بينما وصلت الاحتياجات الإنسانية في سوريا إلى أعلى مستوياتها، وسط آثار زلازل مدمرة ألقت بظلالها على السوريين، لا سيما في شمال غربي البلاد، فشل مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، في تمديد آلية المساعدة الإنسانية عبر الحدود في سوريا لمدة 9 أشهر إضافية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
وانتهت آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا أمس الموافق 10 يوليو الجاري، فيما كان يأمل مشروع قرار أمام مجلس الأمن قدمته سويسرا والبرازيل، الدولتان المعنيتان بصياغة القرارات حول الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن، تمديد عمل المعبر لمدة تسعة أشهر تنتهي في 10 أبريل 2024.
وصوّت 13 عضوًا لصالح القرار، واعترضت دولة واحدة، هي روسيا، بينما امتنعت الصين عن التصويت.
فيتو روسي
واستخدمت روسيا حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار السويسري البرازيلي أمام مجلس الأمن بشأن تمديد إيصال المساعدات إلى سوريا عبر تركيا لمدة 9 أشهر.
وقال فاسيلي نيبينزيا، الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، إن بلاده "دُفعت دفعًا" لاستخدام حق الفيتو، مبينًا أن مشروع القرار السويسري- البرازيلي "لا يقدم شيئًا"، بحد قوله.
ونفى المبعوث الروسي اتهامات دول غربية لبلاده بأنها تقوم بـ"قتل "آلية إيصال المساعدات عبر الحدود، ووصفها بأنها "باطلة"، واتهمها بمحاولة "توظيف هذه الآلية لعبور الإرهابيين"، وفق ما أفاد به الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
حلول توافقية
وقوبل مشروع قرار تقدمت به روسيا لاستخدام معبر باب الهوى لمدة ستة أشهر؛ أي حتى 10 يناير 2024، بالرفض، إذ حصل على تأييد دولتين وتصويت ثلاث دول ضده مع امتناع 10 دول عن التصويت.
وتعليقًا على الأمر، قال مبعوث روسيا إن بلاده سعت "بنية صادقة" للتوصل إلى حلول توافقية، مقابل مشروع "لا يقدم شيئًا" في إشارة إلى مشروع القرار السويسري- البرازيلي الذي استخدمت موسكو حق الفيتو بشأنه.
رغم ذلك، أكد السفير الروسي أن سبل المساعدة متاحة حتى في غياب آلية المساعدة عبر الحدود، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية فتحت معبرين في أعقاب الزلازل.
شريان حياة انقطع
من جانبه، أعرب الأمين العام لأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن خيبة أمله لعدم تمكن مجلس الأمن من التوصل إلى اتفاق اليوم بشأن تمديد تفويض آلية المساعدات عبر الحدود التي تقوم بها الأمم المتحدة في سوريا.
وقال جوتيريش إن المساعدة التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود تعد بمثابة شريان حياة حقيقي لملايين الأشخاص في شمال غرب سوريا، داعيًا أعضاء المجلس لمضاعفة الجهود لدعم استمرار تقديم المساعدات لأطول فترة ممكنة، وفق ما أفاد بيان منسوب إلى المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك.
وكان من شأن تمديد القرار التخفيف من معاناة نحو 4.1 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة والحماية في شمال غرب سوريا، وفق تقديرات سابقة للأمم المتحدة.
تمسك سوري
وتتمسك السلطات السورية بأن تشرف دمشق على توزيع جميع المساعدات الإنسانية في البلاد، عبر خطوط الاتصال.
وفي إطار الآلية الأممية لإيصال المساعدات، كان يحق للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها في وقت سابق، باستخدام الطرق عبر خطوط المواجهة وأربعة معابر حدودية هي باب السلام وباب الهوى على الحدود السورية التركية، ومعبر اليعربية على الحدود مع العراق، ومعبر الرمثا على الحدود مع الأردن، إلا أن دمشق قلصت المعابر تدريجيًا بإحكام سيطرتها على المزيد من الأراضي، مقابل دعوات دول غربية لزيادة عدد المعابر العاملة بموجب الآلية.
وأذن مجلس الأمن الدولي باستخدام آلية إيصال المساعدات عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا لأول مرة في عام 2014.