مددّت دمشق، اليوم الثلاثاء، السماح بتسليم المساعدات عبر معبري السلام والراعي الحدوديين التركيين لمدة 3 أشهر إضافية، وذلك في ظل تعليق مرور المساعدات عبر معبر باب الهوى التركي الحدودي إلى شمال غرب سوريا، منذ منتصف يوليو الماضي، ورفض الأمم المتحدة التمديد 6 أشهر بدعوى مخاوفها من شروط "غير مقبولة"، سعت من خلالها دمشق بلوغ تعاون وتنسيق كاملين لإيصال المساعدات داخل الأراضي السورية.
ومنذ وقوع زلزال أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في تركيا وسوريا، فبراير الماضي، سمحت الحكومة السورية للأمم المتحدة باستخدام هذين المعبرين الحدوديين مع تركيا لإرسال المساعدات، بعد أن قلّصت العمل بالعديد من المعابر تدريجيًا لإحكام سيطرتها داخل البلاد.
ترحيب أممي
رحّبت الأمم المتحدة بقرار سوريا تمديد السماح بتسليم المساعدات الإنسانية عبر معبري السلام والراعي الحدوديين التركيين حتى 13 نوفمبر المقبل.
وقالت إيري كانيكو، المتحدثة باسم الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء: "نرحب ترحيبًا حارًا بتمديد الحكومة السورية السماح باستخدام معبري باب السلام والراعي حتى 13 نوفمبر".
3 أشهر إضافية
ومن شأن قرار التمديد أن يسمح بمرور المساعدات لثلاثة شهور إضافية، بعد أن كان مقررًا أن ينتهي العمل بالموافقة في 13 أغسطس الجاري أي بعد خمسة أيام.
باب الهوى لا يزال معلقًا
ولا يزال تمرير المساعدات الإنسانية معلقًا عبر معبر باب الهوى الحدودي التركي، منذ منتصف يوليو الماضي، بعد فشل مجلس الأمن في التوصل لاتفاق تمديد القرار بعد أن استخدمت روسيا حق النقض "الفيتو" ضد القرار.
وتستخدم الأمم المتحدة معبر باب الهوى من تركيا لإيصال المساعدات إلى الملايين في شمال غرب سوريا منذ 2014 بتفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن ذلك انتهى بعد أن لم تتمكن الهيئة المكونة من 15 عضوًا من التوصل إلى اتفاق للتمديد في جلسة انعقدت الشهر الماضي.
شروط "غير عملية" للأمم المتحدة
وبعد أيام قليلة من القرار، ألمحت الحكومة السورية إلى إمكانية استمرار الأمم المتحدة في استخدام باب الهوى لمدة ستة أشهر أخرى، تمرر خلالها المساعدات، لكن العملية لم ُتستأنف بسبب مخاوف أممية من "شرطين غير مقبولين" في تقديرها.
واشترطت حكومة دمشق ألا تتواصل الأمم المتحدة مع الكيانات المصنفة على أنها إرهابية، وأن تشرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري على توزيع المساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا وتسهيلها.
ولم تفرض سوريا الشروط نفسها على استخدام الأمم المتحدة لمعبري باب السلام والراعي الحدوديين.
وعلّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، على المقترح السوري في بيان حينها، جاء فيه "أولا، شددت الحكومة السورية على أنه لا ينبغي للأمم المتحدة التواصل مع الكيانات المصنفة على أنها إرهابية.. ويجب على الأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين الاستمرار في التعامل مع الأطراف المعنية من الدول وغير الدول وفقا لما تقتضيه العملية".
وشدد البيان على أن مثل هذه المشاركة "لا غنى عنها للوصول الآمن وفي الوقت المناسب إلى المدنيين المحتاجين وتتوافق مع القانون الإنساني الدولي".
واعتبرت الأمم المتحدة مطلب سوريا المتعلق بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري على توزيع المساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا وتسهيلها " غير عملي"، ولا يتوافق مع استقلال الأمم المتحدة، وبيّنت أن "اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري غير موجودين" في تلك المنطقة.
خنق المساعدات
ويخشى السوريون في شمال غرب البلاد، المعقل الرئيسي للمعارضة السورية، من أن حكومة دمشق قد تضيق الخناق على مساعدات تشتد الحاجة إليها في ظل الوضع الراهن، لا سيما في أعقاب الزلزال، بالمقابل تتمسك السلطات السورية بأن تشرف دمشق على توزيع جميع المساعدات الإنسانية في البلاد، عبر خطوط الاتصال.
كان من شأن تمديد القرار والسماح بمرور المساعدات دون شروط، التخفيف من معاناة نحو 4.1 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة والحماية في شمال غرب سوريا، وفق تقديرات سابقة للأمم المتحدة.
شريان حياة انقطع
وأعرب الأمين العام لأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن خيبة أمله لعدم تمكن مجلس الأمن من التوصل إلى اتفاق لتمديد تفويض آلية المساعدات عبر الحدود التي تقوم بها الأمم المتحدة في سوريا.
وقال جوتيريش، حينها، إن المساعدة التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود تعد بمثابة شريان حياة حقيقي لملايين الأشخاص في شمال غرب سوريا، داعيًا أعضاء المجلس لمضاعفة الجهود لدعم استمرار تقديم المساعدات لأطول فترة ممكنة، وفق ما أفاد بيان منسوب إلى المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك.
وأذن مجلس الأمن الدولي باستخدام آلية إيصال المساعدات عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا لأول مرة في عام 2014.
وفي إطار الآلية الأممية لإيصال المساعدات في سوريا، كان يحق للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها في وقت سابق، باستخدام الطرق عبر خطوط المواجهة وأربعة معابر حدودية هي باب السلام وباب الهوى على الحدود السورية التركية، ومعبر اليعربية على الحدود مع العراق، ومعبر الرمثا على الحدود مع الأردن، إلا أن دمشق قلصت المعابر تدريجيًا بإحكام سيطرتها على المزيد من الأراضي، مقابل دعوات دول غربية لزيادة عدد المعابر العاملة بموجب الآلية.