الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

درنة المنكوبة.. العوامل الفتاكة التي أحدثت أسوأ كارثة في إفريقيا

  • مشاركة :
post-title
صورة بالقمر الاصطناعى تظهر حجم كارثة الفيضان فى درنة

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

عدة عوامل تقف وراء كارثة الفيضان المدمر الذي اجتاح مدينة درنة بشرق ليبيا، وجرف أحياء بأكملها في البحر، وأودى بحياة الآلاف، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، في تقرير لها عن الكارثة الأسوأ فتكًا في إفريقيا.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود في بيان لها، أمس الخميس، إن ما لا يقل عن 5000 شخص في ليبيا، لقوا حتفهم بسبب الفيضانات، وذلك بعد مراجعة تقديراتها السابقة.

وكان عدد سكان درنة يبلغ نحو 100 ألف نسمة قبل وقوع الكارثة، وتقول السلطات المحلية إن ما لا يقل عن 10 آلاف ما زالوا في عداد المفقودين.

ودمرت المباني والمنازل والبنية التحتية عندما ضربت موجة ارتفاعها 7 أمتار المدينة، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي قالت أمس الخميس، إن جثث الموتى تنجرف من جديد على الشاطئ.

ولكن مع مقتل الآلاف وما زال كثيرون في عداد المفقودين، هناك تساؤلات حول لما العاصفة التي ضربت اليونان ودول أخرى أيضًا، تسببت في المزيد من الدمار في ليبيا.

عوامل فتاكة

وحسب "سي. إن. إن"، يقول الخبراء إنه بصرف النظر عن العاصفة القوية نفسها، فإن كارثة ليبيا تفاقمت إلى حد كبير بسبب مجموعة قاتلة من العوامل بما في ذلك عمر البنية التحتية المتهالكة، والتحذيرات غير الكافية، وتأثيرات أزمة المناخ المتسارعة.

هطول الأمطار الغزيرة التي ضربت ليبيا، الأحد الماضي، كان سببها العاصفة "دانيال". فبعد أن اجتاحت اليونان وتركيا وبلغاريا، وتسببت في فيضانات شديدة أدت إلى مقتل أكثر من 20 شخصًا، تحولت العاصفة إلى "عاصفة استوائية" فوق البحر الأبيض المتوسط ـ وهو نوع نادر نسبيا من العواصف يحمل خصائص مماثلة للأعاصير والأعاصير المدارية.

وتصاعدت قوة العاصفة أثناء عبورها مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة، بشكل غير معتاد قبل هطول أمطار غزيرة على ليبيا، الأحد الماضي.

وجلبت العاصفة "دانيال" أكثر من 16 بوصة (414 ملم) من الأمطار خلال 24 ساعة إلى البيضاء، وهي مدينة تقع غرب درنة، وهو رقم قياسي جديد.

تغير المناخ

ويؤكد العلماء أن تغير المناخ يزيد من شدة الأحداث المناخية المتطرفة مثل العواصف، إذ توفر المحيطات الأكثر دفئًا الوقود اللازم لنمو العواصف، ويمكن للجو الأكثر دفئًا أن يحمل المزيد من الرطوبة، ما يعني هطول أمطار أكثر غزارة.

وقالت هانا كلوك، أستاذة الهيدرولوجيا في جامعة ريدينج في المملكة المتحدة، إن العواصف "أصبحت أكثر شراسة بسبب تغير المناخ".

سدا درنة

درنة معرضة للفيضانات، وتسببت خزانات سدودها في خمسة فيضانات مميتة على الأقل منذ عام 1942، كان آخرها في عام 2011، وفقًا لورقة بحثية نشرتها جامعة سبها الليبية العام الماضي.

والسدان اللذان انفجرا، الاثنين، تم بناؤهما قبل حوالي نصف قرن، بين عامي 1973 و1977، من قبل شركة إنشاءات يوغوسلافية.

