تدخل الحرب بين موسكو وكييف فصلًا جديدًا، في ظل إعلان الرئيس الروسي فلادييمر بوتين، إنهاء اتفاقية الحبوب، وعدم تجديدها للمرة الثالثة، بعد أن تم تمديدها مرتين منذ توقيعها في 2022، ليصبح البحر الأسود ساحة توترات عالمية جديدة، بعد تأكيد أوكرانيا، سعيها لمواصلة تصدير الحبوب، حتى ولو كان دون موافقة روسيا، ليبقى أمامها خياران لا ثالث لهما، الأول هو تصدير الحبوب برًا، والثاني هو التصدير عبر البحر الأسود دون الحماية الروسية، وهو ما يعرض الشحنات للخطر.
استمرار التصدير عبر البحر الأسود
ولم يبرح الرئيس الروسي إعلان رفضه تمديد اتفاقية الحبوب، حتى استشاط المجتمع الدولي غضبًا، وسط إعلان أوكرانيا أنها ستواصل التسليم عبر البحر الأسود، حتى وإن كان بدون ضمانات أمنية، بحسب ما جاء على لسان رئيسها فولوديمير زيلنيسكي، قائلاً:" حتى بدون روسيا، يجب القيام بكل شيء حتى نتمكن من استخدام ممر البحر الأسود " بحسب ما ذكرته مجلة "دير شبيجل" الألمانية.
وأكد الرئيس الأوكراني أن أصحاب السفن على استعداد للاتصال في الموانئ الأوكرانية لتسليم الحبوب، وأن الاتفاق بين أوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة لا يزال ساري المفعول بدون موسكو.
تأمين السفن وبضائعها
لم يذكر زيلنيسكي كيف يجب تأمين السفن وبضائعها في منطقة الحرب، لكن الرئيس التركي أخذ زمام المبادرة بإعلان إجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب عن تفاؤله بتمديد الاتفاقية، مؤكدًا أن تمديد الاتفاق قد يكون ممكنًا قبل زيارة الرئيس الروسي إلى تركيا المقرر إجراؤها في أغسطس.
إعفاء موسكو من العقوبات.. وعود لم تنفذ
وترجع روسيا سبب رفضها لتمديد اتفاقية الحبوب إلى أن الوعود لم يتم الوفاء بها، بحسب ما ذكره ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الحكومة الروسية، مؤكدة العودة للاتفاق بمجرد استيفاء الشروط الروسية.
يتعلق الأمر في جوهره بالعقوبات الغربية، من وجهة النظر الروسية، التي تمنع معالجة مدفوعات الصادرات الزراعية الروسية.
حصيلة الاتفاقية
وفقًا للأمم المتحدة، تم تصدير آلاف الأطنان من الحبوب من أوكرانيا حتى الآن، أكثر من 32 مليون طن من السلع الزراعية من أوكرانيا إلى 45 دولة في إطار المبادرة.
أكثر من 1000 سفينة غادرت الموانئ الأوكرانية، إلا أن كمية السلع الزراعية المصدرة قد انخفضت في الأشهر الأخيرة.
واتهمت أوكرانيا روسيا بتأجيل عمليات التفتيش المتفق عليها، وأكدت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن المبادرة ستخفض أسعار الغذاء العالمية وتساعد في مكافحة الجوع.
وبمساعدة الاتفاقية، تمكن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أيضًا من جلب 725 ألف طن من القمح إلى البلدان المتأزمة مثل أفغانستان والصومال.
أزمة عالمية بسبب إلغاء الاتفاقية
ويرجح الخبراء أن يُحدث إلغاء الاتفاقية، أزمة في التوريد، في مختلف بقاع العالم، وخاصة في إفريقيا وآسيا، ما قد يؤدي إلى زيادة الأسعار في التجارة الزراعية العالمية مرة أخرى.
ويرجع تاريخ اتفاقية الحبوب إلى يوليو 2022 بعد أن منعت روسيا الصادرات البحرية للحبوب الأوكرانية، قبل أن تتفق أوكرانيا وروسيا وتركيا كأطراف في اسطنبول على مبادرة حبوب البحر الأسود، في ذلك التاريخ، مع لعب الأمم المتحدة دور الوسيط.
وتم تمديد الاتفاقية عدة مرات، والتوصل إلى اتفاق ثان في اسطنبول بين الأمم المتحدة وروسيا، وفي مذكرة تفاهم وافقت الأمم المتحدة على دعم تصدير المواد الغذائية والأسمدة الروسية دون عوائق إلى الأسواق العالمية، واشتكت روسيا مرارًا من عدم تنفيذ المذكرة، ومنها إعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام الدفع الدولي SWIFT.