الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

في ظاهرة هي الأولى بالبيت الأبيض.. الحرب الأوكرانية تشعل الخلافات داخل الإدارة الأمريكية

  • مشاركة :
post-title
خلافات بين إدارة بايدن حول مسار الحرب في أوكرانيا

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

كشفت تقارير أمريكية أن الخلافات بدأت تدُب داخل الإدارة الأمريكية على أعلى المستويات، حول مسار الأزمة الأوكرانية، في ظاهرة هي الأولى داخل البيت الأبيض، الذي يقود تحالفًا غربيًا متشددًا ضد روسيا، منذ بداية الحرب في 24 فبراير الماضي.

رئيس الأركان الأمريكي يدعم الدبلوماسية لإنهاء الحرب

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مارك ميلي، أبدى خلال اجتماعات داخلية، دعمه المساعي الدبلوماسية لإنهاء الحرب، والضغط على أوكرانيا لتعزيز مكاسبها على أرض المعركة من خلال التفاوض مع الروس.

وبحسب "نيويورك تايمز"، برز الجنرال ميلي كأحد أكثر الداعمين للحل السياسي خلال نقاشات البيت الأبيض، ودافع عن رؤيته موضحاً أن هدوء القتال المتوقع في الأشهر المقبلة مع قدوم الشتاء يمثل فرصة للمحادثات بين طرفي الحرب. 

وحذر "ميلي" من أن صور الأقمار الاصطناعية تُظهر أن الروس يحفرون الخنادق، ويؤسسون لخطوط ثابتة، بمعظم الأراضي التي سيطروا عليها استعداداً لفصل الشتاء، ما يعكس أن الانسحاب الروسي من خيرسون، إحدى المدن الأوكرانية الأربع التي احتفل فلاديمير بوتين بضمها، كان تكتيكاً لإقامة موقف دفاعي أقوى.

لكن مقاربة كبير الجنرالات الأمريكيين لإنهاء الحرب لم تلق تأييداً لدى مستشاري الرئيس جو بايدن، الذين يروّن أن الجانبين غير مستعدين للتفاوض، وأن توقف القتال سيمنح الرئيس الروسي فرصة لإعادة تنظيم صفوفه. ولا يرى مساعدو الرئيس الأمريكي ترددهم حيال المفاوضات متعارضاً مع دعمهم المعلن لإنهاء الحرب عبر القنوات الدبلوماسية، فهم يقولون إن الحرب ستنتهي في نهاية المطاف عبر المفاوضات، إلا أن اللحظة لم تحن بعد، ولذلك يجب ألا تظهر الولايات المتحدة وكأنها تضغط على الأوكرانيين للتراجع.

وتجنب "ميلي" الإعلان عن آرائه حتى لا يظهر وكأنه يُضعِف موقف الحكومة الأوكرانية التي ترفض المفاوضات قبل تحرير أراضيها من القوات الروسية، إلا أن آراءه لم تبق حبيسة الغرف المغلقة في البيت الأبيض، إذ خرج الخلاف بين أجنحة الحكومة الأمريكية إلى العلن في الأيام الماضية، بعد أن أطل الجنرال المخضرم من نيويورك الأربعاء الماضي، وقال: "اغتنموا اللحظة"، في إشارة إلى الانتصارات العسكرية الأوكرانية والانتكاسات الروسية المتتابعة بعد قرابة تسعة أشهر من اندلاع الحرب بين البلدين.

وأتبع "ميلي" دعوته للتفاوض بين الأوكرانيين والروس بالتأكيد أن القتال وصل إلى طريق مسدود. وأوضح في مقابلة يوم الخميس الماضي على قناة "سي إن بي سي" أن ما يحمله المستقبل مجهول، ولا يمكن التنبؤ به، إلا أن هناك فرصاً للتوصل إلى حلول دبلوماسية للصراع.

واستشهد "ميلي" خلال خطابه في النادي الاقتصادي في نيويورك بالحرب العالمية الأولى، عندما انخرط الطرفان في حرب خنادق امتدت لسنوات، قُتل خلالها الملايين من الضحايا من دون تغيير كبير على الأرض. 

ووصف مسئولون أمريكيون وجهة نظر الجنرال، وقالوا "إن الهدف ليس مكافأة بوتين، لكن ربما يكون هذا هو الوقت الذي يمكن فيه لأوكرانيا وحلفائها العمل على حل سياسي، لأن الحل العسكري قد لا يكون ممكناً في المستقبل القريب".

