بسبب سنوات من الصراع يواجه اليمن مجموعة معقدة من التحديات أدت إلى مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي؛ لتشكل أكبر أزمة إنسانية في العالم، هناك أكثر من 14 مليون شخص في حاجة ماسة وأكثر من ثلاثة ملايين نازح منذ عام 2015، وفق الأمم المتحدة.
موقع "قناة القاهرة الإخبارية" أجرى حوارًا مع دكتور حسين جادين، ممثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" في اليمن الذي تحدث عن الأمن الغذائي في اليمن ودعم اللاجئين والنازحين؛ بسبب الصراع بالإضافة إلى تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على استيراد القمح، وكذلك تأثير التغيرات المناخية، وإلى نص الحوار.
ما الدور الذي تقوم به "الفاو" في اليمن لدعم الجهود التنموية؟
تمثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إحدى المنظمات الفنية الأممية التي تعمل منذ السبعينيات، ولديها حاليًا مشاريع تغطي أغلب محافظات الجمهورية اليمنية حيث تقدم المنظمة الدعم الكامل لمزارعي المحاصيل والثروة الحيوانية والرعاة والصيادين إلى جانب إدارة الموارد المائية للمساهمة في تحسين الإنتاجية في البلاد وهدفها القضاء على الجوع وتقديم الدعم الفني للحكومة ممثلة في وزارة الزراعة والوزارات الأخرى ذات العلاقة.
تعمل منظمة الاغذية والزراعة على زيادة الإنتاج الزراعي من خلال دعم وسائل الإنتاج، مثل اتباع الطرق الزراعية الحديثة في الزراعة واستعمال البذور ذات الإنتاجية العالية، إضافة إلى الدعم المؤسسي وبناء القدرات وتقوية وتدعيم المجتمعات الزراعية
وكذلك مكافحة الأمراض عبر توفير اللقاحات للأمراض العابرة للحدود، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الحملات البيطرية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وتطوير نظام الإنذار المبكر لرصد الأمراض والآفات.
وتعمل المنظمة أيضًا على تحسين الإدارة المستدامة للموارد المائية والأراضي باستخدام آليات ونظم حديثة مثل أنظمة الري بالتنقيط وأنظمه تحسين كفاءة المياه واستخدام الأراضي ليس فقط من أجل الحفاظ على الأراضي والمياه من التدهور بل أيضا من أجل زيادة العائد والجودة للمحاصيل الزراعية والأعلاف الحيوانية وتحسين جودة ووفرة مياه الري ومياه الشرب، وكذلك خفض تكاليف الإنتاج وتحسين دخل المزارعين.
ما أهم المشروعات التي تعمل عليها الفاو في اليمن 2023؟
تعتبر الزراعة والثروة السمكية والحيوانية، هي العمود الفقري لسبل العيش في اليمن وأهم قطاع غير نفطي في الاقتصاد، وهي المصدر الرئيسي لدخل وتوظيف الأيدي العاملة بما فيها المرأة الريفية في اليمن.
في عام 2022، وصلت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى قرابة 102,791 أسرة (719,537شخصًا) بمساعدات إنسانية زراعية في اليمن لتمكينهم من حماية سبل عيشهم وتلبية احتياجاتهم الغذائية. فعلى سبيل المثال، وصلت المنظمة إلى 4500 أسرة متضررة في مناطق من البلد كانت معزولة نتيجة الصراع بالإضافة إلى 30 ألف أسرة مربية للماشية استفادت من برامج الرعاية البيطرية، حتى نهاية الربع الأول من 2023، وصلت المنظمة إلى 76952 أسرة (538,664 شخصًا) عبر تدخلات زراعية مختلفة
ماذا عن خطتكم في 2024؟
بالنسبة لخطة المنظمة للعام 2024، فهي تعتبر جزءًا من خطة عمل المنظمة للأعوام 2022 -2024 والتي تهدف إلى تحسين الأمن الغذائي والتغذية وقدرة الفئات السكانية المتضررة في اليمن على الصمود من خلال الحد من تكرار انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية على مستوى الأسرة، وتعزيز قدرة الناس والمجتمعات المحلية والمؤسسات على التكيف.
