بينما لا تزال الإحصاءات غير دقيقة وسط تطور مستمر يكافئ حجم كارثة غير مسبوقة تعيشها مدن شرق ليبيا، جراء إعصار دانيال، تتجه التقديرات إلى حجم ضحايا يصل إلى نحو 20 ألف شخص، فيما بات أكثر من ثلث مدينة درنة "من الماضي"، بعد أن جرفت المياه أحياء بسكانها وقبورًا بموتاها إلى البحر.
20 ألف ضحية
قال مدير مركز البيضا الطبي، دكتور عبد الرحيم مازق، إن حصيلة القتلى بلغت أكثر من 20 ألف شخص، تشمل جثامين جرفتها مياه السيول إلى الشوارع بعد أن أخرجتها من المقابر، في تصريح أدلى به لقناة "القاهرة الإخبارية" أمس الثلاثاء، للوقوف على مستجدات الوضع في ليبيا.
وأضاف "مازق" أن الفرق استطاعت حتى الآن انتشال ما يتجاوز بقليل 5000 جثمان، وسط جهود مضنية يعرقلها وضع كارثي باتت أمامه جميع الإمكانيات عاجزة.
وضرب إعصار دانيال شرق ليبيا، بعد ظهر الأحد، لا سيما مدن الجبل الأخضر الساحلية، ووصل بنغازي، حيث تم إعلان حظر تجول وإغلاق المدارس لأيام، وأعلنت مدن درنة والبيضا وسوسة منكوبة.
وأعلنت الحكومة الليبية، الاثنين، تنكيس الأعلام بجميع مرافق الدولة لثلاثة أيام؛ حدادًا على ضحايا السيول في شرق ليبيا، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الحكومية (وال).
كارثة درنة المنكوبة
أما درنة فلا يزال وضعها آخذًا في التطور، إذ تأتي على رأس مدن الشرق الليبي الأكثر تضررًا، بعد انهيار سدّين مائيين جرفا أحياءً بأكملها وبسكانها إلى البحر، واختفت ثلث المدينة، فيما انتشرت جثث الضحايا في كل مكان.
قال رئيس مركز البيضاء الطبي الليبي، إن ثلث مدينة درنة وعائلات بأكملها جرفتها مياه الفيضانات إلى عرض البحر.
ووصف وزير الطيران المدني وعضو لجنة الطوارئ في حكومة شرق ليبيا هشام شكيوات، لوكالة "رويترز" الوضع في درنة بالكارثي، وقال اليوم "الجثث ملقاة في كل مكان في البحر، في الأودية، وتحت المباني". وأضاف "ليس لديَّ عدد إجمالي للقتلى لكن هو كبير جدًا.. عدد الجثث المنتشلة في درنة تجاوز الألف… لا أبالغ عندما أقول إن 25 في المئة من المدينة اختفى. العديد من المباني انهارت".
وقال جهاز الإسعاف والطوارئ في ليبيا، في بيان، إن السيول التي جلبتها العاصفة دانيال خلفت حتى الآن 2300 من القتلى في درنة، وحدها وأكثر من 5000 مفقود. حسبما أورد موقع "ليبيا 24".
وأمام حصيلة متغيرة للقتلى والمفقودين، قال وزير الصحة الليبي في الحكومة المكلفة من البرلمان، عثمان عبد الجليل، إن السلطات بالمنطقة الشرقية تتوقع آلاف المفقودين جراء الفيضانات والسيول في درنة وحدها، موضحًا أن السيول الجارفة والفيضانات ازدادت وطأتها على المدينة بفعل انهيار سدين مائيين جراء العاصفة دانيال.
صعوبات تواجه عمليات الإنقاذ
وأفادت "الطوارئ الليبية" بأن فرق الإنقاذ تتوالى تباعًا للوصول إلى مدينة درنة وغيرها من المدن المتضررة من السيول الناتجة عن العاصفة دانيال، لكنها أشارت إلى وجود صعوبات تواجه عمليات الإنقاذ في المناطق المنكوبة بالفيضانات.
وقال مدير مركز البيضا الطبي في ليبيا، إن أغلب المصابين في صفوف فرق الإنقاذ.
وأعلن القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، رفع درجة الاستعداد في كل وحدات القوات المسلحة، لكن الرياح العاتية منعت استخدام القوات الجوية.
وقدّمت القوات المسلحة مساعدات للمتضررين في أماكن الإيواء، سواء بالمواد الغذائية أو الأدوية. حسبما أفاد المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي أمس.
مصر تساند ليبيا
وأمام وضع كارثي، هبّت مصر لنجدة، الجارة الشقيقة ليبيا، إذ دفعت بـ 25 فريقًا متخصصًا في البحث والإنقاذ، مزودًا بمعدات خاصة وأجهزة طبية، وصلت أمس، على متن ثلاث طائرات شحن مصرية لمطار بنينا الدولي ببنغازي.
والطائرات الثلاثة التي وصلت من مصر، هي بداية لجسر جوي من المساعدات، أعلنت مصر استعدادها لإنشائه لدعم ليبيا وتقديم كافة المساعدات الممكنة.
إضافة إلى ذلك تعتزم الدولة المصرية تقديم قوافل مساعدات أخرى عبر منفذ السلوم البري. حسبما نوه اللواء المسماري، مشيرًا إلى أن الكارثة التي تعرضت لها مدن ومناطق الجبل الأخضر تحتاج لإمكانات هائلة كونها منطقة جبلية صعبة وتتطلب فرقًا متخصصة في عمليات البحث والإنقاذ.
ووصل وفد عسكري مصري برئاسة الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، أمس الثلاثاء، لدولة ليبيا، لتنسيق سبل تقديم أوجه الدعم اللوجيستي والإغاثة الإنسانية العاجلة، بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات الليبية المختصة، وفقًا لاحتياجاتها لمواجهة التداعيات المترتبة على الإعصار.