سوليفان يرفض الضغط على أوكرانيا للتفاوض

رغم أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، عقد محادثات سرية مع كبار مساعدي الرئيس الروسي لاحتواء الأزمة بحسب تقارير أخيرة، فإن كبار مساعدي الرئيس الأمريكي ومنهم "سوليفان" لا يبدو عليهم الرغبة في الضغط على كييف. 

وقال سوليفان في وقت سابق إن "الولايات المتحدة لا تمارس ضغوطاً على أوكرانيا"، مشيراً إلى أن ما تفعله بلاده هو التشاور معها كشركاء، وإظهار الدعم لكييف ليس عبر الخطابات العامة فحسب، ولكن من خلال الدعم الملموس كالمساعدات العسكرية.

وذكرت "نيويورك تايمز" أن زيارة سوليفان إلى كييف الأسبوع الماضي، تركت لدى البعض انطباعًا أن إدارة بايدن حاولت حثّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على إظهار استعداده للتفاوض، لكن المسئولين الأمريكيين نفوا ذلك، مشيرين إلى أنه في نهاية الاجتماع اكتفى سوليفان بدعوة الرئيس الأوكراني إلى التفكير فيما قد يبدو عليه "السلام العادل" بين طرفي الحرب عندما يحين الوقت للمفاوضات.

ويرى سوليفان بحسب "نيويورك تايمز" أنه لو دفعت الولايات المتحدة أوكرانيا إلى التفاوض في هذه المرحلة، فإن ذلك سيرسل رسالة إلى بوتين مفادها أن "كل ما عليه فعله هو إطالة أمد الحرب قليلاً، وفي النهاية سيقوم الأمريكيون بعمله نيابة عنه".

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن، الأربعاء الماضي، عندما أجاب عن سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن على أوكرانيا الدخول في مفاوضات مع روسيا، قائلاً إن إدارته لا تزال تنظر فيما إذا كانت تستطيع الفصل في مسألة استعداد أوكرانيا للتسوية مع روسيا من عدمه. 

ولدى سؤاله عما إذا كان يقترح على أوكرانيا التنازل عن بعض أراضيها، سارع "بايدن" بالرفض، قائلاً إن الأمر متروك للأوكرانيين. وأكد أن واشنطن لن تُمليَ عليهم ما يتعين عليهم فعله.

غموض حول موقف واشنطن من المفاوضات بين الروس والأوكرانيين

وقالت " نيويورك تايمز" إن الخلاف الحالي داخل الحكومة الأمريكية يزيد الغموض حول موقف واشنطن من المفاوضات بين الروس والأوكرانيين، وسط رسائل واشنطن المتضاربة بين تأكيدها الحل السلمي، ونفيها ممارسة أي ضغوط على أوكرانيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وفيما تطفو الخلافات داخل الحكومة الأمريكية إلى السطح، قال مسئولون أمريكيون إن بايدن وسوليفان، لا يشاركان رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مقاربته لحل الحرب بين موسكو وكييف، مبررين ذلك بعدم إظهار بوتين استعداده للتفاوض، إضافة إلى النجاح الأوكراني في ساحة المعركة الذي جعل الأوكرانيين مترددين في شأن التفاوض على التخلي عن أراضيهم.

ومع ذلك، يرى تشارلز كوبشان الأستاذ بجامعة "جورج تاون"، مستشار باراك أوباما للشئون الأوروبية سابقاً، أن رسائل إدارة بايدن المتضاربة تدل على أنها تختبر إمكانية إدخال الدبلوماسية في نهجها، من دون أن تُملي على الأوكرانيين ما يجب فعله. ووصف المرحلة الحالية "إنها تجهيز للطاولة، لا الجلوس إليها".

في المقابل، ينتقد مراقبون ومسئولون سابقون المطالب المتزايدة بإجراء محادثات بين موسكو وكييف، إذ يرفض بعضهم المراهنة على فشل أوكرانيا في استعادة مزيد من أراضيها من الروس. وحث دانييل فرايد -دبلوماسي أمريكي سابق يعمل حاليًا في المجلس الأطلسي- الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين على عدم الاستعجال في منع أوكرانيا من تحقيق مزيد من الانتصارات العسكرية، من خلال الإصرار على وقف إطلاق النار أو عبر الافتراض أن تحرير أوكرانيا لدونباس أو حتى شبه جزيرة القرم مستحيل.