أعلنت جامعة المنصورة المصرية، كشف علمي جديد بالعثور على حفرية لنوع من الحيتان المنقرضة التي جابت المياه المصرية قبل 41 مليون سنة.
وتشير الحفرية التي عثر عليها فريق علمي مصري إلى أحد أصغر وأقدم أسلاف الحيتان مائية المعيشة، التي تطورت من أسلاف برمائية، وأطلق اسم توتسيتس على الحوت الجديد تيمنا بالملك المصري توت عنخ آمون، بحسب بيان صادر عن وزارة التعليم العالي المصرية، اليوم الخميس.
وأشار الدكتور هشام سلام، رئيس الفريق البحثي، إلى أن الحوت الجديد ينتمي إلى عائلة حيتان الباسيلوصوريات "Basilosauridae"، وهي مجموعة من أسلاف الحيتان المنقرضة التي تمثل أول مراحل المعيشة الكاملة للحيتان في الماء، بعد انتقال أسلافها من اليابسة إلى الماء.
وأضاف أنه بالرغم من أن هذه المجموعة من أسلاف الحيتان كانت قد طورت خصائص تشبه الأسماك، مثل تحول الطرف الأمامي إلى زعانف واستطالة الفقرات ونمو زعنفة الذيل، إلا أنهم كانوا يمتلكون أطرافًا خلفية يمكن رؤيتها بما يكفي لتسميتها "أرجل"، التي لم تكن تستخدم في المشي إطلاقًا لضآلة حجمها.
العثور على حفريات الحوت الجديد في صخور عصر الإيوسين
وقال الدكتور محمد سامح، عضو مجلس إدارة مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، إنه عثر على حفريات الحوت الجديد في صخور عصر الإيوسين من متكون وادي الريان الجيولوجي بمنخفض الفيوم، وتتألف تلك الحفريات من جمجمة وفكين وأسنان والفقرة العنقية الأولى وأجزاء من العظم اللامي (العظم الواقع عند قاعدة اللسان)، موضحًا أن عُمر هذه الطبقات التي اُكتشف منها هذا الحوت تُقدر بنحو 41 مليون عام، ما يساعد في استكمال صورة تطور الحيتان الأولى في إفريقيا بهذا العمر.
وأضاف أنه بعد دراسة أبعاد العظام المتحفرة وإجراء المعادلات الحسابية لاستنتاج طول الحوت ووزنه، اتضح أن الحوت الجديد كان يبلغ طوله نحو 2.5 متر، بينما يصل وزنه إلى قرابة 187 كجم، وبذلك يعد الأصغر حجمًا بين كل أفراد عائلته من شتى أنحاء العالم، كما أن الحوت كان قادرًا على السباحة بكفاءة وربما الغوص لأعماق متفاوتة بما يشبه أحفاده من الدلافين اليوم، ما يقدم لنا فهمًا غير مسبوق لتاريخ الحياة والتطور والجغرافيا القديمة للحيتان الأولى.
وأوضح عبدالله جوهر، عضو الفريق العلمي "سلام لاب" بمركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، أنه تم تسمية هذا الحوت الجديد بـ"توتسيتس" على شرف الملك المصري الشهير "توت عنخ آمون"، ليس فقط لنقاط التشابه بينهما، إذ مات الحوت صغيرًا مثل الملك، وكان ملكًا للبحار القديمة في وقته، بل آثرنا أيضًا إضفاء الطابع المصري القديم على هذا الاسم العلمي، إضافة إلى إحياء ذكري اكتشاف مقبرة الملك الصغير قبل قرن من الزمان، وتزامنًا مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير بمحافظة الجيزة المصرية، لافتًا إلى أنه تم تسمية النوع بـ"رياننسيس"، على شرف متكون وادي الريان الصخري بمنخفض الفيوم، التي اُكتشفت حفرياته منها، ليكون الاسم كاملًا (توتسيتس رياننسيس) "Tutcetus rayanensis".
من جانبه؛ قال الدكتور شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة المصرية، إن هذا الحوت الجديد يعد أحد أصغر وأقدم أسلاف الحيتان مائية المعيشة، التي تطورت من أسلاف برمائية، مشيرًا إلى أن الفريق البحثي وثق الاكتشاف في ورقة بحثية نشرت اليوم الخميس، في دورية كوميونيكيشن بيولوجي "Communications Biology" الصادرة عن مؤسسة نيتشر "Nature" العالمية، إحدى أبرز الدوريات العلمية في العالم.
وأضاف أن الورقة البحثية تمثل طفرة علمية لعلماء الحفريات المصريين، إذ تُعد الدراسة الثانية من نوعها التي يقود فيها فريق مصري وصف وتسمية جنس ونوع جديد من الحيتان، بعد أن ظل هذا العلم قاصرًا على علماء الدول المتقدمة لفترة طويلة من الزمن، رغم ثراء التراث الطبيعي المصري بحفريات مهمة لأسلاف الحيتان.