الوقت الذي قدّرت فيه تقارير أممية، العدوان الإسرائيلي على جنين اليومين الماضيين، قد يشكل جرائم الحرب، بعد ما خلفه من دمار ممنهج، أعلنت سلطات الاحتلال أن "العملية العسكرية" حققت أهدافها، بإتاحتها لفرق قتالية صغيرة التحرك في المخيم بحرية أكبر بدءًا من الآن، بما يتماشى مع تهديدات سابقة لنتنياهو أن العملية "ليست لمرة واحدة".
وانسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مخيم جنين قبل منتصف ليلة الثلاثاء، بعد عدوان عسكري استمر يومين، قوامه 3 آلاف جندي ونحو 200 آلية عسكرية مدعومة بإسناد جوي، أسفر عن استشهاد 12 فلسطينيًا، ونحو 100 آخرين من الجرحى، بينهم 20 بحالة خطيرة، فيما أعلن الاحتلال مقتل أحد جنوده خلال العدوان.
أهداف العدوان
أكد وزير أمن الاحتلال الإسرائيلي، يوآف غالانت، يوم الأربعاء، أن العملية العسكرية في جنين "حققت أهدافها بالكامل" في المدينة والمخيّم، وأن فرقًا قتالية صغيرة بإمكانها التحرك بحرية أكبر في جنين.
وقال غالانت في تصريحات أدلى بها، اليوم "فيما يتعلق بالأهداف؛ فقد تم تحقيق أهداف العملية بالكامل"، مضيفًا أنه "ابتداءً من صباح اليوم، بات للجيش الإسرائيلي والشاباك (جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ)، حرية العمل في جنين".
وتابع: "خلال الـ 48ساعة الماضية، ألحقنا أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية للإنتاج الإرهابيّ، ودمّرنا مصنعه في جنين"، على حدّ وصفه.
وأضاف "تحققت المفاجأة بفضل هجوم جوي مفاجئ... وتركيز كبير لقوّات عالية الجودة، جاءت من اتجاهات مختلفة في الوقت ذاته، ومرافقة جوية"..
وأوضح المسؤول الإسرائيلي أن عملية جنين أتاحت للقوات الإسرائيلية القدرة على استخدام "قوات أصغر" في المخيم، يمكنها التحرك في أزقة جنين، وتنفيذ مهمتها، مضيفًا "حيث كان من المستحيل القيام بذلك من قبل، بكتيبة ولواء فقط".
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد توعّد، في وقت سابق، الثلاثاء، بمواصلة العدوان على مدينة جنين ومخيمها، والقضاء على عناصر المقاومة الفلسطينية هناك، مشددًا على أن العملية الواسعة في جنين "ليست لمرة واحدة".
جريمة حرب
واعتبرت المقررة الخاصة من الأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، العملية العسكرية التي شنها الاحتلال الإسرائيلي جوًا وبرًا، واستهدفت مخيم جنين للاجئين، "قد تشكل جريمة حرب".
قالت ألبانيز في بيان أوردته، الأربعاء، إن "الضربات الجوية والعمليات البرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة التي استهدفت مخيم جنين للاجئين، وقتل ما لا يقل عن 12 فلسطينيًا قد تشكل جريمة حرب".
وشددت الخبيرة الأممية، على أن الانتهاكات التي خلفها العدوان الإسرائيلي من أعمال قتل وإصابة للسكان وتشريد الآلاف بشكل تعسفي ترقى إلى مستوى "الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي ومعايير استخدام القوة".
وأضافت أن "الهجمات كانت الأعنف في الضفة الغربية منذ تدمير مخيم جنين عام 2002".
عقاب جماعي
وقالت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان، إن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على مدار يومين في جنين" تشكل عقابًا جماعيًا للسكان الفلسطينيين، الذين وصفتهم السلطات الإسرائيلية بأنهم "تهديد أمني جماعي".
وأكدت الخبيرة الأممية أن "الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة هم أشخاص محميون بموجب القانون الدولي، ومكفول لهم جميع حقوق الإنسان بما في ذلك افتراض البراءة".
ورفضت نهج الاحتلال في التعامل مع الفلسطينيين والكيل بمكيالين، قالت "لا يمكن أن تعاملهم على أنهم تهديد للأمن الجماعي من سلطة الاحتلال، خاصة في الوقت الذي تتقدم فيه بضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتشريد سكانها الفلسطينيين وسلبهم منازلهم".
دمار ممنهج
وكشفت السلطات المحلية في جنين، يوم الأربعاء، عن حجم خسائر ودمار فاق التوقعات لحق بالمدينة والمخيم، على أثر العملية العسكرية التي شنها الاحتلال على مدار اليومين الماضيين، ووصفته بأنه على مايبدو "دمارًا ممنهجًا".
وقال رئيس بلدية جنين، نضال عبيدي، إن حجم الخسائر يفوق التوقعات، وأن الخسارة الكبرى هي خسارة الأرواح والشهداء، مضيفًا أن قوات الاحتلال خلفت دمارًا ممنهجًا بالمخيم.
من جانبه، قال أكرم الرجوب، محافظ جنين، إنّ جرافات الاحتلال الإسرائيلي دمرت كل البنى التحتية في المخيم.
وأكد "الرجوب" في تصريحات صحفية أدلى بها "للقاهرة الإخبارية" في وقت سابق، أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي هجّرت حوالي 3 آلاف مواطن خارج منازلهم.
وأكد محافظ جنين أنّ إسرائيل تقود حربًا لإلغاء فلسطين من عقول أبنائهم، وأن سلطة الاحتلال لن تتوقف عن الاعتداءات، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني وأهالي جنين لن يرفعوا الراية البيضاء.