تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في إرسال مسؤوليها إلى الصين، واحدًا تلو الآخر، محاولةً وضع سقف للصراع الدائر بين القوتين العظمتين، وسط تصاعد الخلافات التجارية والسياسية، في وقت تحاول فيه كل دولة أن تفرض سيطرتها.
جانيت يلين وزيرة الخزانة، كانت آخر المسؤوليين الأمريكيين الذين وصلوا إلى الصين، إذ حطت أمس الخميس في العاصمة بكين، في زيارة تستغرق 4 أيام، وكان في استقبالها السفير الأمريكي لدى الصين نيكولاس بيرنز، وكذلك المسؤول في وزارة المال الصينية، يانج ينج مينج، وفقًا لصحيفة "تشاينا ديلي" الصينية.
وكشفت وزيرة الخزانة الأمريكية، أن الزيارة تهدف إلى تحسين الاتصالات بين البلدين، إضافة إلى تحسين العلاقات المتوترة بين أكبر اقتصاديين في العالم، وكتبت على "تويتر": "لقد كلف الرئيس جو بايدن، إدارته بتعميق التواصل بين بلدينا بشأن مجموعة من القضايا، وأنا أتطلع إلى القيام بذلك خلال زيارتي".
تحسين الاتصالات
I am glad to be in Beijing to meet with Chinese officials and business leaders. We seek a healthy economic competition that benefits American workers and firms and to collaborate on global challenges,
— Secretary Janet Yellen (@SecYellen) July 6, 2023
ووصفت "يلين" الزيارة بأنها فرصة لتحسين الاتصالات مع الصين، وتجنب سوء التفاهم بين البلدين، مشيرة إلى أن "واشنطن ستتخذ إجراءات لحماية أمنها القومي عند الحاجة".
وأشارت وزيرة الخزانة الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى "منافسة اقتصادية صحية" مع الصين، وأن يتمكنا من العمل معًا لمواجهة التحديات العالمية.
وبحسب رئيس معهد جمعية آسيا للسياسة، فإن بقاء يلين لمدة 4 أيام في الصين، في ظل الضغوطات الأخرى الداخلية والدولية التي تواجه أمريكا، يدل على الأهمية التي توليها للزيارة، وفقًا لما نقلته "فرانس برس".
ماذا قالت الصين عن الزيارة؟
China hopes that the US will meet China halfway, fully implement the important consensus of the two heads of state, remove interferences with actions, manage disagreements, strengthen dialogue with sincerity, and carry out cooperation to stop the decline and return China-US… pic.twitter.com/zJGgs3C4Ju
— Global Times (@globaltimesnews) July 4, 2023
من جهته، قال السفير الصيني لدى الولايات المتحدة، شيه فينج، إن بلاده تأمل أن تجتمع مع أمريكا في منتصف الطريق، وأن ينفذا التوافق المهم بين الرئيسين الأمريكي والصيني بشكل كامل.
وأشار إلى أمله في أن ينجح الجانبان في إزالة التدخلات في الإجراءات، وأن ينجحا في إدارة الخلافات، وأن يعززا الحوار بينهما، وأن ينجحا في وقف تدهور علاقاتهما وإعادتها إلى المسار الصحيح.
زيارة أنتوني بلينكن
في 18 يونيو الماضي، بدأ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، زيارة إلى الصين، كنت الأولى لمسؤول أمريك كبير منذ تولي بايدن الحكم، مًحملًا بـ3 ملفات رئيسية، هي إنشاء آلية لإدارة الأزمات، وتعزيز مصالح الولايات المتحدة، وحلفائها، إلى جانب استكشاف مجالات التعاون المحتمل بحسب تصريحاته.
وخلال الزيارة، التقى بلينكن الرئيس الصيني شي جين بينج، وأعرب عن تقديره للمحادثات الصريحة التي أجراها معه.
ولم يدم لقاء بلينكن وشي جين بينج، سوى 35 دقيقة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، وبحسب مصدر أرسل اللقاء إشارة وحيدة مفادها أن الولايات المتحدة والصين لا تريدان أن يطبع "العداء" علاقتهما، وأنهما تدركان أن تنافسهما ينطوي على مخاطر هائلة.
وأكد بلينكن أن الصين رفضت عرضًا أمريكًا بإقامة خط "اتصال عسكري" مباشر بين الطرفين، موضحًا أنه أثار مرارًا وتكرارًا، ضرورة أن يكون هناك "خط اتصال ساخن" بين الجيشين، لتهدئة التوترات بسرعة والتراجع عن المواجهة، وهو الخط الذي يمثل أولوية لإدارة بايدن، بحسب موقع "ذا هيل" الأمريكي.
وعقب الزيارة، قال بلينكن، إن التفاعلات بين الدول يجب أن تستند على الاحترام المتبادل والصدق، مشيرًا إلى أنه اتفق مع القيادة الصينية على الحاجة إلى استقرار العلاقات الثنائية.
وأكد بلينكن على أهمية المشاركة المباشرة والتواصل المستمر، على المستويات العليا، لأنهما الوسيلة الأفضل لإدارة الخلافات بمسؤولية، لضمان عدم تحول المنافسة إلى صراع.
لا تنازلات
وأكد كبير مسؤولي الشؤون الخارجية الصيني وانج يي، عقب لقائه بلينكن، أن بلاده لن تقدم "أي تنازلات" بشأن تايوان، وأن واشنطن عليها احترام "مبدأ الصين الواحدة" واحترام سيادة الصين، مشددًا على ضرورة أن يختار البلدان بين الحوار والمواجهة والتعاون والخلاف.
أزمة تصريحات بايدن
وبين الزيارتين برزت أزمة جديدة بين أمريكا والصين، عندما وصف الرئيس الأمريكي نظيره الصيني بـ"الديكتاتور"، وهو ما أيده "بلينكن"، الذي زار الصين قبلها بأيام، قائلًا إن تصريحات الرئيس الأمريكي تعكس وجهة نظر القيادة الأمريكية بأكملها.
واعترضت الصين على وصف بايدن لـ"شي" بالديكتاتور، وقالت وزارة الخارجية الصينية، إنها تصريحات غير مسؤولة وتنتهك معاير الدبلوماسية، ووصفتها بأنها "استفزاز سياسي واضح".
زيارة سرية
الزيارات الأمريكية للصين بعد التوترات الأخيرة، بدأت بزيارة سرية في مايو الماضي، أجراها وليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، عقب إسقاط واشنطن منطادًا صينيًا، قيل إنه للتجسس.
وكشف مسؤول أمريكي، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن بيرنز وهو أحد أبرز المساعدين الموثوقين للرئيس الأمريكي جو بايدن، ويعهد إليه بالأمور الحساسة شدد خلال الزيارة على أهمية إبقاء قنوات التواصل مفتوحة.
وجاءت زيارة مدير الـ "CIA"، خلال نفس الشهر الذي التقى فيه مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان مع كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي في فيينا.
وكانت زيارة بيرنز هي أرفع زيارة لمسؤول أمريكي إلى الصين منذ زيارة نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان، تانجين، في يوليو 2021.