الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أغضبت موسكو من أنقرة.. ما هي قصة "كتيبة آزوف" بعد عودة مقاتليها لأوكرانيا؟

  • مشاركة :
post-title
زيلينسكي رفقة قادة كتيبة آزوف

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

فجر خبر إطلاق سراح قادة كتيبة "آزوف"، انتقادًا روسيا للسُلطات الأوكرانية، إذ اتهمها "الكرملين" بانتهاك اتفاقيات تبادل الأسرى، إذ كان يتعين بقاؤهم في تركيا حتى نهاية الحرب، فما هي قصة كتيبة "آزوف"، وكيف أثارت الجدل منذ تأسيسها في 2014، ومن يقف وراءها.

يوصف قادة "آزوف" بالأبطال في أوكرانيا، إذ كانوا في طليعة المدافعين عن مدينة ماريوبول الساحلية العام الماضي، قبل أن تأمرهم كييف بالاستسلام في نهاية المطاف، في مايو الماضي، ليقعوا أسرى لدى روسيا، قبل أن تطلق موسكو سراح بعضهم في سبتمبر في اتفاق لتبادل للأسرى توسطت فيه أنقرة، وتُلزم شروطه هؤلاء القادة بالبقاء في تركيا حتى نهاية الحرب، وهو ما لم يحدث.

رد الفعل الروسي

اتهم الكرملين، السبت، تركيا بانتهاك اتفاقيات تبادل الأسرى، بعد أن أطلقت سراح مقاتلين أوكرانيين، تابعين لوحدة عسكرية دافعت لأسابيع عن مصنع للصلب في مدينة ماريوبول الأوكرانية.

وقال دميتري بيسكوف، إن بنود الاتفاقية كانت تنص على بقاء المقاتلين في تركيا حتى نهاية الحرب، مُشيرًا إلى أن تركيا لم تخبر روسيا بإطلاق صراحهم.

وظهر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وهو يصطحب قادة الكتيبة الأوكرانية، وقال بعد اجتماع مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان: "سنعود إلى الوطن من تركيا وسنعيد أبطالنا إلى الوطن".

وكتب عبر حسابه بتطبيق تليجرام: "الجنود الأوكرانيون دينيسبروكوبينكو وسفياتوسلاف بالامار وسيرهي فولينسكي وأوليه خومينكوودينيس شليها. سيكونون أخيرًا مع أقاربهم".

نشأة "آزوف"
شعار كتيبة آزوف

نشأت كتيبة "آزوف" عام 2014 من ميليشيا متطوعة في مدينة بيرديانسك، لدعم الجيش الأوكراني في قتاله ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرقي أوكرانيا. بعض المتطوعين كانوا جزءًا مما يسمى بـ"القطاع اليميني" وهو عبارة عن مجموعة أوكرانية يمينية متطرفة لكنها نشطة، وهذه المجموعة تنتمي في الأصل لشرق أوكرانيا من الناطقين بالروسية المنادين بوحدة الشعوب السلافية الشرقية أي الروس والبيلاروس والأوكرانيين. وبعض هؤلاء ينحدرون من مشاغبي الملاعب "ألتراس"، وآخرون كانوا نشطين ضمن المجموعات القومية المتشددة.

"أسطورة آزوف"

كتيبة آزوف التابعة للحرس الوطني الأوكراني، قاتلت ودافعت بشراسة عن مدينة ماريوبول الأوكرانية الساحلية، بحسب الصحف الأوكرانية، إذ ادعت أنها دمرت خلال يوم واحد ثلاث عربات روسية عسكرية مدرعة وأربع ناقلات جند مدرعة و"أبادت الكثير من جنود المشاة" الروس، كما نشرت صورة رجل ميت باللباس العسكري، ادعت أنه لجنرال روسي قتله، لكن من الصعب التحقق من صحة هذه الادعاءات.

البروباجندا الروسية أيضًا ساهمت في نشوء "أسطورة آزوف"، وفي حرب عام 2014 كانت هناك اتهامات كثيرة للمقاتلين المتطوعين بمن فيهم مقاتلو آزوف، بسوء السلوك والقيام بأعمال سلب ونهب.

"منظمة إرهابية"

عام 2019 كانت هناك مبادرة في الكونجرس الأمريكي لتصنيف كتيبة آزوف كـ"منظمة إرهابية"، لكن المبادرة لم تنجح في ذلك، لكن الحقيقة أن آزوف لديها ومنذ أعوام اتصالات مع الوسط اليميني المتطرف في خارج البلاد، بما في ذلك ألمانيا حسب ما أفادت به الحكومة في ردها على سؤال لكتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني "بوندستاج".

الكتيبة "سيئة السمعة"، كانت من أبرز المدافعين عن مدينة ماريوبول، التي بلغ عدد سكانها، قبل سيطرة روسيا عليها، حوالي 500 ألف نسمة، قبل أن تأمرهم كييف بالاستسلام في نهاية المطاف، في مايو الماضي، ليقعوا أسرى لدى روسيا.

