بدأت السلطات الروسية عملية بالغة التعقيد، تستهدف تصفية مجموعة "فاجنر" الخاصة، بعد التمرد المُسلح قصير المدى، الذي قاده زعيمها يفجيني بريجوجن، ضد القيادة العسكرية الروسية، السبت قبل الماضي.
وداخل مقر مجموعة "فاجنر" في سانت بطرسبرج، ينهمك عملاء جهاز الأمن الفيدرالي الروسي "إف إس بي" داخل المكاتب بحثًا عن أدلة تُدين بريجوجن.
ويدشن المتعاقدون العسكريون الجدد المدعومون من الكرملين، حملات تجنيد عبر شبكات التواصل الاجتماعي الروسية، عبر إعلانات تجنيد لجذب بعض مرتزقة ومتسللي واقتصاديي "فاجنر"، البالغ عددهم 30 ألف مُقاتل.
إمبراطورية الاتصالات
وفي جميع أنحاء مدينة سانت بطرسبرج، صادرت وكالة إنفاذ القانون الروسية، أجهزة الكمبيوتر والخوادم التي كانت تملأ مقر شركة "باتريوت ميديا جروب" المملوكة لبريجوجن.
والشركة جزء من إمبراطورية الاتصالات التي كانت تضم ذات يوم "وكالة أبحاث الإنترنت"، وهي منظمة وسائل تواصل اجتماعي ضخت ملايين الرسائل الموالية للكرملين على قنوات التواصل الاجتماعي، وتسببت في إحداث الفوضى بانتخابات الرئاسة الأمريكية 2016، وفقًا لرسائل الموظفين والرسائل النصية، التي راجعتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
ووفقًا لتلك الرسائل، رجحت الصحيفة أن يكون المالك الجديد المحتمل لـ"باتريوت ميديا"، شركة "ناشيونال ميديا جروب" التي ترأسها ألينا كاباييفا، لاعبة الجمباز الإيقاعي التي تخضع لعقوبات من قبل واشنطن، وتعتقد الحكومة الأمريكية أنها أم لـ3 على الأقل من أبناء بوتين.
أكبر عملية استحواذ منذ 1858
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن العالم لم يشهد حكومة تحاول الاستحواذ على إمبراطورية شركات بحجم مجموعة "فاجنر"، منذ أن بدأ التاج البريطاني في تصفية شركة الهند الشرقية عام 1858، وتقلد الحكم المباشر على مستعمراتها مترامية الأطراف.
وأشارت الصحيفة إلى أن مجموعة "فاجنر" ساعدت الكرملين على "حشد نفوذ دولي وتحصيل الإيرادات"، وقت ما كانت تخضع بأكملها لإدارة شركة "كونكورد" القابضة المملوكة لبريجوجن.
السيطرة على "وحش" الشركات
ويحاول بوتين الآن السيطرة على "وحش" الشركات الذي ساعد بنفسه على إنشائها، وفقًا لما نقلته "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين غربيين وشرق أوسطيين وأفارقة، إلى جانب منشقين روس ووثائق تتضمن أكثر من 100 شركة تهيمن عليها "فاجنر".
وفي 24 يونيو، حظر الكرملين قنوات التواصل الاجتماعي التابعة لمجموعة "فاجنر" و"كونكورد". وتعرضت العديد من الشركات التابعة لـ"كونكورد" لمداهمات من قبل أجهزة الأمن الروسية التي قالت إن عناصرها وجدوا "مسدسات وجوازات سفر مزورة وكشوفات مفصلة لمئات الشركات بما يعادل 48 مليون دولار نقدًا أو على شكل سبائك ذهب".
وقالت شبكة التواصل الاجتماعي "يا روس" التابعة لبريجوجن، الخميس الماضي، إنها علقت الخدمة وتبحث عن مستثمرين جدد "بسبب الوضع السياسي".
وكان موقع "ذا بيل" الإخباري الروسي المستقل هو أول من أفاد بأخبار عن مداهمة مجموعة "باتريوت ميديا" في سانت بطرسبرج، و"البيع المحتمل" لهذا المنبر الإعلامي الموالي للحكومة.
وقبل سقوطه، قام بريجوجن ببناء واحد من أكثر هياكل الشركات تعقيدًا وقدرة على تجاوز المساءلة في العالم، وهو عبارة عن مجموعة من مئات الشركات في روسيا.
ممتلكات بريجوجن
وقال أحد موظفي هذه الشركات في رسالة نصية راجعتها "وول ستريت جورنال"، إن بريجوجن حوّل بعض ممتلكاته إلى بعض موظفيه في الأسابيع السابقة على التمرد، ما قد يفاقم تعقيد الاستيلاء عليها من قبل الحكومة الروسية.
وتشتهر إمبراطورية شركات بريجوجن بالعمليات التي يقوم بها المرتزقة، لكنها تضم أيضًا العديد من شركات التمويل، البناء، الإمدادات والخدمات اللوجستية، والتعدين والموارد الطبيعية.
ويسيطر قائد "فاجنر" على ممتلكات بمساحة 180 ألف قدم مربع تقع داخل تجمع سكني محاط بسور في لاختا، إحدى ضواحي سانت بطرسبرج ليكسايد الفاخرة، وفقًا للسجلات التي أطلعت عليها "وول ستريت جورنال".
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن محللين ومسؤولين أمريكيين وأوربيين، إنه برغم اعتراف بريجوجن بتأسيس شركة "فاجنر" العسكرية الخاصة، أكتوبر الماضي، بعد عقد من إنكاره لوجودها، إلا أن "الجزء الأكبر من الشبكة التي تشكل ممتلكاته لا يزال غير معروف".
وقال أحد كبار المسؤولين الأمريكيين الذي تابع نشأة "فاجنر" عن كثب، إن السؤال الذي يطرح نفسه يدور حول "ما إذا كانت الكيانات الكثيرة التي تأسست بشكل منفصل، لكنها متناسقة وتعمل في جميع أنحاء إفريقيا وأماكن أخرى ستواصل العمل كشبكة ينقصها التوجيه، وربما الخوف من أن يصيبها التفكك بعيدًا عن قيادة بريجوجن".