بينما لا يزال يعاني العالم من تأثير شهر يوليو الماضي، الأكثر سخونة على الإطلاق، من حيث حرائق الغابات المستعرة في مناطق متفرقة، رجّح خبراء المناخ بالحكومة الأمريكية، احتمالات بنسبة تصل إلى 50%، أن يكون عام 2023 الجاري هو العام الأكثر حرارة على الإطلاق.
ثالث أحر عام
قالت سارة كابنيك، كبيرة العلماء في الإدارة الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في تصريحات صحفية، اليوم الاثنين "كان عام 2023 حتى الآن هو ثالث أحر حرارة مسجلة".
أضافت كابنيك "من المؤكد تقريبًا - بفرصة تزيد عن 99 في المائة - أن 2023 سيحتل المرتبة الأولى بين الأعوام الخمسة الأكثر دفئًا على الإطلاق، مع وجود احتمال بنسبة 50 بالمائة تقريبًا أن يكون عام 2023 هو الأكثر دفئًا على الإطلاق"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
وتتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن هناك احتمالية بنسبة 98% أن تكون واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة هي الأكثر دفئًا على الإطلاق وفرصة بنسبة 66% لتجاوز 1.5 درجة مئوية مؤقتًا فوق متوسط عصر ما قبل الصناعة 1850-1900، لمدة سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس.
يوليو الأكثر سخونة
وأفاد مرصد المناخ التابع للاتحاد الأوروبي كوبرنيكوس، الأسبوع الماضي، أن شهر يوليو كان أكثر الشهور سخونة على الإطلاق تم تسجيله.
وتوافقت سجلات NOAA الأمريكية للغلاف الجوي، مع تسجيل كوبر نيكوس سابق الإشارة، إذ رصدت أن متوسط درجة حرارة سطح الأرض في يوليو بلغ 2.02 درجة فهرنهايت (1.12 درجة مئوية) فوق المتوسط، ما جعله أسخن يوليو في سجلاتها البالغة 174 عامًا.
وقال تقرير هيئة الرصد الأمريكية أيضًا إن درجات حرارة سطح المحيطات العالمية سجلت ارتفاعًا قياسيًا في يوليو للشهر الرابع على التوالي، حيث استمرت ظروف النينو التي ظهرت في يونيو.
ووفق تقرير "كوبر نيكوس" ارتبطت درجات الحرارة هذه بموجات الحر في أجزاء كبيرة من أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا، التي كان لها إلى جانب حرائق الغابات في بلدان مثل كندا واليونان، تأثيرات كبيرة على صحة الناس والبيئة والاقتصاد.
عصر الغليان
وأعلن أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في تصريح صحفي أدلى به، في وقت سابق، من مقر الأمم المتحدة بنيويورك، أن العالم بلغ "عصر الغليان"، وقال "وفقًا للبيانات الصادرة، شهد شهر يوليو بالفعل أشد فترة ثلاثة أسابيع حرارة على الإطلاق، مضيفًا "لا يتعين علينا انتظار نهاية الشهر لمعرفة ذلك. بلغنا عصر الغليان العالمي".
وتحدث الأمين العام أن ما شهده الكوكب بأسره من صيف قاسٍ، لا سيما في أجزاء شاسعة من أمريكا الشمالية وآسيا وإفريقيا وأوروبا، بالطبع كارثة، مُلقيًا باللوم على البشر في كل هذا التغير الذي جاء متوافقًا تمامًا مع توقعات العلماء وتحذيراتهم المتكررة من آثار التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب نتيجة الانبعاثات.
ودعا جوتيريش لاتخاذ إجراءات جذرية فورية في مواجهة العواقب المأساوية للتغير المناخي هذا العام، وكتب، حينها، في تغريدة عبر حسابه الرسمي "جرفت الأمطار الموسمية الأطفال، وعائلات تهرب من النيران. عمال ينهارون بسبب الحرارة الحارقة. والمزيد من التردد والأعذار".
2024 سيشهد أكبر تأثير
وبسبب ظاهرة النينو، رجّح مدير معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لناسا، جافين شميدت، أن العام المقبل قد يكون أكثر سخونة من العام الجاري بسبب ظاهرة ارتفاع درجة حرارة المحيط الهادئ المعروفة باسم النينو.
وقال شميدت إن "أكبر تأثير لظاهرة النينو- ظاهرة ارتفاع درجة حرارة المحيط الهادئ- سيحدث بالفعل في عام 2024". أضاف 'لذا فإننا نتوقع ألا يكون عام 2023 دافئًا بشكل استثنائي. نتوقع أن يكون عام 2024 أكثر دفئًا." وفق فرانس برس.
تغيرات مصاحبة
من جانبها، أشارت كيت كالفن، كبيرة علماء وكالة ناسا، كبيرة مستشاري المناخ، إلى أن من شأن تغير المناخ التأثير على الناس والنظم البيئية في جميع أنحاء العالم.
وقالت كالفن: "إلى جانب التغيرات في درجات الحرارة، نشهد تغيرات أخرى في المناخ مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وانخفاض الجليد البحري في القطب الشمالي، وحرائق الغابات، وظواهر هطول الأمطار الغزيرة والمزيد".
وتشهد عدة دول في مناطق متفرقة حول العالم، سلسلة هي الأشرس من حرائق الغابات، أتت ولا تزال تجتاح آلاف الهيكتارات من الأراضي، إلى جانب أرقام قياسية في أعداد الضحايا والمتضررين، وكذلك خلّفت خسائر ضخمة بالممتلكات، فيما تحاول جهود بشرية مدعومة بمعدات متطورة وطائرات إطفاء أن تجابه غضب الطبيعة الأم سلوكًا بشريًا غير مسؤول تراكمت آثاره لسنوات.
ويشار إلى أن الرصد الأمريكي لتأثير التغير المناخي، يأتي بينما تشهد الولايات المتحدة، حرائق غابات في هاواي تعد الأكثر دموية منذ أكثر من 100 عام، وكذلك الأكثر خسائر بالممتلكات.