وجه بشوش وشخصية ودودة وتلقائية مؤثرة وأداء مختلف، هكذا نسجت الفنانة المصرية الراحلة دلال عبد العزيز خيوط محبة مع جمهورها على مستوى الوطن العربي، فكان لها نصيب كبير من اسمها، إذ تمتعت بالدلال والخفة فأسرت القلوب بشخصيتها المتفردة وحسها الإنساني العالي.
على الرغم من مرور عامين على رحيل دلال عبد العزيز، الذي يتزامن ذكراها في مثل هذا اليوم 7 أغسطس 2021، لكنها استطاعت أن تحفظ مكانتها ليس فقط في قلوب جمهورها، لكن علاقة طيبة مع زملائها وأصدقائها، فحظيت بحبهم واحترامهم فكانت من الفنانات القلائل اللاتي صنعن عائلة فنية متماسكة قوامها الحب والاحترام.
بعد مرور 15 عامًا على مولدها، خرجت دلال، ابنه محافظة الشرقية شمال مصر، باحثة عن حلمها الذي طالما داعب طفولتها، لتخطو أولى خطواتها بمجال الفن، ولم يمنعها بُعد مجال دراستها عن العمل بالتمثيل، إذ التحقت بكلية الزراعة وحصلت على درجة البكالوريوس، ثم حصلت على نفس الدرجة من كلية الإعلام جامعة القاهرة، لتزيد رغبتها في العلم فدرست اللغة الإنجليزية وحصلت على ليسانس كلية الآداب بذات التخصص، وأيضا دبلوم العلوم السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.
حظيت دلال عبد العزيز بالشهرة قبل أن تتجاوز الـ7 سنوات من عمرها، فعشقها للتمثيل منذ الصغر، أسهم في انتشارها وشهرتها مبكرًا بمدرستها، لتسرد ذكريات تعلقها بالفن، قائلة في لقاء تلفزيوني سابق: "أعشق التمثيل منذ الصغر، وكنت أحفظ الأدوار جيدًا وأؤديه ببراعة، وهو ما دفع شقيقتي الكبرى لتحكي عن موهبتي للمدرسين، فاكتسبت شهرة مبكرة قبل الالتحاق بالمدرسة، وبالفعل بدأت التمثيل على مسرح المدرسة، وعقب حصولي على الثانوية العامة، زاد تعلقي بالمهنة".
صدفة غريبة قادتها للوقوف أمام الفنان نور الدمرداش، بعد أن قابلته في مبنى التلفزيون بمساعدة أحد أقاربها، وطلب منها تمثيل مشهد فأعجب بموهبتها وأسند لها أول دور في حياتها بالمشاركة في مسلسل "بنت الأيام"، مع الفنانة كريمة مختار عام 1977، وكانت تدرس وقتها بأول سنواتها الجامعية، وواجهت اعتراضًا من والدها على العمل بالتمثيل مشترطًا استكمال دراستها، بحسب ما أكدته في لقاء تلفزيوني سابق.
خطت دلال أولى خطواتها على خشبة المسرح من خلال مسرحية "أهلا يا دكتور" عام 1981، وساعدها جورج سيدهم في معرفتها بالفنان سمير غانم والمخرج حسن عبد السلام، ليُسدي جورج لها أول نصيحة ظلت عالقة في ذهنها طول حياتها قائلًا لها: "التمثيل ليس به واسطة، موهبتك هي التي تفرض نفسها".
ارتبطت دلال عبدالعزيز بعلاقة حب صادقة مع الفنان الراحل سمير غانم، واشتعلت الشرارة الأولى في قلبها بعد أن وقفت أمامه في مسرحية "أهلا يا دكتور" ثم فيلم "يارب ولد"، وبعد 3 سنوات من عملها معه جمعهما بيت الزوجية، لتتزوجه عام 1984، واستعادت تفاصيل علاقتهما العاطفية قائلة: "الوسط الفني كان يعلم جيدًا حبي لسمير غانم، فزاد إصراري على الزواج منه، وكان يعاملني بلطف شديد، فتعلقت به وأحببته من قلبي وكنت أغَيّر عليه وأطارده بسبب معجباته".
أكثر من 4 عقود قضتها في صنع إمبراطورية متفردة ليس فقط في مجال الفن، لكن في تكوين أسرة فنية متميزة مع سمير غانم الذي لحقت به بعد رحيله بشهور قليلة، وأنجبت منه إيمي ودنيا، وجمعها به أكثر من 40 عملًا مثل "فوازير فطوطة، حادي بادي، أخويا هايص وأنا لايص، الرجالة في خطر، الأغبياء الثلاثة"، وغيرها من الأعمال، كما شاركت مع ابنتيها في أعمال كثيرة مثل "نيللي وشريهان، لهفة، حق ميت"، وغيرها الكثير.
وضعت دلال بصمتها على 200 عمل ما بين السينما والتلفزيون والمسرح، ونوعت من أدوارها، ورسمت بخفة ظلها البسمة على وجوه جمهورها، وبرعت في تجسيد دور الأم ليس فقط في حياتها باعتبارها "أم البنات" لكن في الفن أيضًا، إذ قدمته باقتدار في عدد كبير من الأعمال مثل مسلسل " سابع جار"، فيلم "قلب أمه، البدلة، لا تراجع ولا استسلام، آسف على الإزعاج، سمير وشهير وبهير"، وغيرها الكثير.
ومن المفارقات العجيبة، توديعها لجمهورها على الشاشة قبل أن تودعه في الحياة بمشهد مؤثر في مسلسل "ملوك الجدعنة" للفنان عمرو سعد، إذ ظهرت وهي تستقبل ملك الموت ولحظة خروج الروح منها، خلال أحداث المسلسل، لتقدمه ببراعة شديدة لتحظى بإشادة الجمهور، ليكون هذا المسلسل هو الأخير الذي أطلت به على الشاشة قبل أن تصاب بفيروس كورونا وتدخل المستشفى، لتخرج منها إلى مرقدها الأخير، فيحزن عليها الجميع، خاصة أنها رحلت دون أن تعلم بوفاة زوجها ورفيق دربها الفنان سمير غانم الذي سبقها، فرغم رحيل جسدها، لكن ستبقى بأعمالها خالدة في قلوب جمهورها.