في امتداد للصراع الروسي الغربي، الذي بلغ ذروته مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية، ومحاولات الغرب عزل روسيا، وتطويقها، تبرز القمة الروسية الإفريقية على الساحة العالمية، في وقت تواجه فيه إفريقيا صعوبات اقتصادية بالغة، بسبب تداعيات الحرب.
وتستعد موسكو، لاستضافة النسخة الثانية من القمة في الفترة من 27 إلى 28 يوليو الجاري، وسط محاولات غربية، لإثناء القادة الأفارقة عن المشاركة في المنتدى، وتحجيم علاقة الدول الإفريقية مع روسيا.
اليوم، أعلن الكرملين أن التحضيرات جارية بوتيرة نشطة لعقد القمة الروسية الإفريقية، والتي تستضيفها سان بطرسبرج، نهاية يوليو الجاري، وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية، إن موسكو تتوقع العديد من الفعاليات على هامش القمة.
المتحدث باسم الرئاسة الروسية أكد كذلك على مشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في القمة، في وقت تراهن فيه روسيا على حضور القادة الأفارقة لـ"قمة روسيا-إفريقيا"، رغم التهديدات الغربية لهذه الدول بوقف التعامل مع روسيا، بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية.
القمة الروسية الإفريقية الأولى
في أكتوبر 2019، عُقدت القمة الروسية الإفريقية الأولى، في منتجع سوتشي الروسي، لتعلن مرحلة جديدة من العلاقات بين موسكو والقارة السمراء، ووصفها "بوتين" وقتها بأنها "صفحة جديدة في تاريخ مشترك".
أثمرت القمة الإفريقية الروسية الأولى عن عقود مليارية بين الأطراف المشاركة، واتفاقيات تؤسس لشراكة استراتيجية، وقال "بوتين"، في مؤتمر صحفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي كان رئيسًا للاتحاد الإفريقي في حينها، إنه تم الاتفاق على تحويل القمة إلى آلية ثابتة لتعزيز الشراكة، مع الاتفاق على عقد لقاءات مماثلة مرة كل 3 سنوات.
وتحدث الرئيس الروسي عن سعي روسيا لزيادة حجم التجارة مع إفريقيا، من 20 مليار دولار إلى 40 مليار دولار، وأن الشركات الروسية مستعدة للتعاون مع الشركاء الأفارقة في مجالات البنية التحتية، وتطوير أنظمة الاتصالات والتكنولوجيا الرقمية.
عالم متعدد الأقطاب
من جهته، قال أوليج أوزيروف، المبعوث الخاص بوزارة الخارجية الروسية، ورئيس الأمانة العامة لمنتدى الشراكة الروسية الإفريقية، إن الاستعدادت الروسية للقمة والمنتدى الاقتصادي والإنساني الروسي الإفريقي، تتم على قدم وساق، بهدف إعطاء دفعة جديدة للعلاقات الروسية مع الدول الإفريقية، مشيرًا إلى أن قادة الدول الإفريقية أبدوا استعدادهم للمشاركة، وأن معظم الدول الإفريقية تخطط لتمثيلها على مستوى رؤساء الدول والحكومات، وأن روسيا تلقت تأكيدات شفهية منهم، وأنها تنتظر الردود الرسمية.
وأشار "أوزيروف"، بحسب ما نشرته صفحة السفارة الروسية في القاهرة، إلى أن القمة الروسية الإفريقية الأولى حضرها ممثلو جميع دول القارة البالغ عددها 54، بما في ذلك 45 رئيس دولة وحكومة، رغم ذلك قال إن الأهم هو ما ستتم مناقشته في القمة، والقرارت التي سيتم اتخاذها.
وأوضح أنه تم التخطيط لحدثين في إطار المنتدى، الأول سياسي في المقام الأول، من القمة التي سيحضرها الرئيس الروسي ورؤساء الدول الإفريقية، والثاني هو المنتدى الاقتصادي والإنساني الروسي الإفريقي، وسيتم التركيز فيه على العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية، وتطوير التعاون الإنساني، في مجالات العلوم والثقافة والتعليم.
وفيما يتعلق بالجزء السياسي، قال "أوزيروف" إنه سيتم مناقشة المسائل ذات الطبيعة العامة المتعلقة بتشكيل عالم متعدد الاقطاب، وخلق بنية عادلة جديدة للعلاقات، ومبادئ المساوة في السيادة بين الدول، على عكس النظام القائم الذي تروج له واشنطن وحلفاؤها.
محاولات غربية للعرقلة
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، قال إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون عرقلة عقد القمة الروسية الإفريقية، وإثناء القادة الأفارقة عن المشاركة، مضيفًا: "الولايات المتحدة وأتباعها يبذلون قصارى جهدهم لتحقيق العزلة الدولية لروسيا، ويحاولون نسف القمة الروسية الإفريقية".
ويرى محللون أن القمة المقبلة ستكون رسالة حاسمة، إما لمصلحة روسيا وإما ضدها، وأن الأمر يتعلق بمدى المشاركة في القمة الروسية الإفريقية الثانية، مقارنة بالقمة الأولى، وأكد وزير الخارجية الروسي أن بلاده دعت جميع الدول للمشاركة في القمة.