نشأ الموسيقار المصري عمر خيرت في أسرة مهتمة بالفن والموسيقى، كانت سببًا في حبه لهذا العالم في وقت مبكر، تحديدًا منذ كان عمره خمس سنوات، فجده محمود خيرت، كان رسامًا وموسيقيًا وأديبًا، ولديه صالون دائم يجتمع فيه نجوم العصر، حتى أن أول لقاء بين أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب كان هناك، فيما كان والده يحب العزف، على البيانو، رغم أنه مهندس معماري وكان ملتزمًا جدًا بالشكل الكلاسيكي.
ومن خلال هذه البيئة التي تواجد فيها الموسيقار الكبير تشكلت ملامح شخصيته الفنية التي اختار أن يعبر عنها من خلال آلة البيانو التي ارتبط بها وتوحد معها؛ ليقدم إبداعًا موسيقيًا خالصًا، تلك الآلة التي تمسك بها حتى وإن دخلت "آلة الدرامز" منافسًا لها في بعض الأحيان، لكنه يعود مرة أخرى لها.
تلك المسيرة الحافلة بالأعمال لا يمكن أن يطويها التاريخ دون أن يسجل اسم عمر خيرت بحروف من ذهب، ومسيرة استحق عليها أن يُكرم اليوم من قصر السينما برئاسة الفنان تامر عبد المنعم، سبق التكريم فيلم تسجيلي رصد فيه مقاطع من أهم حفلات عمر خيرت في الوطن العربي، ومقاطع من مسيرته الفنية، بالإضافة إلى إبراز المواهب الشابة التي اكتشفها مثل عازفة الماريمبا، نسمة عبد العزيز.
تسلّم الموسيقار عمر خيرت تكريمه من تامر عبد المنعم المسئول عن قصر السينما، وبعدها انطلقت ندوة يحكي فيها عن تاريخه ومشواره أدارها الناقد المصري طارق الشناوي.
عمر خيرت الذي نشأ في السيدة زينب وتحديدًا في 30 شارع خيرت، حكى عن تأثير شقيقه أبو بكر خيرت في مشواره الفني، مؤكدًا أنه مثله الأعلى، إذ قال: "أبو بكر هو مؤسس معهد الكونسرفتوار، وكان مهندسًا معماريًا محترفًا، والأول على دفعته، كما أنه ألّف سيمفونيات رغم أنها لا تعود بأموال على صاحبها، ولولا وجود الأمراء الذين كانوا يتبنون الموسيقيين لم يكن هناك موسيقى، وقد درست الموسيقى في أول دفعة في الكونسرفتوار، وله الفضل في وجود هذا المبني الذي أخرج كبار الموسيقيين، وأشكر التأليف الموسيقي والسينما أنها جعلتني قادرًا على أن أصرف منها على التسجيلات والموسيقيين وكل ما أحصل عليه كنت أصرفه على تسجيل الموسيقى.
وتابع عمر خيرت: بعد وفاة شقيقي أبو بكر خيرت كان لدي تمرد على الكلاسيكية والأعمال القديمة واستفدت منها لمدة 4 سنين في حياتي وعزفت درامز في فرقة le petit chats رغم أنني عازف بيانو، وكان الجميع يتعجب أنني قادر على عزفه، وكنت أكسب وأنا عمري 14 عامًا.
فيلم "ليلة القبض على فاطمة" يعد أبرز العلامات الموسيقية في تاريخ عمر خيرت ويحكي عن تقديمه لموسيقى العمل ويقول: "يعود الفضل للسيدة فاتن حمامة، فهي من اختارتني لتقديم الموسيقى التصويرية للعمل، وكنت أهاب الأمر في البداية، ولم أكن أعلم أن تلك المقطوعة هي باب السعد بالنسبة لي، وقدمتها من أول مرة".
ويضيف عمر خيرت أنه ليس لديه طقوس في تنفيذ أعماله، إذ يقول: "أصبح في متناول يدي أن اختار أعمالي منذ البدايات ولم أشترك في عملين في وقت واحد سوى مرة واحدة هما الخواجة عبد القادر وفرقة ناجي عطاالله، فكل الفكرة أنني أنظر للسيناريو وتفاصيل العمل وأقيس بالوقت كل التفاصيل التي أحتاجها، أما الأمر الآن فأصبح أسهل، وواجهت مشكلة في التعامل مع المسلسل على أنه فيلم سينمائي وأضع موسيقى كل حلقة على أنها حالة متفردة".
وعن العمل الذي يمثل تحديًا له قال: "دورة الألعاب العربية عمل أعتز به جدًا، وتم تسجيله في لندن مع أوركسترا لندن في الهارموني، وعزف معي أكثر من 120 عازفًا موسيقيًا حملت، روح مصر".
البيانو كان آلة متواجدة في القصور واستطاع عمر خيرت أن يخرجها إلى الجمهور وعن ذلك قال: "البيانو يعد أبو الآلات وقديمًا كان ضمن منقولات العروسة، فهو آلة مهمة وأنا منذ كنت صغيرًا وأنا مُتعلق بهذه الآلة وكان لدى شغف أن يستمع كل الناس إلى ما يخرج من هذه الآلة".
وأكد الموسيقار عمر خيرت أن له بصمة موسيقية في أعماله الفنية، وأن علينا الوصول إلى العالمية؛ لأن الموسيقى لغة كل الشعوب وعلينا أن نواكب التطور دائمًا، إذ يقول: "أؤمن أن تكون هناك موسيقى خالصة دون كلمات، من أجل مواكبة ما يحدث في العالم كله".