تسود توقعات بأن يمهد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ترشحه للرئاسة، لمعركة ضارية داخل الحزب الجمهوري، في الوقت الذي علّق الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالقول إن الرئيس الجمهوري السابق "خذل" بلاده خلال توليه المنصب.
مع إعلان ترامب نيته للترشح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، تتزايد موجة من التساؤلات على الساحة السياسية الأمريكية، حول قانونية الأمر، في ظل توجيه عدد من الاتهامات لترامب، ما زال عدد منها ماثلًا أمام القضاء الفيدرالي الأمريكي.
وقدّم ترامب أوراق ترشحه لهيئة الانتخابات الفيدرالية الأمريكية، ثم تحدث أمام مؤيديه، بمقر إقامته في فلوريدا، قائلًا إن قراره يسعى لـ"جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
قوة الأنصار
جاء قرار دونالد ترامب، بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، رغم عدم إعلان النتيجة النهائية لها، وذلك عقب تلميحات، على مدار أشهر، بتوقيت إعلان الترشح، فكان الرئيس السابق يراهن على فوز حزبه الجمهوري بأغلبية ساحقة في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، ولكن بعد الإعلان المبدئي للنتائج النهائية، وعدم فوز الحزب الجمهوري بالنتيجة الموقعة، ظهرت تكهنات من أنصار الحزب أن ترامب لن يكون المرشح للرئاسة الأمريكية.
لكن جاء إعلان دونالد ترامب ترشحه للمرة الثالثة، محاولة نادرة من رئيس أمريكي سابق، يسعى إلى العودة إلى البيت الأبيض، بعد خسارته في الانتخابات.
وألقى ترامب خطابًا، لمدة ساعة، تباهى فيه بإنجازاته في البيت الأبيض، وهاجم أداء الرئيس الحالي جو بايدن، في النصف الأول من فترته الرئاسية.
وظهر الرئيس الأمريكي السابق بأسلوبه المعهود، لتحريك مشاعر الأمريكيين المحافظين، من خلال طرح الأزمات التي تواجهها الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بعادات الثقافة الأمريكية مثل قضية الإجهاض، أو قضية الهجرة التي يراها ترامب وحلفاؤه من أهم الأزمات التي زعزعت استقرار المجتمع الأمريكي خلال السنوات الماضية.
وما زال الرئيس السابق يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة في الداخل الأمريكي، إذ يطلق على أنصاره مصطلح "ترامبيست" الذي أصبح يمثل قاعدة جماهيرية كبيرة، ولا يزال كثير من أنصاره يتولون مناصب قيادية في الحزب الجمهوري.
وقال ترامب إن المهمة المقبلة لا يقدر عليها "مرشح تقليدي"، بل تتطلب التفاف ملايين الناس حولها، وهذه هي حركته وجماعته وحملته الانتخابية.
ولكن يوجد بعد الصعاب أمام ترشح ترامب للعودة إلى البيت الأبيض مرة أخرى، ومنها:
أزمات ماثلة
خلال خطاب الترشح تجاهل ترامب إخفاقات فترة رئاسته، التي كان أقواها انتشار جائحة كورونا التي راح ضحيتها الآلاف من الشعب الأمريكي.
وارتكز الرئيس السابق على إظهار إنجازاته خلال فترة توليه رئاسة البيت الأبيض، ومن بينها خفض الضرائب وإصلاح المنظومة الجنائية.
لكن تظل أزمات إدارته مطروحة على الساحة، منها عجزه عن إلغاء الإصلاحات الصحية، التي جاء بها الديمقراطيون، ووعوده المتكررة بالاستثمار في البنى التحتية، دون أن يتحقق منها شيئًا، وتسببه في انقسام قوي بين الشعب الأمريكي، وانتشار حالة من العنصرية القوية، عانى عدد من المهاجرين وذوات البشرة المختلطة، وغيرها من القضايا التي عملت على انقسام الشعب الأمريكي بصورة غير مسبوقة.
كل هذه العوامل لم تكن أزمة في إعلان ترامب رغبته في الترشح لرئاسة البيت الأبيض للمرة الثالثة، لكن ما زالت هناك أزمات وقضايا أخرى تحمل علامات استفهام حال اتجاه الحزب الجمهوري نحو إعلان اسم مرشحه النهائي في الانتخابات.
قضية أحداث الكونجرس
لن يكتفي ترامب بالدفاع عن سجله في البيت الأبيض فحسب، بل عليه أن يبرر سلوكه خلال نهاية فترته الرئاسية، ودوره في هجوم 6 يناير 2021 على مقر الكونجرس.
لا تزال صور أنصار ترامب وهجومهم على المبنى، وهم يرفعون لافتاته ويخربون مقر الكونجرس، وسط الغازات المسيلة للدموع، وتعطيلهم الظرفي للانتقال السلمي للسلطة، لن تنسى بسهولة.
الهروب القضائي
من الأسباب التي يبدو أنها دفعت ترامب إلى الترشح للانتخابات الرئاسية مرة أخرى، هي أن الترشح يسمح له بتصوير مختلف التحقيقات الجنائية والمدنية ضده على أنها جزء من حملة سياسية واسعة تسعى لإقصائه خارج الحياة السياسية.
وربما تنجح هذه المحاولة فيما يتعلق بدعم شعبيته، ولكن التُهم الموجهة له في التحقيقات واقعية، وما زالت تنظر من القضاء الأمريكي.
ويواجه الرئيس الأمريكي السابق تحقيقًا جنائيًا بشأن التلاعب بنتيجة الانتخابات في ولاية جورجيا، وتحقيقًا مدنيًا بالتزوير يخص إمبراطورية أعماله في نيويورك، وقضية تشهير تتضمن مزاعم الاعتداء الجنسي، وتحقيقًا فيدراليًا بشأن دوره في الهجوم على مقر الكونجرس، وتعامله مع وثائق سرية بعد فترته الرئاسية.
عقبة السن
لا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل إن عامل السن سيكون إحدى العقبات أمام ترامب الذي يريد العودة إلى البيت الأبيض.
حال فوزه، سيكون عمر ترامب 78 عامًا، يوم أدائه اليمين في يناير 2025، وهو السن نفسه الذي دخل فيه بايدن البيت الأبيض، ليكون ثاني أكبر رئيس سنًا في تاريخ الولايات المتحدة، ولطالما انتقد الرئيس الجمهوري السابق، ما عدَّه ضعفًا في القدرات الذهنية لدى خلفه بايدن، فيما ظل يثني على نفسه.