يدور نقاش بين علماء المناخ حول معدل الحرارة القياسي في عام 2023 بسبب العوامل البشرية، وعلى رأسها حرق الوقود الأحفوري، ودور التأثيرات الأخرى، وتكمن أهمية ذلك في اكتساب فهم أفضل لأسباب الارتفاع المفاجئ في متوسط درجات حرارة سطح الأرض، التي بدأت في شهر يوليو المعروف عنه منذ 120 عامًا أنه أكثر الشهور دفئًا على كوكب الأرض، لكن صاحبته موجات الحرارة الحارقة والمميتة وحرائق الغابات والفيضانات، والمحيطات بلغت درجة حرارة تاريخية؛ كما أظهرت الدراسات أن بعض حرارة الصيف كانت مستحيلة التحقق عمليًا لولا الاحترار العالمي الذي يسببه الإنسان، وذلك بحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي.
حرق الوقود الأحفوري وظاهرة النينيو
ويُنظر إلى مزيج حرق الوقود الأحفوري وظاهرة النينيو المتصاعدة في المحيط الهادئ الاستوائي على أنهما المحركان الأساسيان لظواهر 2023 المناخية المتطرفة، ومع ذلك، يبحث علماء المناخ فيما يحدث، ويلاحظون التحولات الأكثر شمولاً وسرعة مما كانوا يتوقعون على الرغم من أن ظواهر الاحترار وتطور ظاهرة النينيو والآثار المرتبطة بها كانت متوقعة جيدًا .
ظواهر لا يمكن التنبؤ بها
وقالت ميشيل لوريوكس، عالمة مناخ تقود في خدمة الطقس الوطنية الأمريكية: "على الرغم من أن الظروف المناخية المتطرفة كانت متوقعًة، إلا أننا جميعًا لم نشهد مثل ذلك من قبل". وضربت لوريوكس مثالًا بأن ظاهرة النينيو السابقة لم تبدأ في ظل ارتفاع درجات حرارة المحيطات العالمية.
وتابعت: "أعمل على التنبؤ بالطقس، وهناك إشارات يمكن التعرف عليها بناءً على الخبرة السابقة، لكن الآن لا أعرف تمامًا كيف أتصرف لأن هذه تجربة جديدة تمامًا. وهذا أمر مقلق".
التلوث
ومع ذلك، يشير بعض العلماء إلى عاملين آخرين كمساهمين محتملين في عدد لا يحصى من الظواهر المناخية المتطرفة لهذا العام، أحدهما هو الحد من التلوث الناجم عن سفن الشحن البحري، من خلال القواعد التي دخلت حيز التنفيذ في عام2020، ويُعتقد أن تقليل انبعاثات رذاذ الكبريتات، وهي جزيئات صغيرة تنتجها محركات السفن ومصادر أخرى، يؤدي عن غير قصد إلى مزيد من الاحترار فوق المحيطات، في السياق نفسه تشير "بيركلي إيرث"، وهي مجموعة مستقلة لمراقبة المناخ، في تقرير إلى أن هذه التأثيرات تقتصر بشكل أساسي على ممرات الشحن الرئيسية وهي صغيرة نسبيًا من حيث التأثير العالمي - في حدود نحو 0.02 درجة مئوية.
انفجار بركاني
من جهة أخرى، يرى تقرير الموقع الأمريكي أن هناك سببًا آخر قد يكون له تأثير في حدوث درجات الحرارة القياسية لهذا العام، وهو انفجار بركان هونجا تونجا - في هونج هاباي تحت سطح البحر في عام 2022 في جنوب المحيط الهادئ، الذي أدى إلى إطلاق نحو 150 مليون طن متري من بخار الماء في طبقة الستراتوسفير.
محاكاة حاسوبية
ويُعد بخار الماء أحد الغازات الدفيئة القوية، وتُظهر نماذج المحاكاة الحاسوبية أن إطلاقه في الستراتوسفير يمكن أن يعزز الاحترار حتى نهاية العقد الحالي، إذ أدى ثوران بركان هونج تونجا إلى زيادة محتوى الماء في الستراتوسفير بنحو 15٪، وفقًا لبيركلي إيرث، دون إضافة كميات أكبر من ثاني أكسيد الكبريت المبرد، كما فعلت البراكين الأخرى، ومع ذلك، فإن الثوران البركاني وحده لا يمكن أن يفسر تمامًا الحرارة القياسية لعام 2023 ، وفقًا لما قاله علماء المناخ لموقع "أكسيوس".
ويعتقد أندرو ديسلر، عالم المناخ في جامعة تكساس إيه آند إم، أن أهمية دور البركان في الاحترار تتضاءل مقارنة بالتغير المناخي الذي يحركه الإنسان والتأثيرات الأخرى، ويشبه ديسلر تغير المناخ بـ"المد الصاعد" الذي يرفع درجات الحرارة الأساسية التي تبدأ منها موجات الحرارة. وقال: "هذا يعني أن موجات الحر لدينا ستصبح أكثر سخونة و"تطفو" بشكل أساسي على المد المتصاعد لعالمنا الدافئ".