احتضنت العاصمة البريطانية لندن، على مدار يومين، فعاليات مؤتمر دولي لبحث إنعاش أوكرانيا وإعادة إعمارها.
شارك في مؤتمر دعم أوكرانيا بلندن، ممثلون عن 60 دولة، ومئات الشركات حول العالم، وقد تم الاتفاق على تقديم مليارات الدولارات لتنفيذ هذه المهمة الضخمة.
وقدر رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شيمهال، الدعم الغربي الذي سخر لبلاده عبر "مؤتمر لندن" بنحو 7 مليارات دولار، معظمها من الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة.
وقررت الولايات المتحدة تقديم مساعدات إضافية لكييف بأكثر من 1.3 مليار دولار، فيما تعهدت حكومة بريطانيا بحزمة دعم "متعددة السنوات" بقيمة 3 مليارات دولار.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فهو يملك برنامج دعم بعشرات مليارات الدولارات تنفق على مدار سنوات لإنعاش أوكرانيا وإعادة إعمارها.
تحديات أمام صرف الأموال
لكن تحديات حقيقية تواجه صرف كل هذه الأموال قبل انتهاء الحرب، وعلى رأسها غياب البنية الإدارية والمالية اللازمة لضمان الوصول إلى الأهداف المرجوة من كل هذا الدعم الغربي السخي إلى كييف.
تقول آنا بيردي، المديرة المنتدبة لشؤون العمليات في "البنك الدولي"، إن أوكرانيا تحتاج إلى 14 مليار دولار هذا العام وحده من أجل النفقات الأساسية، مثل المعاشات والرعاية الصحية، إضافة إلى تمويل الإصلاحات العاجلة التي تحتاجها البنية التحتية مثل الطرق ونظام الطاقة، التي تعتبر حاسمة بالنسبة لاقتصاد البلاد المنهك بسبب الحرب.
حتى في المليارات السبعة التي تتوقعها كييف هذا العام، هناك صعوبة في إنفاقها واستثمارها بما يتوقع الحلفاء وتقتضي حاجة البلاد.
والسبب لا يكمن في الفساد فقط، بل عدم القدرة على توظيف الأموال وإدارتها بالشكل المطلوب من قبل مؤسسات الدولة، كما يقول رئيس وكالة الدولة الأوكرانية للترميم وتطوير البنية التحتية مصطفى نعيم.
ويوضح المسؤول الأوكراني، أن 2000 موظف يعملون في وكالة الترميم والتطوير، وقد تلقوا طلبات لإعادة إعمار وتأهيل منشآت في الغرب الأوكراني أكثر من الشرق حيث تشتعل المعارك.
ونوه إلى أن بلاده كانت قبل الحرب تعاني فائضًا في المنشآت بقطاعات مختلفة، و"ليس من المجدي الحديث عن إعادة بناء كل شيء".
الشركات تخشى الاستثمار في أوكرانيا
وهناك مشكلة ثانية تواجه مساعي إنعاش أوكرانيا اقتصاديًا، تتمثل بخشية الشركات المحلية والأجنبية من الاستثمار في البلد الأوروبي قبل انتهاء الحرب، إذ ترفض شركات إعادة بناء مقراتها المهدمة خشية عودة القتال لمناطقها.
وقد أطلق "مؤتمر لندن" نقاشًا لوضع خطة تأمين ضد الحرب تشجع الشركات الخاصة والحكومية على الاستثمار في أوكرانيا. لكن لم تتضح تفاصيل هذه الخطة بعد.
استخدام الأموال الروسية المجمدة
وبرزت في مؤتمر دعم أوكرانيا بلندن، مشكلة أخرى تتعلق بإمكانية استخدام الأصول والأموال الروسية المصادرة في القارة الأوروبية والولايات المتحدة لإعادة أعمار أوكرانيا.
وذكرت وكالة "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية، أن الاتحاد الأوروبي اكتشف أنه لا يستطيع بشكل قانوني، مصادرة كل الأصول الروسية المجمدة التي تصل قيمتها إلى 200 مليار يورو (يورو = 1.1 دولار). وكخيار بديل، يعتزم التكتل التركيز على الاستخدام المؤقت لهذه الأموال والأصول من أجل دعم كييف.
وأقر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، بوجود تحديات في توحيد جهود الغرب على هذا الصعيد. ولكنه أكد أن بلاده وحلفاءها يبحثون في كل السبل القانونية لإجبار روسيا على تحمل تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا وتعويض المتضررين من الحرب. ويبدو أن لندن ستكون أسرع العواصم الغربية في التعامل مع هذه المعضلة وتجاوزها.
وتتسلح الحكومة البريطانية بتشريع جديد أعلن عنه وزير الخارجية جيمس كليفرلي، يسمح لها بمواصلة العقوبات على موسكو إلى حين تعويض الأوكرانيين، ويتيح لها استغلال الأموال الروسية المجمدة في إعادة إعمار أوكرانيا. كما يجبر أي مواطن ومقيم في الدولة على الكشف عن أي أصول وأموال في المملكة المتحدة تتبع لحكومة روسيا.
وهناك تشريع مشابه يدرس في الكونجرس الأمريكي، يسمح لرئيس الولايات المتحدة بتحويل الأموال الروسية المصادرة لدعم أوكرانيا بعد انتهاء الحرب. ويبدو أن هذا التشريع سيتجاوز حدود الولايات المتحدة في تأثيره، ليشمل نحو 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة حول العالم، عبر آلية تعاون دولي من أجل تعويض المتضررين من الحرب.