ولدى المنظمة خطة عمل متوسطة المدى تتركز في ثلاثة محاور رئيسية، وهي: الدعم الطارئ للأسر الريفية وشبه الحضرية الأكثر ضعفًا في المناطق المعرضة لخطر المجاعة، ودعم التعافي وسبل العيش الزراعية والأغذية المستدامة وتحسين تنسيق آليات التخطيط والبرمجة ودعم الأمن الغذائي والتغذية في 22 محافظة يمنية.
يعاني اليمن من أزمات مركبة لها تأثير كبير على الأمن الغذائي فما هي خطة الفاو لتعزيز الأمن الغذائي وسط هذه التحديات؟
التدهور الاقتصادي وتغير المناخ والصراع، كلها عوامل تمثل تحديًا حقيقيًا أمام استقرار الأمن الغذائي في اليمن، ولمواجهة هذا التحديات تعمل المنظمة من خلال الشراكة المباشرة مع الحكومة اليمنية والجهات المعنية في محاولة للوصول إلى الأهداف المحددة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وتسعى "الفاو" مع بقية منظمات الأمم المتحدة إلى ضمان الاستمرارية في تقديم المساعدة الإنسانية الطارئة للفئات الضعيفة للمساعدة في تكييفها مع تأثير الصراع الممتد لسنوات وأيضًا جائحة كورونا والتغير المناخي.
وماذا عن تأثير الحرب الأوكرانية وأثر ارتفاع الأسعار على خطة عملكم؟
اليمن يستورد 85% من الغذاء 90% منها من القمح، اليمن يستورد 30% من القمح من أوكرانيا، ومن روسيا تستورد 50%، طبعًا هذا ينعكس سلبًا على الأمن الغذائي في البلد المنهك، بسبب الصراع وغيرها من العوامل.
وإذا نظرنا إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية وأسعار البترول والوقود بصورة خاصة في اليمن فله تأثير كبير جدًا على ازدياد انعدام الأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الضرورية للمتضررين.
التغيرات المناخية أحد أهم تحديات هذا العصر فكيف تواجه الفاو ذلك في دولة تُعاني الكثير مثل اليمن؟
يمثل تغير المناخ ضغطًا حاليًا ومتزايدًا على قطاع الزراعة، حيث يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن، مما يؤدي إلى تفاقم التحديات الحالية ويؤثر سلبًا على جميع أبعاد الأمن الغذائي الأربعة: توافر الغذاء والوصول إليه واستقراره واستخدامه.
فالتغيرات في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار تؤثر سلبًا على غلال المحاصيل مما يؤدي إلى انخفاض في توافر الأغذية، وعادة ما يؤدي انخفاض الغلال إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وإلى انخفاض إيرادات سبل العيش الزراعية وكلاهما يؤدي إلى تقليل فرص حصول الأسر المتضررة على الغذاء.
نتيجة لهذه الظروف وغيرها التي تعيشها اليمن، فقد عملت منظمة الفاو بالتعاون مع المانحين على التخفيف من التأثيرات التي تسببها التغيرات المناخية في عدة مجالات للتقليل من الخسائر الاقتصادية والخسائر التي تحصل على الأرواح والممتلكات والبنية التحتية، وذلك من خلال الآتي:
أولًا في مجال الإنذار المبكر: عبر إنشاء نظام للإنذار المبكر الذي تم إنشاؤه والذي يعتبر الأول في اليمن عبر إنشاء أول محطة بحرية، تركيب محطات الرصد المناخي وصيانة المحطات القائمة، وذلك لضمان تجميع البيانات المناخية وتحليلها وتبادلها مع جميع الجهات ذات العلاقة.
كما دعمت الفاو لتطوير القدرات المؤسسية للجهات العاملة في الرصد ومجال التنبؤات المناخية والرصد للكوارث، حيث تقوم تلك الجهات برصد الحالات الآتية: (الفيضانات، درجات الحرارة، والبرودة أو الصقيع، انتشار الغبار، والجراد الصحراوي) ومن خلال التنبؤات تقوم الجهات ذات العلاقة بإصدار الرسائل التحذيرية والإنذارات عبر نظام الإنذار المبكر، إذ تستخدم وسائل الإعلام المختلفة وقنوات التلفزيون والإذاعات ووسائل التواصل الاجتماعي لضمان وصولها إلى شريحة كبيرة من المواطنين والمزارعين.