ويبلغ ارتفاع سد درنة 75 مترا (246 قدمًا) وسعة تخزينية تبلغ 18 مليون متر مكعب (4.76 مليار جالون). أما سد المنصور الثاني فيبلغ ارتفاعه 45 مترا (148 قدمًا) وسعة 1.5 مليون متر مكعب (396 مليون جالون).

وقال نائب رئيس بلدية درنة أحمد مدرود، إن تلك السدود لم تخضع للصيانة منذ عام 2002. لكن مشاكل السدود كانت معروفة، إذ حذرت ورقة جامعة سبها، من أن السدود في درنة لديها "احتمال كبير لمخاطر الفيضانات" وأن هناك حاجة إلى صيانة دورية لتجنب الفيضانات "الكارثية".

وأوصت الورقة العام الماضي بأن "الوضع الحالي في خزان وادي درنة يتطلب من المسؤولين اتخاذ إجراءات فورية لإجراء الصيانة الدورية للسدود القائمة".

وحذرت الورقة أنه في حال حدوث فيضان كبير، ستكون النتيجة كارثية على سكان الوادي والمدينة. ووجدت أيضًا أن المنطقة المحيطة تفتقر إلى الغطاء النباتي المناسب الذي يمكن أن يمنع تآكل التربة. ودعت سكان المنطقة إلى الوعي بمخاطر الفيضانات.

ونقلت "سي. إن. إن" عن ليز ستيفنز، أستاذة المخاطر المناخية والقدرة على الصمود في جامعة ريدينج في المملكة المتحدة، إن هناك أسئلة جدية يجب طرحها حول معيار تصميم السد، وما إذا كان خطر هطول الأمطار الغزيرة للغاية قد تم أخذه في الاعتبار بشكل كافٍ.

وأضافت ليز: " من الواضح جدًا أنه لولا انهيار السد، لم نكن لنرى العدد المأساوي للوفيات الذي حدث نتيجة لذلك".

وتابعت: "كان من الممكن أن تمنع السدود المياه في البداية، ومن المحتمل أن يؤدي فشلها إلى إطلاق كل المياه دفعة واحدة"، مضيفة أن "الحطام العالق في مياه الفيضانات كان سيزيد من القوة التدميرية".

التحذيرات

أما بيتري تالاس، رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، قال إن التحذيرات الأفضل كان من الممكن أن تتجنب وقوع معظم الضحايا في درنة.

وأضاف تالاس في مؤتمر صحفي الخميس، أمس الخميس: "لو كانت هناك خدمة أرصاد جوية تعمل بشكل طبيعي، لأصدروا التحذيرات، ولكانت إدارة الطوارئ أيضًا قادرة على تنفيذ عمليات إجلاء للناس، وكنا قد تجنبنا معظم الخسائر البشرية".

ومع ذلك، حتى أنظمة الإنذار المبكر القوية لا تضمن إمكانية إنقاذ جميع الأرواح، وفق ما قالت كلوك أستاذة الهيدرولوجيا، مضيفة إنه قد يكون من الصعب للغاية التنبؤ بانهيار السدود، كما أنها سريعة وشرسة. مشيرة إلى الحجم الهائل من المياه الذي اجتاح المدينة بالكامل، "إنها واحدة من أسوأ أنواع الفيضانات التي تحدث على الإطلاق".

وقالت كلوك إنه في حين أن السدود مصممة عادة لتحمل الأحداث المتطرفة نسبيا، إلا أن ذلك لا يكون كافيًا في كثير من الأحيان. وأضافت: "يجب أن نستعد لأحداث غير متوقعة، ثم نضع تغير المناخ على رأس القائمة".

وأوضحت قائلة: "إن الخطر الذي يفرضه الطقس المتطرف على البنية التحتية، وليس السدود فحسب، بل كل شيء من المباني إلى إمدادات المياه. واختتمت كلوك: "لسنا مستعدين للأحداث المتطرفة القادمة نحونا".