تواصل كوريا الشمالية إجراء اختباراتها الصاروخية، بصورة تثير استفزاز وحفيظة الدول المحيطة، وترفع من حدة التوتر العالمي، المثار بالفعل بسبب أزمة الحرب الروسية-الأوكرانية، والخلافات السياسية المختلفة، والمشاكل المناخية التي تخنق الكوكب الأزرق.
واستكمالًا لمسلسل التحدي، أجرت بيونج يانج تجربة إطلاق من نوع جديد لصواريخ باليستية عابرة للقارات، الجمعة، بحسب وكالة الأنباء المركزية الكورية، وهو ما أثار حفيظة الجارة اليابانية، التي حذرت من أن الصاروخ لديه المدى المحتمل للوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة.
وأعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن الصاروخ "الجديد" كان من طراز Hwaseong-17، معلنة إطلاقه من قاعدة مطار بيونج يانج الدولي، وحلق على مسافة 999.2 كيلومترا، بحسب وكالة "رويترز".
كما نشرت وكالة الأنباء الحكومية عدة صور ثابتة للزعيم الكوري الجنوبي، خلال إشرافه على عملية الإطلاق.
وأشارت هيئة الأركان المشتركة لكوريا الجنوبية، إلى أن الصواريخ جرى إطلاقها الساعة 10:15 صباحًا بالتوقيت المحلي لمدينة بيونج يانج، فيما أعلنت الولايات المتحدة إنه انتهاك "وقح" لقرارات الأمم المتحدة.
أما رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا فصرح بأن الصاروخ سقط على الأرجح في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، على بعد 210 كيلومترات غرب جزيرة أوشيما اليابانية، وفقًا لخفر السواحل الياباني.
وقال "كيشيدا"، يوم الجمعة، في اجتماع التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك" في بانكوك بتايلاند: "كوريا الشمالية تواصل القيام بأعمال استفزازية بوتيرة لم يسبق لها مثيل، أريد أن أكرر أنه لا يمكننا قبول مثل هذه الإجراءات".
وقال إن الحكومة اليابانية ستواصل جمع المعلومات وتحليلها وتقديم تحديثات فورية للجمهور، مضيفا أنه حتى الآن لم ترد تقارير عن وقوع أضرار في السفن في البحر.
بعد توجيه إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، صرح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون بأنه يتعين على بلاده "إظهار إرادتها القوية بوضوح للرد على التدريبات الحربية العدوانية الهستيرية من قبل الأعداء، الذين يسعون إلى تدمير السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة"، في إشارة إلى الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
كما حذر من أن بلاده ستتخذ إجراءات مضادة "أكثر هجومًا" إذا قامت الولايات المتحدة بخداع عسكري في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة المحيطة بها.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن الرئيس الكوري الشمالي أعلن رسميًا أنه "إذا استمر الأعداء في توجيه تهديدات لكوريا، وكثيرًا ما يدخلون وسائل الضربة النووية، فإن حزبنا وحكومتنا سيردان بحزم على الأسلحة النووية والمواجهة الكاملة مع المواجهة الشاملة".
من جهته، قال وزير الدفاع الياباني ياسوكازو هامادا إن الصورايخ الباليستية لديها القدرة على الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الصاروخ الذي تم إطلاقه كان من فئة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وأن الصاروخ الذي جرى إطلاقه هذه المرة يمكن أن يزيد مداه عن 15 ألف كيلومتر عند حسابه على أساس مسافة رحلة هذه الصاروخ العابر للقارات، هذا يعتمد على وزن الرأس الحربي، ولكن في هذه الحالة، سيتم تضمين البر الرئيسي للولايات المتحدة في النطاق.
فيما أمر الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، بـ"التنفيذ النشط" لإجراءات الردع الموسعة المعززة ضد كوريا الشمالية.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي إن سول ستعزز تحالفها مع واشنطن، وتعزز موقفها الدفاعي وتعاونها بشأن الأمن مع الولايات المتحدة واليابان.
وقال مكتبه في بيان: "الحكومة لن تتسامح مع استفزازات كوريا الشمالية، الحكومة لديها قدرة استجابة مدمرة واستعداد للرد على الفور على أي استفزازات كورية شمالية، لذلك لا ينبغي لكوريا الشمالية أن تسيء الحكم على ذلك".
وشدد البيان الرئاسي، على أن كوريا الشمالية لا يمكنها كسب أي شيء من خلال الاستفزازات المستمرة، بينما حذرت من أن العقوبات ضد كوريا الشمالية لن تقود بيونج يانج لشيء، إلا للمزيد من العزلة الدولية.
وكانت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، اجتمعت صباح الجمعة مع قادة من اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا وكندا لإدانة الإطلاق، في جلسة طارئة للوقوف على آخر مستجدات أزمة الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية، على هامش قمة أبيك.
وأشارت هاريس إلى أنها طلبت من مجموعة أبيك أن يجتمعوا معًا للانضمام إلى الولايات المتحدة في إدانة لإطلاق كوريا الشمالية للصواريخ الباليستية بعيدة المدى، مضيفة: "لقد طلبت منهم أيضًا الانضمام حتى نتمكن كحلفاء وشركاء من التشاور بشأن الخطوات التالية، هذا السلوك من قبل كوريا الشمالية مؤخرًا هو انتهاك صارخ لقرارات الأمن الدولية المتعددة، إنه يزعزع الأمن في المنطقة ويثير التوترات بلا داع".
فيما أكد رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، أن بلاده تقف إلى جانب كل شركائها في شمال المحيط الهادئ.
وحذر زعماء الأبيك الستة من أن التجربة النووية الكورية الشمالية "ستقابل برد قوي وحازم"، وقالوا إنهم سيعززون التعاون لتحقيق نزع السلاح النووي الكامل لبيونج يانج.
وفي السياق ذاته، أعلن مجلس الأمن الدولي عن إجراء جلسة عاجلة يوم الإثنين المقبل من أجل مناقشة تداعيات الاستفزاز المستمر من قِبل كوريا الشمالية، ومواصلة إجراء الاختبارات الصاروخية، التي من شأنها زعزعة السلم والاستقرار الدوليين.