اكتسبت الحرب الروسية ألأوكرانية أبعادًا أوسع بعد تأكيد تقارير عن نية الولايات المتحدة تزويد القوات الأوكرانية بصواريخ بعيد المدى من طراز "أتاكامس" كجزء من حزمة دعم عسكري جديدة.
وتعتبر صواريخ "أتاكامس" من أهم الأسلحة التي يمكن أن تغير مجرى الحرب لصالح أوكرانيا؛ بسبب مداها الاستراتيجي الذي يصل إلى 300 كم، ما يتيح للقوات الأوكرانية ضرب أهداف عسكرية روسية بعيدة المنال حتى في شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا منذ عام 2014.
زعزعة السيطرة على شبه جزيرة القرم
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيوزويك" الأمريكية، فإن تزويد أوكرانيا بصواريخ "أتاكامس" قد يزعزع السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم، بحسب الجنرال الأمريكي السابق بين هودجز الذي قال إن "القرم هي المنطقة الحاسمة في هذه الحرب" وأن "عزلها ثم جعلها غير قابلة للبقاء هما الخطوتان الضروريتان لتحريرها".
كما نقلت تقارير صحفية عن مصادر أمريكية تأكيد نية الولايات المتحدة تزويد القوات الأوكرانية بصواريخ أرض-أرض متوسطة المدى من طراز "أتاكامس" كجزء من حزمة دعم عسكري جديدة.
وأشارت شبكة "أي بي سي نيوز" الإخبارية، عن مسؤول أمريكي لم يذكر اسمه، قوله إن الأسلحة قادمة. وقال مسؤول آخر إن النظام مطروح على الطاولة ومن المرجح أن يتم تضمينه في الحزمة الأمنية الأمريكية المقبلة لكييف، على الرغم من عدم اتخاذ قرار نهائي بعد.
القرم "غير قابلة للبقاء"
وأكد الجنرال بين هودجز، القائد السابق للقوات البرية الأمريكية في أوروبا، أن صواريخ أتاكامس ستجعل القرم "غير قابلة للبقاء" بالنسبة للروس. كما ذكر أن "عزل القرم وجعلها غير قابلة للبقاء هما الخطوتان الضروريتان لتحريرها". كما أكد خبراء عسكريون أن هذه الصواريخ ستمنح أوكرانيا القدرة على ضرب أهداف حساسة في جميع أنحاء شبه الجزيرة، بما في ذلك قواعد الطيران ومراكز القيادة والسيطرة الروسية.
وكتب "هودجز" على موقع أكس (تويتر سابقًا) أنه إذا كان تقرير "أي بي سي" صحيحًا، وإذا وافقت ألمانيا على تقديم صواريخ توروس كروز، فإن "أوكرانيا ستجعل شبه جزيرة القرم قريبًا غير قابلة للدفاع عنها بالنسبة للقوات الروسية، وخاصة أسطول البحر الأسود، سيفاستوبول وساكي ودزانكوي جميعها بسهولة في نطاق النيران".
تأثير استراتيجي كبير
ومن المتوقع أن يكون لتزويد أوكرانيا بصواريخ أتاكامس تأثير استراتيجي كبير على مسار الحرب، بحسب المجلة الأمريكية، إذ ستمنح كييف قدرًا أكبر من الحرية العملياتية لاستعادة الأراضي بما في ذلك شبه جزيرة القرم الاستراتيجية التي تسيطر عليها روسيا منذ عام 2014. كما ستجبر القوات الروسية على إعادة النظر في خططها العسكرية وإعادة توزيع قواتها لحماية مواقعها الحيوية في شبه الجزيرة من الضربات الأوكرانية المحتملة، وبالتالي فإن تزويد أوكرانيا بصواريخ أتاكامس قد يغيّر التوازن العسكري لصالحها ويمهد الطريق لاستعادة المزيد من الأراضي.
تبعات القرار
ومع ذلك، فإن هذا القرار ليس خاليًا من التبعات والمخاوف. فالبعض يعتقد أن تزويد أوكرانيا بأسلحة أطول مدى قد يزيد من احتمالات التصعيد مع روسيا، بينما تشير مخاوف أخرى إلى أن الصواريخ قد تستخدم لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية ما قد يدفع موسكو للرد بقوة.
وفي يوليو الماضي، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إن بايدن تحدث مع نظيره الأوكراني بشأن توفير الأسلحة وأن "سواء كنا سنقدم نظام أتاكامس في نهاية المطاف أم لا سيكون قرارًا للرئيس"، بحسب ما أشارت شبكة "سي أن أن" الأمريكية.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، في أغسطس المنقضي، إن القوات الأوكرانية ستنشر صواريخ بعيدة المدى، مثل صواريخ أتاكامس، داخل حدودها فقط.
من ناحية أخرى، يرى المؤيدون لهذا القرار أنه مبرر استراتيجي لأنه يهدف لاستعادة الأراضي الأوكرانية وفق الشرعية الدولية. كما أن الصواريخ الأمريكية ستساعد أوكرانيا على الدفاع عن نفسها بشكل أفضل ضد الهجمات الروسية. ومن شأنها أيضا زيادة الضغط على روسيا لقبول حل سياسي للنزاع.
وبالنظر إلى التحديات المتزايدة التي تواجهها روسيا عسكريًا في أوكرانيا، فإن تزويد الأخيرة بصواريخ أتاكامس قد يشكل نقطة تحول حاسمة لصالحها. وقد يدفع موسكو إلى إعادة النظر بخططها أو البحث عن حل سياسي للنزاع. غير أن الآثار الاستراتيجية الدقيقة لهذا القرار ستظل محل تساؤلات إلى أن يتضح مدى قدرة الصواريخ على تغيير موازين القوى على أرض الواقع.