تدهورت العلاقات السياسية بين الصين وأستراليا في السنوات الأخيرة، نتيجة للخلافات حول مجموعة من القضايا المهمة مثل حقوق الإنسان، الأمن القومي، التجارة، وجائحة كوفيد-19.
محاولات للتهدئة
ورغم محاولات سابقة لتهدئة هذه التوترات، إلا أنها استمرت في التصاعد، وفي هذا السياق، زار سكوت موريسون، رئيس وزراء أستراليا، الصين، نوفمبر الماضي، إذ التقى الرئيس الصيني شي جين بينج، وأعلنا عن بدء حوار استراتيجي جديد بين البلدين، لكن هذا التقارب لم يستمر طويلًا بعدما انضمت أستراليا إلى تحالف "أوكوس" الدفاعي مع الولايات المتحدة وبريطانيا، الذي يهدف لبناء غواصات نووية وسط تصاعد التوتر مع الصين.
زيارة رئيس وزراء أسترالي لبكين
من جهتهم، سعى المسؤولون الأستراليون إلى استعادة العلاقات الاستراتيجية مع الصين خلال قمة "آسيان"، خاصة بعدما أعرب أنتوني ألبانيز، رئيس الوزراء، عن رغبته في زيارة الصين هذا العام، ورحبّت الصين بالزيارة التي وصفتها بـ"التاريخية"، وعبّرت عن تطلعها لاستئناف العلاقات بعد فترة من التوتر.
وتتضمن زيارة "ألبانيز" للصين العديد من الترتيبات والاتفاقيات المتوقعة، إذ أشار "ألبانيز" إلى أنه سيزور الصين في وقت لاحق من هذا العام، بعد محادثاته مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشانج، وتعد تلك الزيارة الأولى لرئيس وزراء أستراليا، إلى الصين منذ عام 2016، حسبما ذكرت شبكة "جلوبال تايمز" الصينية.
آسيا بيت مشترك
كانت الصين على هذا التطور إيجابيًا، إذ أعرب رئيس الوزراء الصيني لي كه تشانج، عن استعداد بكين للتعاون مع أستراليا في مجموعة متنوعة من المجالات، مشيرًا إلى أن آسيا والمحيط الهادئ هما البيت المشترك لكل من الصين وأستراليا، وعبّر عن رغبته في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، وأكدت الصين أن العلاقة بينها وبين أستراليا لا تزال "صحية" و"مستقرة" وتخدم مصالح الشعبين.
فترة من التدهور
منذ عام 2017، شهدت العلاقات بين الصين وأستراليا سلسلة من التوترات والخلافات، نتج عنها تبادل للانتقادات والعقوبات والإجراءات التصعيدية، إذ اتهمت أستراليا الصين بالتدخل في شؤونها الداخلية، ومحاولة التأثير على سياسة وإعلام أستراليا، حسبما ذكرت "فرانس 24".
وأصدرت أستراليا قانونًا يحظر التبرعات الأجنبية للأحزاب السياسية، ويلزم المؤسسات التابعة لحكومات أجنبية بالتسجيل كوكلاء أجانب، كما دعت أستراليا العالم لإجراء تحقیق مستقل في منشأ فيروس كورونا المستجد بالصين، وفرض القیود على شبکة 5G لشرکة "هواوي" الصينية.
أسباب التقارب المفاجئ
في مواجهة التحديات والفرص التي تشكلها التغيرات في الأمن والتجارة والبيئة على المستوى الإقليمي والعالمي، أدركت كل من الصين وأستراليا ضرورة تحسين علاقاتهما، وإعادة بناء الثقة، وتعزيز التعاون في مجالات مشتركة للمصلحة، حسبما ذكرت شبكة "بي بي سي"، فأصبح هناك رغبة مشتركة من "بكين" و"كانبرا" باستئناف التجارة الحرة بينهما، بعد أن فرضت الصين عقوبات اقتصادية على عدد من المنتجات الأسترالية، مثل الشعير واللحوم والفحم، بالإضافة إلى التعامل مع تفشي جائحة كوفيد-19، وتطوير سبل للتعافي من آثارها على الصحة والاقتصاد، ومواجهة التحديات المتعلقة بالتغير المناخي، والتزامهما بخفض انبعاثات الكربون، ودعم التطورات التكنولوجية في مجالات الطاقة المتجددة، كما يسعى الجانبان إلى تعزيز التفاهم والحوار بشأن قضايا إقليمية ودولية حساسة، مثل أمن شبه الجزيرة الكورية، وحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، وقضايا أخرى تتعلق بحقوق الإنسان.