بوادر أزمة تلوح في الأفق بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، في ظل تباين موقف البلدين من أزمة النيجر المستمرة منذ الإطاحة برئيس البلاد محمد بازوم، في 26 يوليو الماضي.
رغم أن لكل من الولايات المتحدة وفرنسا، قواعد عسكرية في النيجر، ويعمل البلدان سويًا على مواجهة التنظيمات الإرهابية هناك، ظهر اختلاف بينهما في التعامل مع أزمة النيجر.
ورصد موقع "بوليتيكو" الإخباري الأمريكي، أوجه الاختلاف بين الموقفين الأمريكي والفرنسى من الأزمة في النيجر، مشيرًا إلى سر دبلوماسية واشنطن وتشدد باريس تجاه ما يحدث في نيامي.
موقف فرنسا من أزمة النيجر
وذكر التقرير أن فرنسا تتشدد في موقفها من أزمة النيجر، فلا تطالب باريس فقط بالإفراج عن الرئيس المحتجز محمد بازوم، لكنها تؤكد أيضًا إعادته رئيسًا، كما تدعم باريس علانية الخيار العسكري الذي تنادي به بعض دول جوار النيجر، ولا سيما نيجيريا وكوت ديفوار.
وتحتل النيجر مكانة استراتيجية مهمة لدى باريس، فهي حليف في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وتستضيف قاعدة عسكرية فرنسية بها نحو 1500 جندي.
كما تعتمد باريس على النيجر في الحصول على 35% من احتياجاتها من اليورانيوم، لمساعدة محطاتها النووية في توليد 70% من الكهرباء.
ولا تمثل الإطاحة برئيس النيجر حدثًا عاديًا بالنسبة لفرنسا، إذ كان بازوم حليفًا قويًا لباريس في الحرب ضد الإرهابيين، وشريكًا اقتصاديًا قويًا، ويعد من بين آخر القادة الموالين لها في منطقة الساحل الإفريقي.
الموقف الأمريكى
في المقابل، ترى واشنطن أن هناك فرصة للدبلوماسية لإعادة الأمور لنصابها في النيجر، إذ ذكر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في 15 أغسطس الجاري، للصحفيين: "لا نزال نركز بشدة على الدبلوماسية لتحقيق النتائج التي نريد"، أي عودة النظام الدستوري.
ولم تُقْدِم الإدارة الأمريكية على قطع المساعدات الأمريكية الأمنية والتدريب للنيجر، وهو ما قد يؤثر على وجود واشنطن، تحت اسم مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء بوسط وغرب إفريقيا، ويفتح الباب لتمدد روسي محلها.
وبينما تدعم باريس توجه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" للتدخل العسكري في النيجر، لم تعلن الإدارة الأمريكية ما إذا كانت ستوفر الخدمات اللوجستية لـ"إيكواس" لتنفيذ ذلك، وأعرب المسؤولون الأمريكيون عن شكوكهم في التدخل العسكري.
وغضبت باريس من زيارة فيكتوريا نولاند، نائبة وزير الخارجية الأمريكية بالإنابة النيجر، واجتماعها مع المجلس الانتقالي هناك.
ولم تنظر باريس بعين الرضا لقيام واشنطن بتعيين سفيرة جديدة في النيجر، هي كاثلين فيتزجيبون، والتي وصلت إلى نيامي "لقيادة المهمة خلال وقت حرج لدعم المجتمع الأمريكي ولتنسيق الجهود الحكومية"، حسبما قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية، فيدانت باتيل.
ولا تعترف فرنسا بقرارات المجلس الانتقالي في النيجر، ولا توجد خطط لسحب ما يقرب من 1500 جندي فرنسي يتمركزون فيها، بينما وضع البيت الأبيض ثقته في الجنرال موسى سالو بارمو، الذي تلقى تدريبًا في الولايات المتحدة، وتم تعيينه أخيرًا رئيسًا لأركان القوات المسلحة النيجرية.
بالإضافة إلى ذلك، أوفد البيت الأبيض السفيرة فيتزجيبون إلى نيامي، مما وضع حدًا لمنصب ظل شاغرًا لمدة عامين تقريبا. ويجب تفسير وصول فيتزجيبون على أنه إشارة إلى الالتزام المستمر بتقديم حل دبلوماسي، كما أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية.
ولفت موقع" بوليتيكو" إلى أن واشنطن تبذل جهودًا كبيرة لتجنب أي احتمال لإجبار جيشها على الانسحاب من النيجر، لأن الانسحاب سيفقدها مكاسب استخباراتية حيوية لها ولحلفائها في منطقة الساحل، لذلك تؤكد الولايات المتحدة على أنه لا يوجد حل عسكري يعتبر مقبولًا.