شعار آزوف ومقرها

المقر الرئيسي لكتيبة آزوف في مدينة ماريوبول، وهي جزء من الحرس الوطني وبالتالي فهي تتبع وزارة الداخلية الأوكرانية، ومقاتلوها مدربون بشكل جيد، ولكنها تثير الجدل؛ لأنها تتكون من قوميين ويمينيين متطرفين. ووجود هذه الكتيبة كان إحدى الحجج التي تذرعت بها روسيا لشن عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

كما أثارت آزوف الجدل بسبب رايتها وشعارها فالشعار ينظر له على أن له دلالة يمينية متطرفة، وأنه رمز وثني، استخدمه النازيون أيضًا، ولكن لا ينظر الأوكرانيين إلى هذا الشعار على أنه رمز فاشٍ، لكن كتيبة آزوف تريد أن يفهم من هذا الشعار الذي يعود إلى عهد النازية، على أن الحرفين "N" و"I" يرمزان إلى " nationale Idee/ فكرة الوطنية".

مؤسس آزوف

مؤسس وقائد كتيبة آزوف كان أندري بليتسكي (42 عامًا) الذي تخرج في كلية التاريخ في جامعة خاركيف الوطنية، وكان نشطًا في الوسط اليميني المُتطرف لسنوات طويلة. في صيف عام 2014 كانت مشاركة كتيبة آزوف واضحة في استعادة السيطرة على ماريوبول من الانفصاليين الموالين لروسيا. ومنذ خريف عام 2014 تعمل ككتيبة، وحسب تقارير إعلامية يصل عدد أفرادها إلى نحو ألف مقاتل ولديها دباباتها ومدافعها الخاصة بها، وفي ذلك الوقت قررت الحكومة في كييف دمج القوميين المتطرفين في هياكل الدولة.

في عامي 2015 و2016 نشأت حركة كانت بمثابة ذراع سياسية لآزوف، حيث استقال "بليتسكي" من منصبه كقائد للكتيبة وأسس مع مقاتلين سابقين في الكتيبة حزب "الفيلق الوطني" الذي لم ينجح في الانتخابات، لكن بليتسكي استطاع دخول البرلمان الأوكراني عن طريق الانتخاب المباشر وليس عن طريق قائمة الحزب، لكنه خسر مقعده في انتخابات عام 2019 ولم يعد نائبًا في البرلمان الأوكراني؛ ومنذ بدء الغزو الروسي يدعي أنه يحارب على جبهة كييف.

كتيبة آزوف و"الفيلق الوطني"

على الرغم من أن أسباب بوتين الحقيقية من الحرب لا تتعلق بشكل رئيس بالنازية، لكن في الوقت نفسه فإن وجود كتيبة "آزوف" اليمينية المتطرفة المشكلة من عناصر من النازيين الجدد، كجزء من المشهد العسكري والسياسي في أوكرانيا منذ ما يقرب من عقد من الزمن، يُشكل نقطة ضعف وتهديد رئيسية للأوكرانيين وحلفائهم الغربيين أنفسهم.

ولفتت "الجارديان"، وقتها، إلى أن شعار الكتيبة المكون من حرفي "أن" و"آي"، وهو اختصار لشعار "الفكرة الوطنية"، يشبه في كتابته شعار النازية "ولفسانجيل".

انفصل الجناحان السياسي والعسكري لـ"آزوف" عام 2016، عندما تأسس حزب "الفيلق الوطني" اليميني المتطرف كجناح سياسي، وجرى دمج كتيبة "آزوف" في الحرس الوطني الأوكراني منذ ذلك الحين. وتقول شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن الكتيبة تتمتع بتاريخ من الميول النازية الجديدة، التي لم يتم إخمادها بالكامل من خلال اندماجها في الجيش الأوكراني.

وتضيف "سي إن إن"، أن كتيبة آزوف ارتبطت بالعنصريين البيض والأيديولوجية النازية الجديدة وشاراتها، وكانت نشطة بشكل خاص في ماريوبول والمناطق المحيطة في عامي 2014 و2015، حيث سجلت فرق المراسلين التابعة للشبكة الأمريكية في المنطقة، في ذلك الوقت، تبني "آزوف" لشعارات وأدوات النازيين الجدد.

مؤيدو النازية

ألكسندر ريتزمان، كبير المستشارين في مشروع مكافحة التطرف (CEP)، مركز بحثي مقره برلين قال إن "حركة آزوف هي لاعب رئيسي خطير لليمين المتطرف العابر للحدود، وعملت كمركز للشبكة لعدة سنوات حتى الآن، مع روابط قوية مع المتطرفين اليمينيين في عديد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

في العام 2014، أفادت تقارير غربية بأن كتيبة "آزوف" استقطبت متطوعين من اليمين المتطرف في الخارج، ما يعني أن الكتيبة حاليًا تضم العديد من مؤيدي النازية من الدول الأوروبية والولايات المتحدة ممن ربما استجابوا إلى دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي دعا في فبراير الماضي، الأجانب للانضمام إلى لواء دولي من المتطوعين باسم "الدفاع الإقليمي" لدعم الجيش الأوكراني في القتال ضد "المحتلين الروس".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمريكية، أشارت لرغبة عدد متزايد من المحاربين القدامى الأمريكيين للسفر إلى كييف، فيما تحدثت وسائل الإعلام الأوكرانية عن انضمام أكثر من 20 ألف متطوع من 52 دولة للقتال ضمن كتائب المتطوعين.