ازدهرت صناعة "الأسلحة الخادعة" أو "الأفخاخ" في الحرب الدائرة حاليًا بين روسيا وأوكرانيا، إذ كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن ورشة عمل تتسابق فيها مجموعة فريدة من خبراء الأسلحة الأوكرانيين، لإنتاج بنادق مدفعية وهمية، وشاحنات رادار لا تستطيع اكتشاف أي شيء وصواريخ دون متفجرات.
تلك القطع عبارة عن "أفخاخ" تهدف إلى جذب النيران الروسية، وإهدار ذخائر العدو وصواريخه وطائراته دون طيار مع حماية المعدات الحقيقية والجنود الذين يديرونها.
وتتمثل مهارة فريق صناعة الأسلحة الخادعة، في تشكيل البلاستيك والخشب الخردة والمعادن، وإنتاج نسخ من أنظمة الأسلحة المتقدمة، بدقة كافية لإقناع مشغلي كاميرات الطائرات دون طيار الروسية والقوات المتمرسة في القتال على الأرض بأنهم عسكريون حقيقيون وأهداف.
ويقيس خبراء الأسلحة نجاحهم بمدى سرعة تدمير منتجاتهم، وتمتلئ خزانة بالقرب من ورشة عملهم بهدايا تذكارية باهظة الثمن لهذا النجاح، بما في ذلك المحرك والشظايا المتكسرة للمسيرة "شاهد" إيرانية الصنع، والجناح المحطم للمسيرة "لانسيت" روسية الصنع، وكلاهما تم استدراجهما لمهاجمة المعدات المزيفة.
ونقلت "الجارديان" عن أحد العاملين فى الورشة: "إن ضرب شرك هو خطأ مكلف بالنسبة لروسيا، ويعني أيضًا هجومًا أقل على موقع أوكراني حقيقي".
وأضاف العامل: "هذه يمكن أن تنقذ حياة رجالنا وأصدقائنا الذين يخدموننا"، مردفًا: "لدينا اتفاق مع الجيش لمشاركة الصور وبقايا الهجمات (على الأفخاخ الخداعية)، كدليل على أننا قمنا بعمل جيد".
فريق صناعة الأسلحة الخادعة
وأجرت "الجارديان" مُقابلة مع فريق العمل في الورشة، وهو اجتماع تم ترتيبه بشرط عدم تحديد الرجال وموقعهم.
ولفتت الصحيفة إلى أن فريق العمل موظفون منتدبون في شركة الصلب "ميتينفيست"، التي كانت تدير مصنع "أزوفستال" للصلب في ماريوبول.
وقال متحدث باسم "ميتينفيست": إن المساهم الرئيسي في الشركة هو أغنى رجل بأوكرانيا، رينات أحمدوف، الذي دعم المشروع الخادع شخصيًا.
ويتكون الفريق بالكامل من متطوعين، تم استخلاصهم من كشوف المرتبات قبل فبراير 2022، وهذا يضمن الثقة في المجموعة.
ويقول أحد العاملين: "علينا أن نكون قادرين على الثقة ببعضنا البعض، فنحن لم نقم فقط بتوظيف أشخاص من الشوارع. نحن نعرف هؤلاء الرجال".
ويقوم فريق صناعة الأسلحة الخادعة، بانتظام بتحديث "خط الإنتاج" الخاص بهم لتقليد الأسلحة الجديدة التي تصل ترسانة أوكرانيا، وتقديم نماذج أكثر واقعية.
ومع استخدام الجانبين للأفخاخ الخداعية، نشرت روسيا دبابات قابلة للنفخ تفرغ من مواقعها، ويقوم الروس الآن بالمزيد من الاستطلاع للتحقق من الرؤية، لكن الفريق الأوكراني لصناعة الأسلحة الخادعة، يعتقد أن تصميماتهم يمكن أن تظل متقدمة بخطوة.
وقام الفريق أخيرًا بحيلة لتقليد حرارة أنظمة الأسلحة الحقيقية، وبالتالي فإن النماذج مقنعة ليس فقط في وضح النهار، ولكن أيضًا في الليل عند ملاحظتها من خلال مشاهد الصور الحرارية.
الأفخاخ صناعة تاريخية في الحروب
وتجدر الإشارة إلى أن صناعة الأفخاخ والخداع مرتبطة بالحروب منذ تاريخ بعيد، وأحد أقدم الأمثلة، حصان طروادة، الذي دخل إلى القواميس الإنجليزية باعتباره اختصارًا لشيء "يقصد سرًا تقويض العدو أو التسبب في سقوطه".
وتم نشر الدبابات المتفجرة لأول مرة بشكل كبير من قبل قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية. وفي ذلك الصراع، أرسلت الولايات المتحدة فرقة كاملة من "جيش الأشباح"، وهي القوات الخاصة بالمقر الـ23، التي استخدمت أيضًا المؤثرات الصوتية، وإشارات الراديو الكاذبة، ومجموعة من الأوهام الأخرى لتقليد تحركات القوات الكبيرة.