قد تبدو الصورة بديعة من بعيدٍ، بحر أزرق ورمال صفراء، لكنك إذا دققت النظر قليلًا ستجد جثمانين يطفوان على سطح المياه "طفل ورجل"، لا تستطيع فرق الإنقاذ الوصول إليهما، في وقت تواصل جثامين ضحايا كارثة فيضانات درنة، خروجها من مياه البحر عند الساحل.
هيئة السلامة الوطنية، في ليبيا، أطلقت نداء استغاثة، للمعاونة في انتشال الجثمانين، بعد تداول فيديو يظهرهما طافيين على سطح المياه، بعد مرور نحو أسبوع على مأساة مدينة درنة الليبية، وقال رئيس فرقة الإنقاذ بالهيئة قسم أم الرزم، رائد عمر عقيلة، والتي عثر أفرادها على الجثمانين، إنه لا تتوافر أي إمكانات لانتشالهما.
الجثمانان ظهرا على مسافة 45 كيلو مترًا من الكارثة، إذ نقلتهما المياه إلى أم الرزم، بحسب "عقيلة" الذي أطلق نداء استغاثة لإنقاذهما.
ويعيش الليبيون في درنة، بين معاناة الناجين من أوضاع صعبة، ومخاوف من انتشار الأمراض، والألغام، وما بين استمرار جهود فرق الإنقاذ الليبية والدولية، لمحاولة انتشال آلاف الجثث من ضحايا الحدث الكارثي، في ظل تفكك وتحلل للجثث التي يُخشى من تسببها في مخاطر صحية جمة.
إحدى فرق الإنقاذ رصدت نحو 300 جثمان، إلا أن الظروف الصعبة حالت دون انتشالها، إذ إنهم لا يملكون المعدات المناسبة للوصول إلى تلك المناطق التي يصعب الوصول إليها، فيما نقلت "سي إن إن"، عن الفريق إن تلك الجثث تفككت إلى بقايا لا يمكنهم استعادتها بسبب المخاطر الصحية.
الناجون بين المخاطر الصحية والألغام
يواجه الناجون من العاصفة المدمرة التي تسبب في انهيار سدي درنة، أخطارًا متعددة تبدأ بخطر احتمالية انتشار الأوبئة بسبب الجثث التي لم يتم انتشالها سواء من البحر أو من تحت الأنقاض، وصولًا إلى الألغام الأرضية، التي تشكل خطرًا يهدد حياتهم كذلك، وتهدد حتى من يقرر مغادرة المدينة، بعد أن جرفت الفيضانات ألغامًا أرضية من مناطق متفرقة بحسب الأمم المتحدة.
كما يواجه الناجون أيضًا خطر تلوث المياه، إذ ذكر تقرير للأمم المتحدة، أن 55 طفلًا تعرضوا للتسمم جراء شربهم مياهًا ملوثة.
وتسببت الكارثة في نزوح أكثر من 40 ألف شخص، في شمال شرق ليبيا، بحسب ما أوردته المنظمة الدولية للهجرة وسط تكهنات بأن يكون العدد أكبر بكثير نظرًا لصعوبة الأوضاع، وصعوبة الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا.
بحسب وسائل إعلام رسمية، جرفت المياه ما لا يقل عن 891 بناية ودمرتها، فيما قال رئيس البلدية إن نحو 20 ألفًا ربما يكونون قد لقوا حتفهم جراء الكارثة.
وكشف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، عن أن المشردين جراء الكارثة، يعيشون في ملاجئ مؤقتة أو مدارس، أو يتكدسون في منازل أقاربهم وأصدقائهم.
تحذير من انهيار سدين قرب مدينة بنغازي
حذرت الأمم المتحدة من الوضع المتهالك لسد وادي جازا وسد القطارة، قرب مدينة بنغازي، إذ يواجهان شبح الانهيار، بعدما غمرتهما المياه بشكل سريع، وهو ما يثير مخاوف جديدة بشأن انهيار مدمر لسد آخر، بحسب تقرير نشره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
أعداد المفقودين
تحدث تقرير الأمم المتحدة عن أن عدد القتلى نحو 11 ألفًا و300، إضافة إلى نحو 10 آلاف مفقود في مدينة درنة وحدها، فيما قال الدكتور أسامة الفاخري مدير مكتب وزير الصحة بحكومة الشرق، إن عدد القتلى حتى الآن 3252 وجميعهم دفنوا، وأن عمليات الإغاثة مُستمرة، إلا أنه قال إن أعداد المفقودين غير معروفة؛ لأن هناك عائلات بأكملها لقيت حتفها، ولم يأت أحد للإبلاغ عنها.