صعّدت أوكرانيا أخيرًا هجماتها بطائرات مُسيرة على روسيا، وهي خطوة يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنها تخدم غرضًا مزدوجًا يتمثل في الظاهر للشعب الأوكراني أن كييف لا تزال تمتلك القدرة على الرد، وفي نفس الوقت إرسال إشارة إلى روسيا بأن أوكرانيا ليست في وضع دفاعي فقط، في الوقت الذي يتقدم الهجوم المضاد الأوكراني ضد القوات الروسية ببطء شديد.
تأثير "محدود"
بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في الأسبوع الماضي، أدت هجمات الطائرات المسيرة الأوكرانية بالقرب من موسكو إلى إغلاق المطارات التي تخدم المدينة بشكل مؤقت، وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن أوكرانيا أطلقت 42 طائرة دون طيار على شبه جزيرة القرم، إذ مثلت هذه الأعمال واحدة من أكثر الهجمات الجوية شمولًا على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا منذ بدء الصراع، وفي حين كانت الطائرات دون طيار الأوكرانية الصنع مسؤولة عن العديد من هذه الهجمات، فإن تأثيرها على القدرات العسكرية الروسية كان محدودًا ولم تسفر عن وقوع إصابات في روسيا، كما أن توقيت الهجمات التي يتم تنفيذها غالبًا في الصباح الباكر، يهدف إلى تجنب الدفاعات الجوية الروسية.
رفع الروح المعنوية
وشدد أندريه يوسوف، المتحدث باسم جهاز المخابرات العسكرية الأوكرانية، على أن الحرب لا تقتصر على الأراضي الأوكرانية، لكنها تمتد إلى موسكو نفسها، ناقلًا رسالة مفادها أن الصراع يؤثر على النخب الروسية والمواطنين العاديين، ومع ذلك يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن المؤيدين لهذه الضربات بالمُسيرات هم الأوكرانيون وجيشهم، وفي خضم الهجوم المضاد الذي يواجه صعوبات في اختراق دفاعات روسيا المحصنة، تهدف الهجمات إلى الحفاظ على الروح المعنوية المحلية والنضال المستمر، بحسب الصحيفة الأمريكية.
تعزيز موقف روسيا بدون قصد
وفي حين أن ضربات الطائرات دون طيار قد لا تهدف بشكل استراتيجي إلى إضعاف القدرات العسكرية الروسية بشكل كبير، إلا أنها كانت لها آثار أوسع نطاقًا، فقد غذت المشاعر المعادية لأوكرانيا في المناطق الحدودية الروسية، وربما عززت موقف الكرملين والرئيس فلاديمير بوتين عن غير قصد.
وبينما يدرك المسؤولون في واشنطن أن ضربات الطائرات دون طيار الأوكرانية يمكن أن تؤدي إلى التصعيد، يبدو أن الحكومة الأوكرانية قامت بقياس تأثير الضربات لتجنب الانتقام العنيف من جانب روسيا، وحاولت موسكو بدورها التخفيف من تأثير هجمات الطائرات المسيرة الأوكرانية، مؤكدة قدرة جيشها على إسقاطها وعلى الرغم من الاهتمام الذي ولّدته ضربات المسيرات، يحذر المسؤولون الأمريكيون من المبالغة في تقدير تأثيرها على الرأي العام الروسي، لأن روسيا استخدمت تكتيكًا مشابهًا، لكن بنهج أكثر فتكًا، إذ استخدمت الطائرات المسيرة وصواريخ كروز لضرب البنية التحتية المدنية في أوكرانيا، وعلى الرغم من الأضرار الناجمة فإن هذه الضربات لم تضعف بشكل كبير عزيمة أوكرانيا أو قدراتها العسكرية، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وخلص التحليل إلى أن ضربات الطائرات المسيرة التي تشنها أوكرانيا هي في المقام الأول رمزية، وتهدف إلى تعزيز الروح المعنوية المحلية وإظهار قدرتها على الرد، كما أن تأثيرها العسكري المباشر على روسيا محدود.