شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، إذ تجاوزت درجات الحرارة المعدلات الطبيعية بشكل كبير، كما تعرضت عدة مناطق في البلاد لموجات حر شديدة، بتجاوز درجات الحرارة فيها إلى 46 درجة مئوية، ما أثار قلقًا كبيرًا وزاد من التوترات المتعلقة بتغيرات المناخ، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وهذا الارتفاع القياسي في درجات الحرارة له تأثيرات كبيرة على البلاد، ويشهد سكان بعض الولايات تدهورًا في الأحوال الجوية وتأثيرات سلبية على الصحة والبيئة، ويؤدي الارتفاع الشديد في درجات الحرارة إلى ارتفاع معدلات الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري، ما يعرض السكان إلى مخاطر صحية جسيمة، بالإضافة إلى ذلك، يسبب هذا الارتفاع في درجات الحرارة تجفيف المصادر المائية، ويتسبب في نقص المياه والجفاف في المناطق المتأثرة، ما يؤثر على الزراعة والحياة البرية والنظم البيئية.
جحيم مشتعل
كانت معظم الولايات المتحدة، الأربعاء الماضي، كأنها جحيم مشتعل، إذ هاجمت درجات حرارة قياسية ولايات الجنوب، علاوة على دخان كثيف بسبب حرائق الغابات الكندية غطى منطقة البحيرات العظمى، ونقلت الصحيفة عن علماء أرصاد قولهم إن تغير المناخ ساعد في تشكيل الأحوال الجوية، التي تسببت في تعريض الأرواح للخطر من المكسيك إلى كندا، فإذ لم يكن الجو مشوبًا بالدخان الكثيف، يكون شديد الحرارة، بحسب الصحيفة الأمريكية.
أعلى درجة حرارة و9 وفيات
ونقلت الصحيفة عن فيكتور تريفينيو، رئيس بلدية مدينة لاريدو، بولاية تكساس، التي سجلت درجات حرارة بلغت 46 درجة، الأسبوع الماضي، تعد أعلى درجة مسجلة للبلدة: "يقول الجميع إننا اعتدنا على ارتفاع درجات الحرارة، ولكن ليس إلى هذه الدرجة"، بينما قالت كورين ستيرن، المسؤولة عن الإدارة الطبية في مقاطعة ويب، إن هناك 9 حالات وفاة مرتبطة بالحرارة.
حرارة الجو ودخان الغابات
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن سكان مدينة لاريدو، وأماكن أخرى في الجنوب، فوجئوا بارتفاع درجات الحرارة، مع تلوث معظم أنحاء البلاد بكمية غير متوقعة من دخان حرائق الغابات الكثيفة في كندا، كما أصدرت السلطات تنبيهات بشأن جودة الهواء المتعلقة بالدخان في نحو 17 ولاية، إذ يتعرض ما يقرب من ثلث سكان الولايات المتحدة إلى الدخان، حيث كانت ديترويت وشيكاغو ومينيابوليس، من بين المدن التي شهدت أسوأ جودة هواء في العالم.
بيئة مناخية متدهورة
ونقلت الصحيفة عن أليس هيل، الزميلة البارزة للطاقة والبيئة في مجلس العلاقات الخارجية: "نشهد مناخًا لم يكن موجودًا من قبل، ونحن ببساطة لا نملك ما نحتاجه للتعامل مع بيئة مناخية متدهورة، ونتخلف بشدة في القرارات الخاصة باستخدام الأراضي، وقوانين البناء، ونوع التغييرات التي من شأنها أن تجعلنا أكثر أمانًا في عالم ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل كبير".
توقعات بزيادة الظواهر المناخية المتطرفة
وأوضحت الصحيفة أنه من المرجح أن تزداد مثل هذه الظواهر المتطرفة سوءًا في السنوات المقبلة، لكن الكونجرس الذي يعاني الجمود ليس لديه خطط لاتخاذ إجراءات بشأن المناخ بعد قانون خفض التضخم، الذي تم إقراره العام الماضي، وهذا يترك بذل المزيد من الجهود للولايات، إذ تتباين الأساليب بشكل كبير، وتحركت بعض الولايات الليبرالية، ولا سيما ولاية كاليفورنيا، بقوة لتمرير تشريعات بشأن المناخ، في حين أن الولايات المحافظة مثل تكساس لم تتخذ سوى القليل من الإجراءات أو لم تتخذ أي إجراء على الإطلاق.
وتشير التقارير العلمية إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في الولايات المتحدة ودول أخرى، نتيجة لتغيرات المناخ العالمي، ويعزو العلماء هذه الزيادة في الحرارة إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتأثيرات النشاط البشري على المناخ، ويتطلب هذا الارتفاع القياسي إجراءات عاجلة للتصدي للتغيرات المناخية والحد من تأثيراتها السلبية على البشر والبيئة.