للمرة الثانية هذا العام، تتجه المملكة العربية السعودية لتمديد خفضها الطوعي من إنتاج النفط البالغ مليون برميل يوميًا، لشهر إضافي، في إجراء احترازي هدفه دعم استقرار أسواق النفط وتوازنها، بينما من شأن القرار أن يحقق هذا المبتغى، إلا أنه في تقدير خبراء سيلقي بآثاره على جهود البنوك المركزية لترويض تضخم محتوم، وهذا ما أكده الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، لموقع "القاهرة الإخبارية".
9 ملايين برميل
أعلنت وزارة الطاقة السعودية، اليوم الخميس، تمديد خفض إنتاج النفط الطوعي البالغ مليون برميل يوميًا لشهر إضافي، لافتة لإمكان تمديد جديد آخر أو زيادة هذا الخفض، في إطار محاولة دعم أسعار الخام، وبذلك يكون إنتاج المملكة اليومي من النفط خلال سبتمبر 2023، ما يقارب 9 ملايين برميل يوميًا.
وأوضح مصدر مسؤول في الطاقة السعودية، أن هذا الخفض يضاف إلى الخفض الطوعي الذي سبق أن أعلنته المملكة، أبريل 2023، الممتد حتى نهاية ديسمبر 2024، مؤكدًا أن الهدف من هذا القرار "تعزيز الجهود الاحترازية التي تبذلها دول أوبك بلس، بهدف دعم استقرار أسواق البترول وتوازنها"، جاء قرار التمديد عشية اجتماع للجنة الفنية التابعة للدول المصدرة للنفط، المقرر غدًا الجمعة.
تحسين أسعار النفط
في تقدير الدكتور عبد المنعم السيد، سيؤدي هذا الخفض الطوعي إلى تحسين أسعار النفط في الأسواق العالمية وعدم تخفيضها، حيث تطبق السعودية وهي أكبر مصدر للنفط في العالم سياسة خفض سقف إنتاج النفط والتي أقرتها دول تحالف أوبك بلس -الذي تقوده الرياض وموسكو- منذ نوفمبر 2022 والذي سيمتد إلى نهاية عام 2024.
قرار احترازي
وعزا الباحث الاقتصادي، في تصريحات خاصة أدلى بها لموقع "القاهرة الإخبارية" اليوم الخميس، قرار السعودية وروسيا واتجاه مجموعة أوبك نحو تخفيض الانتاج النفطي لعدة أسباب ذكر منها الخوف من انخفاض نمو الطلب العالمي على النفط في ظل أزمة البنوك الأمريكية التي قد تتحول إلى أزمة مالية، لاسيما في أعقاب خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من AAA إلى AA+ والذي ينذر بركود اقتصادي، ومن ثم فإنه من المنطقي أن يكون قرار أوبك "احترازيًا"، بحد قوله.
وأضاف الدكتور عبد المنعم السيد:" النمو في الاقتصاد الصيني لم يترجم على أرض الواقع إلى نمو كبير في معدلات الطلب على النفط كما كان متوقعًا".
تأثير إيجابي
وأشار الباحث الاقتصادي إلى تأثير الخفض الطوعي السابق، على أسواق النفط الخام، حيث ارتفعت أسعار خام برنت الفورية بنسبة 0.42% تقريبًا ليستقر قرب 83.94 دولارًا للبرميل، جنبًا إلى جنب مع صعود أسعار خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنحو 0.65% ليتم تداوله قرب 80.28 دولارًا للبرميل.
مخاوف من التضخم
من ناحية أخرى، يرى الخبير الاقتصادي، أن القرار سيلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي، ومن شأنه طرح مخاوف عديدة منها التضخم وزيادة أسعار المنتجات، ومن ثم سيلقي بتأثيره على جهود البنوك المركزية لترويض التضخم، من خلال الاتجاه لرفع سعر الفائدة لتقليل التضخم، على حد قوله.
المخزون الاستراتيجي الأمريكي
واستبعد الدكتور عبد المنعم السيد اتجاه الولايات المتحدة نحو الاعتماد مرة أخرى على المخزون الاستراتيجي لديها، من أجل مواجهة زيادة أسعار النفط المحتملة كما فعلت في وقت سابق في أبريل الماضي، حين سحبت 26 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي.
وأوضح أن استمرار أمريكا في هذا الاتجاه صعب، حيث اضطر الرئيس جو بايدن، لضخ نحو ثلث المخزون الاستراتيجي النفطي حتى الآن وهي خطوة لم يسبقه إليها أي من الرؤساء السابقين منذ 38عامًا.
الأثر المتوقع على مستوردي النفط
أيضًا، أكد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أنه لا مجال للشك في أن من شأن ارتفاع أسعار النفط أن يترك أثر سلبي على الدول المستوردة للنفط، حيث سيزيد من الأعباء التي تتحملها الموازنة العامة وقد تضطر حكومات الدول المستوردة بعد فترة أن ترفع من أسعار المشتقات البترولية.