دولار. وأعلنت الولايات المتحدة عن تعهدها بتقديم 420 مليار دولار، وفرنسا بتقديم 100 مليار دولار، وألمانيا بتقديم 90 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، ومع ذلك، تبقى تلك الأموال بعيدة عن تلبية الاحتياجات الهائلة لتحقيق الأهداف المستدامة.
التمويل المالي ليس كل شيء
علاوة على ذلك، أوضحت الصحيفة البريطانية أن البلدان النامية تحتاج إلى تأمين تكنولوجيا ومعرفة فنية لتعزيز التنمية المستدامة، إذ يعتبر نقل التكنولوجيا وبناء القدرات الفنية من بين الأولويات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يجب على الدول الغنية تقديم الدعم التقني والتكنولوجي للدول النامية وتسهيل نقل التكنولوجيا الحديثة والمستدامة.
ومع ذلك، لا يمكن أن يكون التقدم في إنهاء التفاوت العالمي محصورًا في التمويل وتكنولوجيا التنمية المستدامة فحسب، وأشارت الجارديان إلى أنه يجب أيضًا تعزيز الحوكمة العالمية وتقوية التعاون الدولي، بالإضافة إلى وجوب تجاوز الدول الغربية المصالح الوطنية الضيقة والتعاون بشكل أكثر فعالية مع الدول النامية لتحقيق التقدم في مجالات مثل التجارة العادلة وتخفيف الديون وتحسين النظم المالية العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتضمن التحرك نحو التنمية المستدامة التصدي للتحديات البيئية. يجب على الدول الغربية تعزيز الجهود للتخفيف من آثار تغير المناخ وتشجيع الاستدامة في استخدام الموارد الطبيعية، يجب تعزيز التزام الدول الصناعية بتقديم تمويل مناخي مناسب وتحويل التكنولوجيا للدول النامية لمساعدتها على مواجهة تحديات التغير المناخي.