تشتعل نيران الحرب في أرض أوكرانيا منذ أشهر، في مشهد طاحن بين القوات الأوكرانية والأخرى الروسية، فيما تتفاقم معاناة المدنيين وتتصاعد وتيرة الخسائر البشرية والمادية.
تتبادل الجيوش الروسية والأوكرانية اتهامات باستخدام أسلحة محظورة وتهديدات باقتحام الأراضي الأخرى، في حين تستمر المواجهات العنيفة على الأرض، ويبدو الصراع أكثر تعقيدًا ودموية، إذ تشير التقارير إلى أن الروس يتهمون القوات الأوكرانية باستخدام أسلحة كيميائية حارقة وقنابل عنقودية محظورة دوليًا، في حين تهدد القيادة الأوكرانية بنقل المواجهة إلى الأراضي الروسية إذا ما استمر الهجوم.
وعلى أرض الواقع، لا تزال المعارك العنيفة مستمرة في مناطق شرقية وجنوبية، بينما تحاول القوات الأوكرانية تحقيق تقدم محدود، في حين بدأت روسيا بتجييش دفعة جديدة من قوات الدعم.
نقل المعارك لروسيا
اتهم الجيش الروسي قوات كييف باستخدام سلاح مجهول في المعارك، في حين هدد قائد الجيش الأوكراني فاليري زالونجي بنقل القتال إلى الأراضي الروسية في حال واجهت قواته مقاومة روسية جديدة في الشرق والجنوب.
وزعم زالونجي، في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست"، أن قتال القوات الروسية داخل حدودها ضروري وممكن، مؤكدًا أن "الأوكرانيين يتحملون مسؤولية اختيار استراتيجية محاربة العدو".
وتابع بالقول إن الجيش الأوكراني من أجل إنقاذ مواطنيه لا يحتاج إلى إذن للقيام بعمليات خلف حدود العدو.
وأوضح القائد الأوكراني أن قوات بلاده ستستخدم أسلحتها، ولكن بالقدر الضروري فقط، إذا كان الحلفاء مترددين في استخدامها داخل روسيا.
قبل ذلك، كانت قد وعدت كييف بعدم مهاجمة العمق الروسي بالأسلحة بعيدة المدى التي تلقتها من حلفائها الغربيين أو باستخدام القنابل العنقودية التي قررت واشنطن منحها لها.
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أمريكي قوله إن الذخائر العنقودية دخلت أوكرانيا بسرعة لأنها كانت موجودة بالفعل في أوروبا، بعد أن أكد قائد عسكري أوكراني أمس الجمعة أنه تلقى دفعة أولى من الأسلحة المحظورة دوليًا.
اختراق كبير
وفيما يدل على أن القوات الأوكرانية تسعى لانتزاع مدينة باخموت من قبضة القوات الروسية، قال مارجو جروسبرج، رئيس المخابرات الإستونية، إن قوات كييف على وشك تحقيق اختراق كبير مع دفعها شرقًا في هجومها المضاد، مشيرًا إلى أن القوات دمرت مواقع القيادة الروسية وأحرزت تقدمًا حول باخموت.
وقال جروسبرج لمحطة ERR الإستونية: "كل هذا يظهر أن الأوكرانيين على وشك تحقيق نجاح أكبر".
وأشار القائد العسكري الإستوني، إلى إن الجيش الأوكراني قريب بما يكفي لإطلاق مدفعيته على باخموت والسيطرة على الطرق المؤدية داخل وخارج المدينة الشرقية.
وقال إن هذا يعلق ويرهق القوات الروسية أثناء تعطيل خطوط الإمداد الخاصة بها، مضيفًا "يجب أن يكون هناك نجاح أكبر في مرحلة ما".
تطور لافت
في تطورات لافتة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إرسال 147 ألف مجند إلى الجبهات الأمامية بعد انتهاء عملية التجنيد الربيعية.
أما ميدانيًا، وبالتوازي مع القتال الدائر في مقاطعتي زابوريزهيا وخيرسون، واصلت القواتان الأوكرانية والروسية شن هجمات مشتركة في مقاطعة دونيتسك، إذ صرّح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في خطابه اليومي مساء أمس الجمعة، بأن القوات الروسية تبذل قصارى جهدها لوقف تقدم القوات الأوكرانية في الجنوب والشرق.
قبل ذلك، كانت اعترف الرئيس الأوكراني وعدد من مساعديه ببطء الهجوم المضاد، الذي شنته القوات في الرابع من يونيو المنقضي في الشرق والجنوب، بحسب صحيفة "كييف إندبندنت" الأوكرانية.
وقال الجنرال أولكسندر تارنافسكي، قائد القوات الأوكرانية في المحور الجنوبي، مساء أمس الجمعة، إن قواته "تطرد العدو بشكل منهجي من مواقعها" وأن الروس فقدوا ما لا يقل عن 200 جندي خلال الـ24 ساعة الماضية، فيما أشارت ناتاليا هومينيوك، المتحدثة باسم قيادة العمليات الجنوبية بالجيش الأوكراني، إلى أن القوات تتصدى لمحاولات القوات الروسية العودة إلى مواقعها السابقة عند الضفة اليسرى لنهر دنيبرو في مقاطعة خيرسون.
لكن على الرغم التقدم واستعادة عدد قليل من البلدات والقرى أخيرًا، إلا أن القوات الأوكرانية تواجه مشكلة في التحرك جنوبًا باتجاه بحر آزوف مدينتي بيرديانسك وميلوتوبول، وفقًا لمحللين عسكريين في أوكرانيا بحسب صحيفة التليجراف البريطانية.
في حين أبلغت هيئة الأركان العامة الأوكرانية عن العديد من الاشتباكات مع القوات الروسية في الساعات القليلة الماضية في محيط مدن دونباس الشرقية وهي ليمان وباخموت وأفدييفكا ومارينكا وكوبيانسك.
كما أفاد حاكم بيلجورود الروسي أن القوات الأوكرانية أطلقت أمس الجمعة نحو 55 قذيفة مدفعية هاون على بلدات وقرى في المنطقة، في حين واصل الجانبان هجماتهما بطائرات بدون طيار في مناطق مختلفة من أوكرانيا.
قذائف غير معروفة
في سياق منفصل وجهت القوات الروسية أصابع الاتهام الى الجيش الأوكراني باستخدام قذائف حارقة مجهولة الهوية لقصف مدينة أليوشكي في مقاطعة خيرسون، ما أسفر عن حرق منزلين بالكامل ، بحسب ممثل عسكري للجنة تحقيق روسية، مشيرًا إلى أن خبراء متفجرات يشاركون في التحقيقات لتحديد هوية القذائف.
بالإضافة إلى ذلك، تحدثت وسائل إعلام روسية عن حريق اندلع في غابات قريبة وامتد لعشرات الكيلومترات.
من جانبها نفت القوات الأوكرانية، الأحد الماضي، المزاعم الروسية باستخدام أسلحة كيماوية حارقة في القتال بالقرب من مدينة باخموت.
الطيارون الأوكران
من ناحية أخرى، نقلت صحيفة "بوليتيكو" عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين قولهم، إن تحالفًا من الدول الأوروبية ملتزم بتدريب الطيارين الأوكرانيين لا يزال ينتظر الموافقة الأمريكية الرسمية على البرنامج قبل أن يبدأوا التدريب على طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-16.
جدير بالذكر أنه كان أبدى التحالف الذي يضم 11 دولة رسميًا موافقته على تدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة طائرات إف -16 وطائرات مقاتلة أخرى يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين خلال قمة الناتو بالعاصمة الليتوانية فيلنيوس.