ثانيًا في مجال البنية التحتية المائية: تقوم الفاو بالاستجابة للتغيرات المناخية والعمل على التخفيف من تأثيراتها والعمل على تكييف المجتمع مع تلك التغيرات، وذلك من خلال صيانة وإعادة تأهيل منشآت الري المختلفة ومساعدة المجتمعات المحلية على حماية الأراضي الزراعية من الانجرافات التي تسببها الفيضانات والسيول الجارفة، كما تعمل المنظمة على نشر تقنيات الري الحديث إلى جانب تعزيز الممارسات الزراعية الجيدة.
كما تعمل المنظمة على بناء بنوك للبذور المحلية في مختلف المحافظات، حيث تسهم تلك البنوك في توفير البذور الأكثر مقاومة للظروف المناخية.
كما تقوم المنظمة بتشجيع الزراعة المنزلية لتوفير الغذاء على مستوى المنزل من خلال توفير البذور والمعدات الزراعية وشبكات الري للنساء وربات البيوت.
وفي مجال الإنتاج الحيواني: تقوم المنظمة بحملات التحصين لمختلف الحيوانات التي تلعب دورًا مهمًا في الثروة الحيوانية وتوفير الغذاء، كما تعمل المنظمة على تخفيف آثار التغيرات المناخية في قطاع الإنتاج السمكي.
ماذا عن اهتمام المنظمة بالمرأة اليمنية؟
تلعب المرأة دروًا رئيسيًا في قطاع الزراعة خاصة في الريف اليمني، حيث تمثل 60 في المائة من العمالة في زراعة المحاصيل و90 في المائة في تربية الماشية و10 في المائة من الأيدي العاملة المأجورة.
وفقًا للتقييم الذي أجرته منظمة الأغذية والزراعة في عام 2018، وجد أن النساء مسؤولات عن تربية الدواجن وأعمال إعادة التموين في 65% من الأسر التي شملها التقييم في سبع محافظات، وهي الحديدة وتعز وحجة وصعدة ولحج وأبين وشبوة.
فيما أظهرت المرأة اليمنية قدرة كبيرة على حل النزاعات، مما أدى إلى وجود مشاريع مثل "تعزيز دور المرأة في بناء السلام من خلال إدارة الموارد الطبيعية".
كما يتم تعزيز مشاركتهن في آليات حل النزاعات على مستوى المجتمعات المحلية. ويزداد الاعتماد الاقتصادي على الذات ويتحسن التماسك الاجتماعي في المشروع.
ماذا عن برامج "الفاو" لدعم اللاجئين والنازحين في اليمن؟
استهدفت منظمة الفاو منذ عام 2015م ما يزيد على 9 ملايين شخص من خلال عدد من التدخلات لتعزيز قدرات الإنتاج الغذائي وتنويع الدخل وسبل العيش للأسر الضعيفة والنازحة في المجتمعات الريفية المستضيفة من خلال توفير مدخلات وخدمات سبل العيش الزراعية الطارئة، ومن أهم هذه التدخلات تزويد الأسر المتضررة بمدخلات إنتاجية طارئة للمحاصيل وتحسين إدارة مصايد الأسماك الصغيرة والتحويلات القائمة على النقد لإعادة تأهيل البنية التحتية الريفية وتحصين ومعالجة الثروة الحيوانية.انضم الدكتور جادين إلى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في عام 2006 كمنسق خاص بالمياه لمشروع إدارة معلومات المياه والأراضي في الصومال (SWALIM) في نيروبي، كينيا، حيث استمر لأكثر من عشر سنوات وقد تقلد خلال الفترة 2013 – 2016 منصب كبير المستشارين الفنيين لمشروع SWALIMالتابع لمنظمة الأغذية والزراعة وخلال الفترة من 2016 إلى 2019 عمل كممثل لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في جمهورية مصر العربية.