"عندما تطأ قدمه خشبة المسرح كنا نقول صعد الأسد".. هكذا وصف الفنان عبدالمنعم مدبولي، صديقه الفنان حسين رياض، الذي اتسم بكاريزما خاصة لا تشبه أحد، فخطف الأضواء ممن حوله واستمع له الجمهور بشوق.
امتدت أصول حسين رياض - المولود في 13 يناير 1897- لأسرة تركية متوسطة الحال، إذ كان يعمل والده تاجرًا للجلود، وبدأ شغفه بالفن منذ الصغر وأحب التمثيل، وبدأ كهاوٍ فانضم لفرقة للهواة في مرحلة الثانوية، هي فرقة عبدالرحمن رشدي مع شقيقه الفنان فؤاد شفيق، وتنقل بين الفرق ومنها عمله بفرقة علي الكسار، ونجيب الريحاني ومنيرة المهدية، ويوسف وهبي، وعندما افتتح الأخير مسرح رمسيس مطلع عام 1923، انضم معه لفرقة رمسيس، كما عمل مع الفنانة فاطمة رشدي في فرقتها.
نوّع رياض في أدواره، ورغم اشتهاره بالأدوار الجادة، لكنه قدم عددًا من الأعمال الكوميدية مثل "رتيبة هانم" و"سلك مقطوع"، وأيضًا تصدره بطولة فيلم "بابا أمين" ليسبق اسمه فاتن حمامة، وتقول عنه نجلته في لقاء تلفزيوني: "من لم ير حسين رياض في الكوميديا فهو لا يعرفه حقًا، فكان كوميديانًا بالدرجة الأولى"، كما قدم الكثير من الشخصيات مثل الرجل الطيب والحنون وفي أحيان أخرى الشرير والقاسي، ورغم تنوع مهاراته ومواهبه وشخصياته، لكن السمة المشتركة التي اجتمع عليها الجميع، حبهم له وقدرته على الوصول لقلوب الناس.
لم تقتصر مواهب حسين رياض على التمثيل فقط، لكنها امتدت للغناء، فلا يعرف الكثير من الجمهور أنه قدم 5 أوبريتات رغم صوته الأجش، الذي مثل بصمة خاصة له، كما قدم أغنية للأطفال "الثعلب فات فات"، بحسب ما أكدت نجلته في لقاء تلفزيوني.
لُقب حسين رياض بـ"أبو السينما"، إذ بدأ فيها منذ أن كانت صامتة، ليعاصر محطات مهمة في تطورها ويكون له بصمة خاصة بها، فقدم ما يزيد على 300 فيلم على مدار 40 عامًا، ولم يكتف بأن يكون أبًا لها فقط لكنه أجاد تقديم دور الأب باقتدار في عدد كبير من أعماله، ورغم ما اتسم به من حنان لكنه قدم شخصية الأب القاسي غليظ الطباع في فيلم "حديث المدينة" مع صباح، وفيلم "أنا حرة"، فلقبه الفنان حسن يوسف بـ"هولاكو".
احتفظ برصيد ضخم وكبير من الأعمال، التي تجاوزت 700 عمل، تنوعت ما بين السينما التي استحوذت على العدد الأكبر، إذ وصل عدد أفلامه نحو 320 فيلمًا، بينما وصل عدد أعماله في المسرح 240 مسرحية، بجانب الأعمال الإذاعية، التي بلغت 150 عملًا، كما دخل التلفزيون وقدم نحو 50 مسلسلًا.
وتقديرًا لإسهاماته الكبيرة وعطائه الفني، نال وسام العلوم والفنون وتكريمًا من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ورغم رحيله بما يقرب من أربعة عقود حصل على درع الريادة من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عام 2000 وتسلمته نجلته فاطمة حسين.
عاش حسين رياض للفن فقط وتنفسه، وكرّس حياته لخدمته، حتى إنه لم يكن يرى أولاده إلا فترات قليلة لانشغاله الدائم بالتمثيل، ورغم اقترابه من سن السبعين عامًا لكنه رفض الجلوس في المنزل، وظل يعمل حتى التقط آخر أنفاسه، وتوفي في أثناء تصوير أحد أدواره، عن عمر ناهز الـ68 عامًا بعد تعرضه لأزمة قلبية، في مثل هذا اليوم 17 يوليو عام 1965.
أوصى حسين رياض بوصية غريبة بأن يدفن بعد مرور 24 ساعة من وفاته، وكشفت نجلته سر هذه الوصية قائلة: "والدي كان يقدم مسرحية، وكانت تدور حول رجل توفي وبعد دفنه في القبر استيقظ، فوالدي كان لديه هاجسًا أنه ربما يستيقظ بعد وفاته، ونفذنا وصيته، واضطررنا لوضع ألواح ثلج حول جثمانه للحفاظ عليها من التعفن، لأنه توفي في فصل الصيف".
