بسبب أزمة المياه.. تجف الصنابير ويلتهم الجراد المحاصيل في تركمانستان، وفي كازاخستان تم إعلان حالة الطوارئ مع تقلص حجم مياه بحر قزوين، أما أوزبكستان فأدى إنهاء المقاطعة الدولية لبعض الكيانات التي تقوم بممارسات غير إنسانية في العمل، إلى زيادة الطلب على القطن، وهو محصول تسبب في استنزاف موارد المياه بالقرب من بحر آرال، بين أوزبكستان جنوبًا وكازاخستان شمالًا، وفي أفغانستان تجري حفر قناة لتحويل المياه من نهر "أمو داريا"، على الحدود النهرية لخمس دول في آسيا الوسطى، علاوة على وجود خلاف بشأن موارد المياه، تسبب من قبل في إطلاق النار على الحدود بين أفغانستان وإيران، وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، يخشى بعض الخبراء من أن الطلقات الأولى من "حروب المياه" التي طال انتظارها ربما تم إطلاقها بالفعل.
حكومات آسيا الوسطى أدركت أهمية "الموارد المائية"
يعتمد ما يقرب من ملياري شخص على الأنهار التي تنشأ في هضبتي "التبت" و"هندوكوش"، ومن بينها جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في آسيا الوسطى، لكن الإهمال طويل الأمد، وسوء الإدارة، والإفراط في استخدام الموارد المائية، إلى جانب الجفاف الذي دام سنوات طويلة، أزعج الحكومات أخيرًا حتى تصالحت مع حقيقة تغير المناخ، ومن المقرر أن يلتقي رؤساء أوزبكستان وطاجيكستان في عشق آباد بتركمانستان، خلال الشهر الحالي، في لقائهم السنوي، مع احتلال المياه مكانة بارزة على جدول الأعمال، في منطقة ترتبط فيها السلطة السياسية غالبًا بالسيطرة على الموارد، لكن هناك موردًا واحدًا يزداد الطلب عليه بشكل متزايد، وهو المياه.
حقل ألغام دبلوماسي
أحد الأشياء القليلة التي يمكن أن يتفق عليها خبراء المياه أن التهديد المائي أصبح وجوديًا، والحل يجب أن يتم بشكل جماعي، ويشير المتفائلون إلى أكثر من 30 عامًا من السلام بين الدول التي حصلت على الاستقلال مع نهاية حقبة الاتحاد السوفيتي السابق، كدليل على أن كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان يمكن أن يعملوا معًا، ونقلت المجلة الأمريكية عن عمير أحمد، مدير موقع "القطب الثالث"، المنصة البريطانية المتخصصة في قضايا موارد المياه والتنمية، أن مخاوف الدول بشأن أزمة المياه تعد "حقل ألغام دبلوماسي"، وقال "عمير": "إذا كان بإمكان الصين فقط أن تقدم بعض القيادة والمشورة، فيمكن لمنظمة شنجهاي للتعاون أن تكون أفضل منتدى مثمر".
عدم تطبيق أي تقنيات فعّالة وحديثة في استخدام المياه
من جانبه، قال أكرم عمروف، الأستاذ المساعد في جامعة الاقتصاد العالمي في العاصمة الأوزبكية طشقند، إنه بالنسبة لبحر آرال، الذي كان في يوم من الأيام أكبر بحر داخلي في العالم تتقاسمه أوزبكستان وكازاخستان، لا أمل في انتعاش موارده المائية، وحاليًا "بحر آرال مات ولا يمكننا إنقاذه"، فيتم سحب المياه من روافد "داريا" في الشمال و"أمو داريا" في الجنوب لري الإنتاج الزراعي، وخاصة القطن، قبل أن تصل المياه إلى "آرال"، ولم تقم أي جهة في المنطقة بإدخال تقنيات فعّالة وحديثة في استخدام المياه، ورغم وجود تنسيق محدود لأنظمة إدارة المياه، لم يتم تنفيذ أي نهج علمي ومنظم لشبكات المياه الشاملة بما في ذلك الأنهار والبحيرات الأصغر.
وتابع "عمروف": "إن عدم كفاءة أساليب استهلاك المياه أمر كبير، ويزيد من إهدار المياه في المنطقة، وهناك الكثير من المحادثات ولكن لا يوجد تنفيذ".
الإجهاد المائي بسبب الرهانات الاقتصادية الخاطئة
جزء من المشكلة يعود لأن البلدان الواقعة في المناطق المجهدة بالمياه في العالم تواصل وضع رهاناتها الاقتصادية في أسوأ الأماكن، حيث يُزرع نوع من البرسيم الذي يحتاج كميات من المياه على نطاق واسع في جنوب غرب الولايات المتحدة الذي ضربه الجفاف، واختارت أوزبكستان أيضًا لعقود من الزمان زراعة القطن، وتخصصت في محاصيل مشابهة خلال الحقبة السوفيتية، واستمرت هذه الممارسة حتى الاستقلال وأدت إلى مقاطعة استمرت 11 عامًا من قبل أكثر من 330 شركة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، بسبب ظروف الفلاحين الصعبة، وأدت نهاية المقاطعة في العام الماضي إلى استثمارات جديدة تهدف إلى زيادة المحاصيل، لكن زراعة المزيد من القطن تعني بالتأكيد المزيد من الإجهاد المائي.
وقال "عمروف" إن هناك اتفاقيات عابرة للحدود واتفاقيات تعاون يعود تاريخها إلى عقود، لكن يجري إحياؤها الآن، وهي تشمل اتفاقات مع الصندوق الدولي لإنقاذ بحر آرال واللجنة المشتركة بين الدول المعنية بتنسيق المياه في آسيا الوسطى، وعبّر عن أمله أن يكون هناك وجوه جديدة لتغيير الموقف المائي المتأزم في المنطقة.