" رحّال أنا مهرتي جرحي، سفر عمري طويل، أعثر وأرد أنهار، أضعف مستحيل، زمني يعاندني ويخطف ما أريد، حزني كسر ظهري قيدني بحديد، أرجع وأصيح الله، الله وأبدأ من جديد، هذا أنا"، هكذا وصف الشاعر العراقي كريم العراقي نفسه، الذي وافته المنية صباح اليوم، بأحد مستشفيات إمارة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، عن عمر ناهز الـ 68 عامًا.
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى سرادق عزاء، لينعي الفقيد كبار النجوم والمطربين ممن تعاون معهم، وكان على رأسهم الفنان كاظم الساهر رفيق دربه وتوأمه الفني، والذي قدم معه مشوارًا ناجحًا بدأ قبل 40 عامًا، وتعاونا سويًا في 70 أغنية وقصيدة، وحصلت قصيدة الثنائي "تذكر" على جائزة اليونيسيف لأفضل عمل إنساني، لينعيه الساهر قائلًا على صفحته على "إنستجرام": "الصديق ورفيق الدرب الأستاذ كريم العراقي في ذمة الله، رحم الله الفقيد وألهمنا وذويه الصبر والسلوان. إنّا لله وإنّا إليه راجعون".
"نبض العراق" هكذا وصف المطرب عاصي الحلاني، الفقيد، فكتب على حسابه الشخصي على "فيسبوك": "إنا لله وإنا إليه راجعون، وداعًا نبض العراق الشاعر الكبير والصديق كريم العراقي"، كما نعته الفنانة أحلام، والمطربة ديانا كرازون، وحاتم العراقي، والمطربة أصالة، والتي كتبت قائلة في نعيه: "لا تشك للناس، جرحًا أنت صاحبه لا يؤلم الجرح إلا من به ألم، شكواك للناس منقصة ومَن مِن الناس صاح ما به سقم، وداعًا كريم العراقي".
عاش الفقيد، الذي ولد عام 1955، حياته رحالاً ما بين عدد من الدول، حيث انتقل من العراق إلى تونس، ثم جاء لمصر، ليستقر في النهاية بدولة الإمارات، وهو يعد واحدًا من أبرز شعراء العراق والوطن العربي، وقدم أعمالاً شعرية استثنائية وترك بصمة لا تُمحى في عالم الفن، وكان وجوده بمصر محطة مهمة من محطات حياته، وحقق نجاحات كثيرة بها، وتعاون مع عدد كبير من المطربين العرب مثل كاظم الساهر وماجد المهندس ولطيفة وغيرهم الكثير.
بزغت موهبة كريم العراقي مبكرًا منذ أن كان طالبًا بالمدرسة، بدأها بالكتابة للأطفال، وقدم عددًا من المؤلفات والدواوين والمسرحيات مثل "ياحوته يامنحوته، عيد وعرس، دنيا عجيبة، يقظة الحراس"، كما كتب سيناريوهات عدد من الأفلام مثل "عريس ولكن، افترض نفسك سعيدًا، مخطوبة بنجاح ساحق".
ظل العراق في قلب كريم ولم يغب عنه حتى بعد غيابه عنها بجسده فكتب له الكثير من الأعمال والأغاني مثل "هنا بغداد"، سالم يا عراق، الشمس شمسي والعراق عراقي"، ومجموعة قصصية "حكايات البغدادية"، كما قدم بصوته قصيدة "دللول" والتي أهداها إلى الشعب العراقي ليقول عنها في مطلعها: "أهدي قصيدة دللول أدعية للعراق الجريح إلى جميع أطياف الشعب العراقي وإلى الأمهات العراقيات"، ليرحل شاعر العراق ويبقى في ذاكرة كل العرب.