يعتزم حزب العمال البريطاني المُعارض، اللجوء إلى التصويت في البرلمان، لإجبار حكومة المحافظين على إعلان قائمة كاملة بالمدارس المتأثرة بـ"الخرسانة الرغوية"، بعد أيام من رفض الوزراء القيام بهذا الإجراء.
تلقت أكثر من 150 مدرسة في بريطانيا أوامر بإغلاق بعض مبانيها لاعتبارها غير آمنة، ما أثار غصب أولياء الأمور والمعلمين مع بدء فصل دراسي جديد، ومثّل مُشكلة جديدة للحكومة.
وحسب ما ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، كانت الحكومة البريطانية حددت ما يزيد على 100 مدرسة مضطرة للإغلاق، ما أدى إلى إغراق الفصل الدراسي الجديد في حالة من الفوضى، لأن الأبنية تحتوي على "الخرسانة الرغوية"، وهي نوع من الخرسانة المسامية خفيفة الوزن كثافتها أقل من كثافة الخرسانة العادية، وكانت تستخدم في المدارس والكليات والمباني العامة الأخرى في الخمسينيات حتى منتصف التسعينيات.
لكن وزارة التعليم البريطانية تماطل حتى الآن عن إعلان أسماء المواقع المتأثرة، وبدلًا من ذلك تقول إنها تترك الأمر للمدارس لإبلاغ أولياء الأمور.
ومع عودة النواب إلى مجلس العموم، غدًا الإثنين، بعد العطلة الصيفية، سيحاول حزب العمال استغلال هذا الفشل السياسي من خلال طرح خطاب متواضع ــ وهي آلية برلمانية غامضة تستخدم أحيانًا لطلب الأوراق من الإدارات الحكومية ــ لإجبارها على نشر القائمة كاملة.
ونقلت "الإندبندنت" عن بريدجيت فيليبسون، من حزب العمال، وزيرة التعليم في حكومة الظل: "لقد حان الوقت لكي يتسم الوزراء بالشفافية بشأن تعاملهم مع هذه الكارثة، إذا استمروا في رفض نشر هذه الوثائق وإعطاء الآباء التطمينات التي يستحقونها بشأن المخاطر التي تهدد سلامة أطفالهم، فسنجبر على التصويت في البرلمان، الأسبوع المقبل".
156 مدرسة عرضة للانهيار
وقالت وزارة التعليم البريطانية، أول أمس الجمعة، إن 156 مدرسة تأثرت جرّاء استخدام "الخرسانة الرغوية" في بناء بعض مبانيها، التي تقول السلطات إنها تواجه خطر الانهيار، بحسب وكالة "رويترز".
غير أن جيليان كيجان، وزيرة التعليم البريطانية، قالت إن غالبية المدارس المتضررة ستواصل الدراسة على نحو طبيعي لجميع التلاميذ، إذ إن مشكلة الخرسانة لا توجد إلا في جزء صغير من المباني.
ومع ذلك، من المتوقع أن يرتفع عدد المدارس المتضررة، وحذر الخبراء من أن المشكلة تمتد إلى ما هو أبعد من المؤسسات التعليمية لتشمل المباني العامة الأخرى، مثل المستشفيات ومراكز الشرطة والمحاكم والمكاتب، حسب "الإندبندنت".
وفي وقت سابق من هذا العام، قال مكتب التدقيق الوطني، إن العشرات من مباني هيئة الخدمات الصحية الوطنية تحتوي على مادة الخرسانة الرغوية، وفق الصحيفة.
ويزيد الانطباع بأن البنية التحتية الوطنية الحيوية تنهار من التحديات التي يواجهها ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، الذي سيخوض انتخابات عامة مقررة العام المقبل، في أعقاب إضرابات بقطاعات التعليم والرعاية الصحية والنقل.
تفوق العمال في الاستطلاعات
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شركة "أوبينيوم" لأبحاث السوق، أمس السبت، تفوق حزب العمال المعارض في بريطانيا بفارق 14 نقطة على حزب المحافظين الحاكم، بزعامة سوناك، الذي أطلق حملات سياسية تهدف إلى استعادة ثقة الناخبين قبل الانتخابات العامة، المقررة العام المقبل.
وكشف الاستطلاع، الذي استند إلى آراء 2055 بالغًا بريطانيًا، خلال الفترة من 30 أغسطس الماضي إلى 1 سبتمبر الجاري، أن تأييد حزب العمال ارتفع إلى 42% بزيادة نقطة مئوية واحدة، منذ الاستطلاع الذي سبقه في يوليو الماضي، بينما زاد تأييد حزب المحافظين نقطتين إلى 28%.
وبيّن الاستطلاع "فشل" حزب المحافظين في تحويل الأمور لصالح "سوناك"، إذ انخفض تأييد رئيس الوزراء البريطاني نقطتين، خلال الأسبوعين الماضيين إلى -25%، بحسب ما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
المانحون يدعمون العمال
وفي أحدث علامة على تراجع الدعم عن "سوناك"، قال أحد المانحين الرئيسيين لحزب المحافظين، إنه سيفتح محفظته لحزب العمال في الفترة التي تسبق الانتخابات المقبلة، حسب ما ذكرت "الإندبندنت".
وكشف محمد أميرسي، الذي تبرع مع شريكه بمبلغ 750 ألف جنيه إسترليني لحزب المحافظين، أنه سيتبرع بالمال لسياسيي حزب العمال، إذ حذر من أن أجزاء كبيرة من المملكة المتحدة تعاني مشكلات ضخمة، بما في ذلك الجريمة والبطالة.
وقال قطب الاتصالات البريطاني للإندبندنت: "أشعر أن البلاد بحاجة إلى المساعدة في العديد من الأماكن بالشمال والشرق، إذ تعاني المجتمعات من الجريمة والبطالة والفقر.. كلها مشكلات ضخمة. لذا، من هو في وضع أفضل ولديه استراتيجية حول أفضل السبل للتعامل مع ناخبيه، يسعدني تقديم الدعم له".
وأضاف أميرسى: "إذا جاء أحد أعضاء البرلمان من حزب العمال، وقال: انظر، لقد كنت عضوًا في البرلمان هنا وأحتاج إلى المال للمساعدة في التواصل، هل يمكنك المساعدة؟ سأفعل ذلك".
ويأتي تدخل أميرسى في الوقت الذي يكشف فيه تحليل جديد أن رئيس الوزراء مُجبر على الاعتماد على مجموعة متضائلة من المانحين، مع استنزاف الدعم للمحافظين وتظهر استطلاعات الرأي أن الحزب في طريقه للطرد بالانتخابات المقبلة.
ووفقًا لتحليل أجرته صحيفة "الإندبندنت"، جاءت أربعة أخماس جميع التبرعات الفردية المقدمة لحزب المحافظين، منذ دخول سوناك إلى داونينج ستريت من 10 أشخاص أثرياء فقط.