تحذيرات عدة أطلقها قادة العالم وخبراء المناخ مرارًا، خوفًا من تأثيرات ارتفاع حرارة كوكب الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إنه بالوصول إلى هذه الدرجة ستصبح تأثيرات المناخ ضارة بشكل متزايد بالنسبة لكل الكائنات، ورغم ذلك خرج جون كيري، المبعوث الأمريكي للمناخ، ليؤكد أن بعض الدول القليلة تعارض الإشارة لهدف عالمي للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 في المئة، في الوثيقة الرسمية لقمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ "cop 27"، المنعقدة حاليًا في مصر.
وقال ردًا على سؤال بشأن معارضة بعض الحكومات لهذا الهدف: "أنتم محقون تمامًا، هناك عدد قليل جدًا من الدول، القليل منها، التي أثارت قضية عدم ذكر هذه الكلمة أو تلك، لكن الحقيقة هي أنه تم تبنيها في جلاسكو، وأنا أعلم أن مصر لا تعتزم أن تكون الدولة التي استضافت انتكاسة لما تحقق بجلاسكو"، في إشارة إلى مؤتمر المناخ الذي عُقد في إسكتلندا العام الماضي.
ما أهمية ضمان عدم تجاوز درجة حرارة الأرض 1.5 في المئة، وما التأثيرت حال تجاوز تلك الدرجة؟
في 2015، وتحديدًا بفرنسا، اتفقت حكومات العالم على السعي للحد من متوسط ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، تحت مسمى "اتفاق باريس"، وهو ما مثل إنجازًا هائلًا في الطموح الدولي لمكافحة تغير المناخ، لأن تجاوز هذا الحد من شأنه أن يطلق العنان لتداعيات ستكون الأسوأ للاحتباس الحراري.
بدأت شرارة الارتفاع التدريجي لانبعاث غازا الارتفاع الحراري، في القرن الثامن عشر، وتحديدًا عندما بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا، ثم انتشرت حول دول العالم، ووفقًا لدراسات مختلفة بدأت إشارات تغير المناخ في الظهور عالميًا منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، لكن لماذا تحديدًا حدد العلماء مستوى 1.5 درجة مئوية تزيد على درجات حرارة المناخ في عصر ما قبل الصناعة؟
في عام 2015، كشف تقرير نفذه خبراء وعلماء متخصصون في المناخ، أنه في بعض المناطق والنظم البيئية الضعيفة، من المتوقع حدوث مخاطر عالية حتى بالنسبة للاحترار فوق 1.5 درجة مئوية، وأن الدول عليها أن تضع حدًا لدرجة الحرارة وأن يكون هناك هدف عالمي طويل الأجل باعتباره "خط دفاع"، وهو التقرير شجع الدول في مؤتمر الأطراف بباريس على وضع 1.5 درجة مئوية كهدف حتمي لحماية جميع الدول.
أين نحن الآن؟
كشفت دراسة نشرتها مجلة "نيتشر"؛ دورية علمية أسبوعية بريطانية تصدر بالإنجليزية، وتعتبر من أبرز الدوريات العلمية في العالم، وصول الاحترار الناجم عن النشاط الإنساني بالفعل إلى نحو 1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وخلصت إلى أنه إذا استمر المعدل كما هو فسيصل العالم إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض التي يسببها الإنسان بمقدار 1.5 درجة مئوية عام 2040، وبالتالي ستكون المهمة شاقة على الدول في ظل تغيرات سريعة تحتم خطوات جادة كي تتخلص الدول من عادتها الكربونية.
ويتعين على دول العالم، وفقًا للمعطيات العلمية، الحد من الانبعاثات الكربونية، بنسبة 49 في المئة على الأقل من مستويات عام 2017 بحلول عام 2030، والوصول إلى تحقيق الحياد الكربوني عام 2050 لتحقيق هذا الهدف، في ظل التحذير من إمكان أن يتم اختراق حاجز 1.5 درجة مئوية في وقت ما بين 2030 و2052، إذا استمر الاحترار العالمي بمعدله الحالي.
ماذا يحدث إذا تجاوزنا عتبة 1.5 درجة مئوية؟
بحسب الأمم المتحدة، هذه الزيادة في الحرارة تمثل النقطة التي يعقبها بعض التأثيرات المناخية الأشد تطرفًا، أي أنها النقطة التي يمكن أن نرى فيها العديد من الأنظمة الطبيعية تبدأ في عبور نقاط اللا عودة الخطيرة، مما يؤدي إلى إحداث تغييرات دائمة، وأفاد الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ "IPCC"، بأنه إذا وصل الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة، فستزداد درجات الحرارة الأكثر سخونة وستزداد درجة حرارة العديد من الأماكن "أكثر" بشكل خطير.
وفقًا للتقرير الأول من التقييم السادس، الصادر عن فريق الأمم المتحدة الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، في أغسطس 2021، تسبب ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.1 درجة مئوية، زادت الموجات شديدة الحرارة التي كانت تحدث مرتين في القرن فحسب، خمسة أضعاف، وأصبحت تحدث مرة كل 10 سنوات.
وأوضح التقرير أنه حال ارتفاع درجات الحرارة درجتين مئويتين، ستتكرر الموجات شديدة الحرارة بوتيرة أسرع، وتصل 14 ضعفًا، أي أنها ستحدث 28 مرة في القرن بدلًا من مرتين فقط، بشكل أكثر حدة، كما أن ذلك يعني فقدان 99 في المئة من الشعاب المرجانية، التي تدعم سلاسل الأغذية البحرية بأكملها في المحيطات، إضافة إلى ذوبان الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية للأبد.
ويعني ذوبان الغطاء الجليدي، ارتفاع مستوى سطح البحر 5 أمتار، وهو ما يكفي لإغراق أجزاء كبيرة من أغلب المدن الساحلية في جميع أنحاء العالم، ولهذا حدد العلماء مستوى 1.5 درجة مئوية، لأن تجاوز هذا المستوى يعني أنه سيكون من الصعب جدًا على البشر احتواء الأزمة أو التكيف مع آثارها.