لم يحقق الهجوم الأوكراني المضاد نتائج ملموسة، حتى الآن، لأسباب تتعلق بالدفاعات الروسية الحصينة، وحقول الألغام التي تحد من تحركات القوات الأوكرانية.
الهجوم المضاد لا يلبي التوقعات الغربية
ونقلت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، عن مسؤولين غربيين، أن الهجوم المضاد الأوكراني في مراحله الأولى، كان أقل نجاحًا وأظهرت القوات الروسية كفاءة أكبر مما توقعته التقييمات الغربية. وذكر أحد المسؤولين أن الهجوم المضاد لا يلبي التوقعات على أي جبهة.
ووفقًا للتقديرات الغربية، أثبتت خطوط الدفاع الروسية أنها محصنة جيدًا، مما يجعل من الصعب على القوات الأوكرانية اختراقها. بالإضافة إلى ذلك، نجحت القوات الروسية في تعطيل الدروع الأوكرانية، بالهجمات الصاروخية والألغام، ونشرت القوات الجوية بشكل أكثر فعالية.
وقال أحد المسؤولين الغربيين، إن القوات الأوكرانية أثبتت أنها "عُرضة" لحقول الألغام، وإن القوات الروسية "مختصة" في الدفاع عنها.
وحذر المسؤولون من أن الهجوم المضاد لا يزال في مراحله الأولى، وأن الولايات المتحدة وحلفاءها "سيظلون متفائلين"، بأن القوات الأوكرانية ستكون قادرة على تحقيق مكاسب على الأرض بمرور الوقت.
ومن المرجح أن تنتظر الولايات المتحدة وحلفاؤها حتى يوليو المقبل على الأقل، لإجراء تقييم أكمل للتقدم المحرز في الهجوم المضاد، الذي تم شنه تدريجيًا خلال الأسابيع القليلة الماضية، ويُنظر إليه على أنه حاسم لتحديد من سينتصر في الحرب.
وقبل الهجوم المضاد بوقت طويل، حذر المسؤولون الغربيون من أن القوات التي تدافع عن الأراضي تحتفظ دائمًا بمزايا كبيرة، بالنظر إلى الأسابيع التي قامت خلالها القوات الروسية بتحصين خطوطها الدفاعية.
وحسب ما نقلت "سي. إن. إن" عن العديد من المسؤولين، كانت الأحوال الجوية السيئة تمثل مشكلة للقوات الأوكرانية. وأوضح أحد المسؤولين: "لقد تسبب الطقس في إحداث فوضى في الجدول الزمني الهجومي حيث عانت المركبات من حركة المرور، والخسائر في الأرواح في أوكرانيا كبيرة ".
وحذر رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميجال، أمس الخميس، من أن الهجوم المضاد لبلاده ضد روسيا "سيستغرق وقتًا".
وأوضح شميجال، على هامش مؤتمر لإعادة إعمار أوكرانيا في لندن، أن "الروس كانوا يتحضرون أيضًا خلال تجهيز كييف لهجومها، وزرعوا الآلاف من حقول الألغام ما أبطأ تحرك قواتنا".
خط سوروفيكين
وساهم "خط سوروفيكين" الروسي المحصن ببحر من الألغام، والمضاد للدبابات في إفشال الهجوم الأوكراني المضاد.
وكانت صحيفة "ديلي ميرور" البريطانية، أطلقت على الدفاعات الروسية اسم "خط سوروفيكين"، مشيرة إلى أن القوات الأوكرانية ستواجه صعوبات بالغة إن حاولت اختراقه.
هذه الخطوط الدفاعية الضخمة أنشأتها روسيا بمعظم جبهات الحرب وخطوط التماس، وهي محاطة ببحر من الألغام وخلقت "مقبرة للدبابات" الغربية.
وحمل الخط الدفاعي الروسي اسم "سيرجي سوروفيكين" القائد السابق للقوات الروسية بأوكرانيا، والذي تم تعيينه في أكتوبر 2022، وإقالته في يناير الماضي، ويطلق عليه "الجنرال أرمجدون".
كما يعرف الخط الدفاعي باسم "أنياب التنين"، وقد منع القوات الأوكرانية من التقدم في جبهات زابوريجيا وخيرسون وماريوبول ونيكولسكي، فضلًا عن لوجانسك أوبلاست، وهولا بريستان، جنوبي خيرسون، وفق معهد دراسات الحرب الأمريكي.
وأقامت موسكو الخط الدفاعي لحماية "الجسر البري" الروسي المؤدي إلى شبه جزيرة القرم. وتم تجهيزه وتحصينه من الخارج بحقول الألغام والخنادق المضادة للدبابات.
وشّكل هذا الخط الدفاعي الروسي عقبة حقيقية وكبيرة أمام آلاف الجنود والمدرعات التي تبخرت فجأة على خط التماس في مواجهة الجيش الروسي، وفقا لوكالة أنباء "نوفستي" الروسية.
والخنادق المدعومة بالألغام، تبطئ تقدم الدبابات والقوات الأوكرانية، وتجبرها على اتخاذ مواقع محددة مسبقا من قبل القوات الروسية، ما يسهل استهدافها، وهو أمر قد يفسر تفحم الدبابات الغربية مثل "ليوبارد 2".
مواصفات الخط الدفاعي
وتصف صحيفة "الوقائع العسكرية" الروسية، الخط الدفاعي بأنه
- يعتمد على شبكة نقل وخدمات لوجستية متطورة ذات محاور وقواعد خلفية.
- تسمح طرقه القصيرة للقوات بنقل الاحتياطيات بسرعة من قطاع إلى آخر دون المساس بالاستعداد القتالي في الجبهات
- مدعوم بمجموعة قوية من المدافع والصواريخ والمدفعية والقوات المحمولة جوًا، ومقاتلات "كا 52" الهجومية المعروفة باسم "التمساح"
- هذه الخطوط الدفاعية الضخمة والمحصنة أنشأتها روسيا بمعظم جبهات الحرب وخطوط التماس على مدار أشهر خلال التجهيز لصد الهجوم الأوكراني، وتم إحاطتها ببحر من الألغام.
- منعت أي اختراق لخطوط الجبهات وإن حدث يتم استهدافه من قبل سلاح الطيران الذي يقوم بدعم القوات البرية وتنفيذ التفافات دائرية وبعدها يعود الوضع القتالي طبيعيا.
- مزج بين نقاط الاستناد والارتكاز والدفاع والهجوم في آن واحد، ما شكل مفاجأة للأوكرانيين وساهم في انهيار معنوياتهم.
- تم تأسيسه بنظام الدفاعات الثابتة والمرنة والمتحركة في آن واحد، ما خلق مرونة للروس في استخدام النيران والإسناد والتحرك في العمق.
وحقق هذا الخط الدفاعي 3 فوائد للقوات الروسية، حيث ساعدها في استهداف عمق الجيش الأوكراني على ثلاثة محاور سواء كانت في مراكزها أو في طريقها للجبهة أو على خطوط التماس دون الكشف عن الأسلوب المعتمد.
شكل حاجزًا منيعًا أمام الأوكرانيين لاختراق الجبهة الروسية لأن إمكانية اختراقه شبه معدومة فهو عبارة عن خطوط متعاقبة تتكيف مع الهجوم وتحتوي أي خرق بطبقتها الأولى.